الانفلات الأمني يضرب مقومات الدولة والمجتمع (تقرير)
تتزايد جرائم التقطع والنهب ولسلب والسرقة في المدن الرئيسية والمديرات في ظل استمرار الانفلات الأمني الناتج عن غياب الدولة ونفوذها وإبقاء القيادات الأمنية القديمة في مناصبها، سواء على مستوى المحافظات أو المديرات أو أقسام الشرطة وعدم الشروع في إصدار قرارات جريئة في الجانب الأمني تعمل على إحداث تغيير حقيقي يلمسه المواطن من خلال تعيين قيادات مؤهلة تتمتع بكافئة ونزاهة بعيدا عن المناطقية والمحسوبية..
حيث كانت التعيينات الأمنية خلال السنوات الماضية حصرية على أسر معينة حتى أصبحت تلك الأسر مسيطرة من مدراء الأمن في المحافظات حتى أقسام الشرطة، وهو الأمر الذي جعل منها أشبه بعصابة تدير بما يتماشى مع مصالحها وبقائها في تلك المناصب حتى لو كان ذلك الأسلوب على حساب تدهور الأوضاع الأمنية.
وذهب مراقبون إلى أن الإبقاء على كثير من القيادات الأمنية دون تغييرها سيمهد الطريق أمام المزيد من الانفلات والتدهور الأمني كون معظمها قد انتهت فترة خدمتها واستنفذت كل طاقاتها بسبب طول فترة بقائها في المناصب القيادية والإدارية ومن المفترض إحالتها للتقاعد وتعيين دماء جديدة قادرة على مواكبة التطورات ولأن معظم القيادات الأمنية لا تستطع تغيير أسلوبها حيث لا تزال تدير الأوضاع بالطريقة التقليدية وبسياسية ما «بدا بدينا عليه» بالإضافة إلى أن البعض من مسئولي الأمن متهمون بالتواطؤ مع ما تشهده بعض المحافظات من انفلات أمني على خلفية تعصبهم وولائهم لقوى رافضة للتغيير وليس هناك من سبيل أمامهم لتحقيق طموحات تلك الأطراف سوى تشجيع تدهور الأوضاع الأمنية.
وعلى الرغم من مضي قرابة سنة من عمر الفترة الانتقالية المحددة بسنيتين وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة إلا أن الرعب لا يزال يخيم على معظم المدن جراء تزايد الانفلات الأمني، ومع ذلك لا تزال آمال المواطنين على امتداد الوطن شمالا وجنوبا تنتظر من القيادة السياسية اتخاذ إجراءات وقرارات تلبي الطموحات الشعبية وتؤكد جدية الحكومة في المضي نحو تحسين الأوضاع الأمنية بالقدر الذي يتيح الفرصة للمواطنين التنقل والعمل في أي من محافظات الجمهورية بأمان لما لذلك من انعكاسات إيجابية اقتصادية على حياة المواطنين.
مسئولية مدراء الأمن فـي الأقسام والمديريات
تشير الدلائل إلى أن تغيير مدراء الأمن في المديريات ومدراء الأقسام بمدراء أمن مؤهلين ضرورة لإعادة الحياة إلى أقسام الشرطة وإدارة أمن المديريات فعشرات السنين من بقاء بعض المدراء في مناصبهم في تلك الإدارات دون تدوير أو تغيير خلق حالة من الجمود في التحركات الأمنية، وربما أن بقاء البعض منهم لسنوات طويلة خلق حالة من التربيط مع بعض الأطراف النافذة وذلك يساهم في ضعف الأداء الأمني.
وبرزت قضية تغيير مدراء الأمن في المديرات والمحافظات قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في 21 فبراير الماضي ضمن القضايا التي كانت محل جدل بين القوى السياسية وضمن مطالب القوى الثورية والمجتمع بشكل عام وخرجت عدة مظاهرات في محافظات عدة تطالب بتغيير رموز الفساد وفي مقدمتهم مدراء الأمن في المحافظات والمديريات ومحافظي المحافظات غير أن الحديث عن البدء فيها تأجل إلى ما بعد الانتخابات، وما يزال مؤجلا.
