على ماذا تتفاوض الولايات المتحدة مع الحوثيين في مسقط؟
دخلت الأزمة اليمنية منعطفاً جديداً، مع الإعلان عن مباحثات تجريها الولايات المتحدة مع المتمردين الحوثيين، في مسقط، وإعلان الحكومة اليمنية معارضتها لها، في حين يسود الغموض موقف دول التحالف العربي إزاء هذه المباحثات، وسط توقعات بأن تحرز نتائج على الأرض، وفقاً لمحللين.
ويجري وفد من الحوثيين، برئاسة صالح الصمد، رئيس المكتب السياسي في الجماعة، مباحثات في العاصمة العمانية، منذ أكثر من أسبوع، مع وفد أمريكي، برئاسة مساعدة وزير الخارجية آن باترسون، بناء على طلب من الأمريكيين، حول إمكانية تسوية النزاع المسلح في اليمن.
وتعد هذه المحادثات هي الأولى التي يجريها الأمريكيون مع الحوثيين منذ بدء التحالف العربي بقيادة السعودية في 26 مارس/ آذار توجيه ضربات جوية في اليمن للمتمردين، بعد سيطرتهم على العاصمة اليمنية، ومدن أخرى، ومنع الحكومة والرئيس عبد ربه منصور هادي من أداء مهامهم.
وبينما تحدثت تقارير صحفية عن مشاركة إيران في مفاوضات الحوثيين مع الولايات المتحدة، فإن أياً من الأطراف الإقليمية لم يدل بتصريح في هذا الصدد، واكتفت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف بالقول: "باترسون التقت في سلطنة عمان ممثلين لأطراف معنيين بالنزاع المستمر في اليمن، بينهم ممثلون للحوثيين، في محاولة لإقناع جميع الأطراف بالمشاركة في مؤتمر السلام المقترح عقده في جنيف". ولم توضح من هي الأطراف المعنية من غير الحوثيين.
وبدأت المباحثات بين الطرفين سرية، قبل أن تكشف عنها صحيفة وول ستريت جورنال، لتؤكد مصادر البيت الأبيض لاحقاً، لـ"سي إن إن"، إجراء المباحثات، إلا أنها اقتصرت على ذكر أن الهدف منها هو الإفراج عن الصحفي الأمريكي، كيسي كومبس، الذي تم إطلاق سراحه بالفعل في وقت سابق الاثنين، قبل أن تكشف الحكومة اليمنية عن الهدف الحقيقي لهذه المباحثات.
تحرك مفاجئ
ويثير التحرك الأمريكي "المفاجئ" التساؤلات حول الأهداف الحقيقية، ومدى انخراط دول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، فيها.
الباحث السياسي اليمني، ياسين التميمي، يرى أن الولايات المتحدة تريد أن تمسك بالملف اليمني بشكل كامل، وما زالت تنظر إلى الحوثيين كأداة يمكن أن تستعملها في التجاذبات الإقليمية ومواجهة القاعدة، باعتبار الأخيرة عدوها الأول.
وأضاف التميمي، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، أن "تدخل المملكة السعودية بهذا المستوى من القوة في الشأن اليمني، لم يكن يعكس رغبة أمريكية، بل مثّل هذه المرة إرادة إقليمية مستقلة".
وأكد الباحث اليمني أن محادثات مسقط هي المسار الأكثر نشاطاً على صعيد الأزمة اليمنية حالياً، مشيراً إلى أن الهدف منه هو فرض نتائج على خط الأزمة، دون الابتعاد عن قرار مجلس الأمن 2216.
وطالب مجلس الأمن الدولي، في قراره المذكور، المتمردين الحوثيين بالانسحاب من جميع المناطق التي سيطروا عليها، وإعادة السلاح إلى السلطة الشرعية، وتمكينها من أداء مهامها وفرض سيطرتها على البلاد.
مبادرة عمانية
ونقلت وسائل إعلام محلية يمنية عن مصادر في الحكومة أن سلطنة عمان طرحت مبادرة "تقوم على وقف العمليات العسكرية لقوات التحالف في اليمن، مقابل انسحاب الحوثيين وحلفائهم الموالين لعلي عبد الله صالح من المدن التي يسيطرون عليها، وتسليم الأسلحة الثقيلة للسلطة الشرعية، وتمكينها من العودة إلى البلاد بعد تطبيق قرار مجلس الأمن 2216".
إلا أن التميمي استبعد أن تكون هناك مبادرة عمانية، معتبراً أن أمريكا، من خلال محادثات مسقط، تسعى إلى "الإبقاء على كيان الحوثيين من خلال التعامل مع القرار الدولي باجتزاء وانتقائية، فمثلاً قد ينسحب الحوثيون، ولكن يمكنهم أن يبقوا على قوتهم بحيث يظلون جزءاً مؤثراً في المشهد السياسي اليمني، وهذا نوع من الانتهازية السياسية الأمريكية".
وأشار إلى أن هذه التحركات تعكس رغبة الولايات المتحدة بعدم حسم الموقف في اليمن عسكرياً، الذي من المفترض أن يكون لمصلحة دول التحالف العربي والحكومة اليمنية.
مواقف
الحكومة اليمنية أعربت عن عدم رضاها على محادثات مسقط، وأكدت أن "نتائج المفاوضات الأمريكية مع الحوثيين وإيران لن تحقق الأمن والاستقرار في اليمن".
التميمي من جهته، رأى أن الحكومة "ممتعضة من التدخل الأمريكي المفاجئ، الذي استدعى الحوثيين ومنحهم غطاء جديداً، ومنحهم دفعة معنوية، وهم يخوضون صراعاً لاأخلاقياً".
إلا أن السعودية ودول التحالف العربي مطلعة على مسار المحادثات، حسبما ذكر البيت الأبيض، وهو ما أيده التميمي، مشدداً على أنهم "منخرطون في هذا التحرك بقوة"، لكن السعودية لا تريد أن يعاد إنتاج الحركة الحوثية في اليمن بنفس شكلها الذي كانت عليه قبل عاصفة الحزم؛ لأنه خطر وجودي وسياسي على المملكة، وفقاً للباحث اليمني.
ويضيف: "لم يتضح هل كان هناك اتفاق بالآراء بين السعودية وأمريكا، لكن المؤكد أن السعودية تريد تقليم أظفار الحوثيين، والحوار القائم في مسقط لا يمكن أن يتجاوز مصلحة دول التحالف في نهاية المطاف".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها