مديونية اليمن في الحدود الآمنة
أكد اقتصاديون يمنيون أن مديونية اليمن الخارجية لا تزال في الحدود الآمنة بشكل يمكنه من الاقتراض لتنشيط الاقتصاد الذي يعاني من حالة شلل جراء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، في وقت حذر فيه برلمانيون يمنيون الحكومة من مخاطر الديون الخارجية بسبب تراكم فوائدها الآخذة في الارتفاع.
وقال أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة عدن الدكتور محمد حلبوب إن مؤشر الائتمان السيادي الذي تصدره مؤسسة فايننشال تايمز بالاستناد إلى خمس وكالات عالمية للتصنيف الائتماني تشير إلى أن وضع اليمن فيما يتعلق بالديون الخارجية غير خطير ولا زال في الحدود الآمنة.
وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن نسبة الديون الخارجية لليمن إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي تقدر بنحو 21%، وهي نسبة عادية -بحسب وصفه- ولم تصل بعد إلى النسبة 75% التي يمكن معها الخوف من القروض التي تحاول الحكومة الحصول عليها.
وأكد حلبوب أن هذه المؤشرات تتيح للحكومة اليمنية إمكانية استخدام وسائل التمويل الخارجية من أجل إنعاش الاقتصاد الذي أصبح بحاجة ماسة إلى معالجات عاجلة وتنشيط الاستثمار والحد من البطالة التي وصلت في البلاد إلى أرقام تفوق 42%.
وكانت إحصائية صادرة عن البنك المركزي اليمني قالت إن الدين الخارجي لليمن سجل ارتفاعا طفيفا نهاية الشهر الرابع من العام الحالي بنحو ثلاثة ملايين دولار، حيث ارتفع الدين العام لليمن إلى ستة مليارات و109 ملايين دولار في شهر أبريل/نيسان هذا العام مقابل ستة مليارات و106 ملايين دولار في شهر مارس/آذار.
جدل برلماني
وكان البرلمان اليمني شهد خلال جلسة عقدها الخميس الماضي لمناقشة رسالة تقدمت بها الحكومة للبت في اتفاقيات قروض؛ نقاشات حادة وجدلا انقسم على إثره الأعضاء بين مؤيد يرى حاجة اليمن إلى القروض لغرض التنمية في المرحلة الراهنة وبين معارض لها.
وأوضح النائب محمد الحزمي أن الخلاف كان بشأن ست اتفاقيات لقروض جديدة تقدمت بها الحكومة، وقد أحالها مجلس النواب إلى اللجان البرلمانية المختصة لدراستها مع وزيري المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي، بعد اعتراض عدد من النواب عليها.
وقال في تصريح للجزيرة نت "نحن ندرك أن هناك مسؤولية كبيرة لليمن بسبب الحروب والأزمة السياسية الاقتصادية التي تعيشها البلاد، لكننا نحذر من مخاطر أعباء المديونية الخارجية التي تشكل عبئا كبيرا على المجتمع اليمني".
وألمح إلى أن تلك القروض قائمة على الربا ولا يجوز الاستفادة منها، وأن بإمكان الحكومة الاستغناء عنها والاعتماد على مواردها المحلية الذاتية إذا ما قامت بمحاربة الفساد الموجود في مفاصل الدولة ومؤسساتها.
ضرورة ملحة
غير أن محللين اقتصاديين رأوا عدم إمكانية اعتماد الحكومة اليمنية في المرحلة الراهنة على الاقتراض المحلي والموارد الذاتية، وأنه قد يؤثر على انهيار سعر صرف العملة.
وطالب مختصون بضرورة تحسين شروط هذه القروض وتحسين آلية استخدامها، بحيث تستخدم في مشاريع التنمية الحقيقية والمجالات والأولويات التي تحددها الحكومة للحد من مصادر تسربها إلى جيوب الفاسدين.
وقال الخبير الاقتصادي رئيس المركز اليمني للدراسات الاقتصادية محمد الأفندي، إن حجم القروض الخارجية التي منحت لليمن ما زالت بنسب معقولة وفي الحدود الآمنة.
وأكد الأفندي -وهو وزير التموين والتجارة الأسبق- في حديث للجزيرة نت أنه في ظل الفجوة في التمويل الاستثماري التي لا تستطيع الموارد المحلية تغطيتها خلال الفترة الراهنة، فإن اللجوء إلى العون الخارجي سواء بشكل منح أو قروض يعتبر من باب الضرورة الملحة.
وألمح إلى أن قروض البنك الدولي والبنك الإسلامي قروض طويلة الأجل عادة، وأن تكلفة خدمتها متدنية وهي الآن تسد فجوة تموينية ضرورية لا بد منها لبلوغ الطموحات الاقتصادية بتحقيق التقدم في بناء الدولة وإصلاح المؤسسات ومكافحة الفساد والاعتماد الذاتي لليمن على الموارد المحلية.
المصدر : الجزيرة