ويرى البعض أن تغيير مدراء الأمن في المديريات والمحافظات سيحل الكثير من المشكلات الأمنية في المحافظات وسيساعد على إعادة الهيكلة الإدارية بما يحقق توفير الكفاءات الإدارية القادرة على تحقيق التنمية فالمحسوبية والوساطة التي سادت في العهد الماضي غيبت المهارات الإدارية، وكان ذلك بمثابة قتل متعمد لأي تنمية.
وشهدت العديد من المحافظات ومنها أبين وعدن ولحج وشبوة وذمار وصنعاء وعمران وحجة وريمة وصعدة والبيضاء والجوف انفلاتاً أمنياً وقطع الطريق العام خلال الشهور الماضية بالإضافة إلى أعمال أخرى وهو الأمر الذي أثار شكوك غالبية أبناء تلك المحافظات بتقاعس السلطات المحلية والأمنية عن أداء واجبها بالشكل المطلوب ونتج عن ذلك خروج مسيرات وفعاليات احتجاجية أخرى تطالب بتغيير المسئولين الإداريين والأمنيين في تلك المحافظات ومحاكمتهم.
ويتساءل البعض عن الخطوة المتعلقة بتغيير مدراء الأمن والتي يفترض أنها قد تمت نظرا لأهمية تلك الخطوة في استتباب الأوضاع الأمنية.
العاصمة تعج بالسلاح رغم توجيهات الداخلية
الجراف، مذبح، السنينة، وغيرها من المناطق التي تقع على أطراف العاصمة تتزايد فيها الأسلحة والمظاهر المسلحة كما إن أصوات الرصاص يرعب الساكنين في الساعات الأخيرة من الليل، وكأن مثل هذه المناطق يعيشون خارج العاصمة حيث لا يوجد أي التزام بأي قانون وفي ظل غياب تام لهيبة الدولة وأقسام الشرطة والجهات الأمنية المعنية بملاحقة المسلحين والعصابات المسلحة التي تقلق السكينة العامة وتثير مخاوف المواطنين.
على الرغم من صدور توجيهات أمنية بعدم إطلاق الرصاص والمفرقعات في الأعراس إلا أن الأمور لا تزال كما هي عليه نظرا لعدم اتخاذ إجراءات حازمة في هذا الشأن، حيث يتساءل المواطنون في أحياء أمانة العاصمة عن عدم قيام الأجهزة الأمنية بضبط من يقومون بإطلاق الرصاص في الأعراس خاصة وأن عشرات الأعراس التي يتم فيها إطلاق الرصاص تقع على بعد أمتار من أقسام الشرطة والمناطق الأمنية، وهو الأمر الذي يثير الجدل حول عدم ضبط المخلفين ويستدعي على الجهات المعنية بإصدار توجيهات جريئة وحازمة للمناطق الأمنية وأقسام الشرطة بملاحقة مثل تلك المخلفات واثبات وجود الدولة حتى يتسنى للجميع العيش بأمان في ظل وجود سلطة القانون الذي لا يستثني أحداً.
ويرى البعض أن عدم نزول الحملات الأمنية على المخالفين للتوجيهات الرسمية يعدم إطلاق الرصاص يخلق انطباعاً غير إيجابي عن أداء أجهزة الأمن على الرغم من إيمان الأغلبية من المواطنين بأن أجهزة الدولة قادرة على ضبط كل المخلفات في تحركت بجدية وبصرامة وأنه بمجرد ضبط بعض المخالفين سوف تختفي ظاهرة إطلاق الرصاص والانتشار المسلح تدريجيا وفي وقت قياسي بما يحتم على الجهات المعنية النزول عند رغبات المواطنين التواقين إلى العيش في ظل وجود الدولة والقانون الذي يحمي الجميع.
وكانت وزارة الداخلية في يونيو الماضي قد وجهت أمن أمانة العاصمة بملاحقة مطلقي النار والألعاب النارية في الأعراس وضبطهم وعدم التساهل من أي مخالف وشددت الوزارة في توجيهها على ضرورة إلزام مدراء المناطق الأمنية ومدراء مراكز الشرطة في مختلف مديريات الأمانة على التحري والبحث وضبط كل من يثبت تورطه في إطلاق النار والألعاب النارية في الأعراس.
وأكدت بأنها ستقوم بمحاسبة أي مسئول أمني مقصر في هذا الجانب، لافتة النظر إلى أن ظاهرة إطلاق النار والألعاب النارية خلال حفلات الأعراس في الأمانة تجاوزت كل الحدود، وأصبحت مصدر قلق وإزعاج للسكينة العامة في العاصمة صنعاء.
وهو الأمر الذي يوجب على مراكز الشرطة والمناطق الأمنية التعامل بجدية ومسئولية مع هذه الظاهرة نظراً لخطورتها على الأمن والاستقرار وما تسببه من إقلاق للمواطن والسكينة العامة. وفقا لما ذكر مركز الإعلام الالكتروني.
نهب المسافرين وغياب الانتشار الأمني فـي الطرقات الطويلة
ازدهرت مؤخرا عمليات نهب المسافرين على الطرقات الطويلة التي تربط المحافظات ببعضها البعض في ظل غياب الدوريات الأمنية التي من المفترض أن تؤمن تنقلات المواطنين خاصة في الطرقات التي دأبت العصابات المسلحة على نهب المسافرين فيها خلال الفترة الماضية.
ومن أبرز الطرقات التي انتشرت فيها علميات التقطع والنهب خلال الفترة الماضية الطريق الممتد من حمام علي إلى مدينة الشرق آنس وأيضا طريق صنعاء الحديدة والطريق التي تربط محافظة الجوف بالعاصمة صنعاء حيث تؤكد روايات المواطنين الذين تعرضوا للسرقة والنهب تحت تهديد السلاح وأيضا الذين نجوا من تلك الممارسات لأسباب مختلفة حدوث عشرات السرقات خلال الأيام الماضية وتتمثل في نهب سيارات ونهب بضائع ومقتنيات المسافرين والأموال التي بحوزتهم.
ومن أبرز ما حدث في أحد تلك الطرقات أن العصابة المسلحة التي تمارس هوايتها في النهب والسطو لم تكتف باستهداف السيارات الفارهة والمحملة بالبضائع بل وصل بها الأمر إلى إيقاف بعض سيارات الأجرة وأخذ مبالغ مالية على كل راكب فيها مقابل السماح لهم بالمرور من تلك النقاط والأماكن التي أصبحت مسرحا لجرائم النهب والسرق تحت قوة السلاح.
نهب السيارات على الخطوط الطويلة لا تتوقف عند تعرض سائق السيارة للأضرار المادية والجسدية، بل تمتد لتشمل آثارها المحافظات التي ينتمي إليها السائق الذي نهبت سيارته وأيضا المنطقة التي تنتمي إليها العصابة المسلحة حيث يبادر أصحاب السيارات المنهوبة بالتقطع لأي سيارة ينتمي سائقها للمنطقة التي نهبت سيارتهم فيها واحتجاز عشرات السيارات وتتطور القضية شيئا فشيئا وبعضها يتم حلها عن طريق القيادات الاجتماعية فيما لا تزال عشرات القضايا عالقة لسنوات ومن ابرز القضايا التي يتم فيها احتجاز عشرات السيارات على خلفية نهب العصابات المسلحة سيارات بعض السائقين التقاطعات المستمرة بين أبناء محافظة ريمة وذمار والبيضاء وغيرها من المحافظات حتى اللحظة.
وبحسب إحصائيات نشرها موقع مركز الإعلام الأمني فإن شهر أكتوبر المنصرم شهد في عدد من محافظات الجمهورية خسائر مادية تقدر بـ 300 مليون ريال بسبب القطاعات القبلية خاصة وان عددا من القطاعات استهدفت قاطرات النفط والغاز والبضائع واحتجزتها أحيانا لما يزيد عن عشرة أيام وهي قطاعات حدثت بمحافظات البيضاء ، صنعاء ، مأرب.
وأوضح مركز الإعلام الأمني في تقرير صادر عنه بأن شهر أكتوبر الماضي شهد وقوع ما يقارب من 130 حالة قطع طريق وقطاع قبلي وبدوافع مختلفة امتدت إلى محافظات صنعاء، ذمار، مأرب، البيضاء، المحويت، تعز، عمران، أمانة العاصمة، شبوه، ريمة، الحديدة، وأن 545 طقم تابع للأمن تعامل مع القطاعات لرفعها من الطرقات وتسببت في مقتل 8 أشخاص وإصابة 17 آخرين.
الاهالي نت