السعودية قادرة على الصمود المالي طويلا رغم انخفاض أسعار النفط
قال ديفيد ديو العضو المنتدب للبنك السعودي البريطاني 'ساب' إن بإمكان السعودية تحمل فترة طويلة من انخفاض أسعار النفط بفضل متانة وضعها المالي وسياستها النقدية وإن القطاع المصرفي لا يزال في وضع قوي ومجهز بصورة جيدة للتعامل مع المخاطر المتنامية.
وأضاف أنه على الرغم من التكلفة الاقتصادية لانخفاض أسعار النفط في بلد يعتمد على بشكل كبير على ايراداته النفطية لتغذية الموازنة، ستواصل البنوك السعودية تحقيق نمو إيجابي للإقراض لكن ذلك سيكون عند مستويات أقل.
وبنك ساب مملوك بنسبة 40 بالمئة لبنك 'اتش.اس.بي.سي' كما أنه خامس أكبر بنك في المملكة من حيث قيمة الأصول. ونادرا ما يعطي كبار مسؤولي البنوك المحلية في المملكة مقابلات لوسائل الإعلام.
وقال ديو خلال مقابلة "لا يزال هناك قدر كبير من المتانة المالية والمرونة التي ستستمر لفترة طويلة بغض النظر عن أسعار النفط كما أن المملكة ستواصل الاستثمار في مشروعات مهمة تستهدف زيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد."
وتابع "فيما يتعلق بالبنوك، لا نزال نتوقع نموا إيجابيا لاسيما في القطاع الخاص غير النفطي لكننا نتوقع أيضا معدلات نمو للإقراض المصرفي أقل من مستوياتها خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية."
ومنذ يونيو/حزيران 2014 هبطت أسعار النفط بأكثر من النصف لتقترب من 42 دولارا للبرميل في اغسطس/اب من نحو 115 دولارا للبرميل.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل الموازنة السعودية عجزا في 2015 يقارب 19.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وانخفض معدل نمو الإقراض المصرفي للقطاع الخاص في الرياض ليصل إلى 9.4 بالمئة في يوليو/تموز وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر/أيلول 2011.
وبينما أقر ديو بأن المناخ الاقتصادي الذي يتسم بالتحديات نتيجة انخفاض أسعار النفط قد يرفع من مخاطر القروض الرديئة في القطاع المصرفي، قال إن الوضع المالي القوي للبنوك السعودية سيحد من وطأة تلك المخاطر.
واضاف "اعتقد أن افتراض قدر من الزيادة في تكلفة المخاطر في النظام المصرفي على أساس الدورات الاقتصادية السابقة سيكون توقعا منطقيا. انا شخصيا اعتقد أنها ستكون متواضعة."
وخلال الأسبوع الماضي قالت الهيئة العامة للاستثمار إنها ستخلق فرصا جديدة للبنوك الأميركية في السوق المحلية السعودية حيث يعمل عدد محدود من البنوك في نظام مالي يخضع لرقابة صارمة.
وهناك 12 مصرفا تجاريا يقدم كافة الخدمات المصرفية للعملاء في المملكة بينما يوجد عدد من فروع بنوك أجنبية عالمية تعمل في أنشطة مصارف الاستثمار وإدارة الأصول والثروات.
وقال ديو إنه يعتقد أن هناك فرص محدودة لأي بنك جديد في المملكة وإن أي لاعب جديد في القطاع سيكافح من أجل المنافسة.
وأضاف "من الصعب أن يدخل أي بنك أجنبي السوق ويكون له تأثير ملموس على النظام المصرفي. وأعتقد أنه لو كان ذلك سيحدث لكان قد حدث بالفعل."
ويرتبط نمو القطاع الخاص غير النفطي في السعودية بشكل وثيق بأسواق النفط، كما يمثل النفط نحو 85 بالمئة من الإيرادات الحكومية. وتحوط متعاملون في الآونة الأخيرة من مخاطر خفض الرياض لقيمة عملتها.
لكن العضو المنتدب للبنك السعودي البريطاني، أوضح أنه لا يرى أي احتمال بأن تتخلى الحكومة السعودية عن ربط الريال بالدولار.
وقال "عادة ما يكون أحد الأسباب وراء خفض قيمة العملة هو تشجيع الصادرات وخفض الواردات وجعل الاقتصاد أكثر قدرة على المنافسة. تغيير ربط الريال بالدولار لن يقدم أي شيء على وجه التحديد لصادرات النفط كما أنه سيرفع قليلا تكلفة الواردات."
وتأتي تصريحات ديو متناغمة مع تأكيدات صندوق النقد الدولي الأربعاء، حيث توقع أن يواصل الاقتصاد السعودي نموه القوي هذا العام دون تأثره بشكل كبير بهبوط أسعار النفط لكنه حث الرياض على ضبط وضعها المالي.
وذكر الصندوق، أن الاحتياطيات الوفيرة التي تتمتع بها المملكة وحجم الدين العام المنخفض للغاية يعني أنها تستطيع مواجهة هبوط أسعار النفط لعدة سنوات إلا أنه يجب عليها أن تتخذ خطوات الآن لكبح الإنفاق من خلال إصلاحات اقتصادية.
وفي اغسطس/اب قال وزير المالية السعودي إبراهيم العساف إن بلاده بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية لما لها من أهمية للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وتوقع ديو استمرار الإنفاق الحكومي على مشروعات التنمية الرئيسية كما توقع مزيدا من مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشروعات البنية الأساسية عبر الشراكة بين القطاع العام والخاص.
وقال ديو "أشعر أن الحكومة تنظر عن كثب في ميزانية العام المقبل والتي أعتقد أنها ستكون مؤشرا مهما جدا عن خطط الحكومة وأولوياتها وأوجه الإنفاق في المستقبل."
ورجّح أن تواصل الحكومة السحب من الاحتياطيات وإصدار السندات لتمويل عجز الموازنة، كما توقع خصخصة المزيد من الشركات الحكومية عبر طروحات عامة أولية بهدف تنويع الاقتصاد.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، قد أقرّ بتأثيرات الهبوط الحاد في أسعار النفط، لكنّه طمأن السعوديين بأن الرياض قادرة على امتصاص صدمة الاسعار. وأعلن أنه لا تغيير في سياسية المملكة الاجتماعية، مضيفا أن السعودية مستمرة في تنفيذ المشاريع التنموية.
وتمتلك السعودية احتياطات مالية ضخمة، راكمتها خلال طفرة الاسعار في السنوات الماضية، ما يساعدها على مواصلة برامجها الاقتصادية والاجتماعية حتى مع تواصل موجة انخفاض الاسعار.
ودفع الملك سلمان منذ توليه الحكم في يناير/كانون الثاني 2015، بحزمة اصلاحات اقتصادية واجرى تعديلات حكومية بهدف ضخّ دماء جديدة في المؤسسات الحيوية.
ويرى خبراء اقتصاد أن تقديرات ديو منطقية، إلا ان الرهان على ما تمتلكه السعودية من احتياطات مالية ضخمة لسدّ الثغرات المالية الناجمة عن تراجع ايرادتها النفطية، قد يكون حلا مؤقتا، لكن لا يجب ان يستمر طويلا، وأن الرياض مدعوة بقوّة إلى تنويع اقتصادها من خارج القطاع النفطي.
واشاروا في هذا السياق إلى الرياض اضطرّت للسحب في أكثر من مرّة من احتياطاتها المالية الضخمة لتغطية العجز.
ويحذّر الخبراء عموما الدول المنتجة للنفط من الافراط في الاعتماد عليه كمصدر اساسي للدخل. وأشاروا إلى أن الرهان على البترول لوحده لا ينهض بالاقتصادات بالنظر إلى أن تقلبات أسعاره في سوق النفط العالمية ترتدّ بشكل مقلق على موازنات تلك الدول.
وتبدو الامارات والسعودية الأقل تضررا بين دول الخليج النفطية، إلا أن المؤسسات الدولية المختصة تدعوهما إلى خفض الدعم الحكومي والضغط على النفقات العامة.
وكانت تقارير دولية مختصة، قد أكدّت أن الامارات من بين الدول المنتجة للنفط والاقل تضررا من تهاوي أسعاره، لأنها راهنت وكسبت الرهان بتنويع اقتصادها من خارج القطاع النفطي، وضخّت استمارات ضخمة لتطوير قطاعات حيوية كالسياحة والصناعة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها