يوم الغدير.. ابتزاز سياسي وفرض أجندات جديدة على طاولة الحوار الوطني
ذات "الشاصات" وعربات النقل المكشوفة التي كانت تقل المناهضين لثورة التغيير الشبابية وميدان الستين، في يوم الجمعة ستؤدي وظيفتها الاعتيادية إلى ميدان السبعين، اليوم السبت.
"إنه المهرجان الأكبر"، يقول الحوثيون عن احتفالهم بيوم "الغدير" في قلب العاصمة صنعاء، هذا العام، ولأول مرة وبشكل علني.
كما يتحدثون عن زهاء "مليون" الشيعي من أنصار الله، سيملأون ميدان السبعين ـ الذي تشير كل التوقعات إلى أن "يوم الغدير" سيقام هناك ـ وليس في منطقة "الجراف" حسبما صرح به قيادي حوثي، قبل يومين من موعد الاحتفال.
وسواءً أقيم "يوم الغدير" في السبعين أو "الجراف"، فإنه في صنعاء كلا الحالتين، وهو ما أثار ردود فعل ساخطة، وسابقة لأوان المهرجان الأكبر"، جاء جُلّها على سبيل الإنذار المبكر، من خطورة ما سيحدث.
ومنذ بدء الترتيبات، خلال فترة التهيئة لمؤتمر الحوار الوطني، المزمع انعقاده منتصف نوفمبر الحالي، كثف الحوثيون نشاطهم في أمانة العاصمة، وأحكموا قبضتهم على كثير من زواياها وحاراتها، خاصة في مديرية صنعاء القديمة وضواحيها، بما في ذلك المناطق السكنية، التي لم يتربع ناحية جدران بيوتها وشوارعها الشعار القمي.
الكاتب والصحفي/ عادل الأحمدي ـ مؤلف كتاب "الزهر والحجر" شهير الذكر ـ دعا القبائل اليمنية إلى الترفع عما أسماه "هراء الغدير" طالباً من المستيقظين من بني هاشم التبيين للناس زيف هذه الخرافة".
وقال الأحمدي إنه ليس مع أي تضييق على أية جماعة في ممارسة طقوسها "بما لا يخل بالسكينة العامة ولا يؤدي إلى إزهاق الأرواح ولا يمس عقائد الآخرين، و"لتقصر الأمور على تناقض الآراء ومواجهة الحجة بالحجة".
وانتقد الصحفي فيصل علي ـ من مقر إقامته في ماليزيا ـ هذه الاحتفالات الغديرية، قائلاً: "في اليمن لم نكن نعلم بمثل هذه الاحتفالات ولم يدون المؤرخون من عهد الدولة المتوكلية مثل هذه الاحتفالات، كما أن إطلاق الأعيرة النارية سلوك غير حضاري ولا أخلاقي، مقترحاً على الحوثيين أن يجعلوا "عيدهم" أكثر رومانسية، كما هو عيد "الهلويين" عند الأميركيين.
واستغرب فيصل علي من احتفالات الحوثيين بـ"يوم الغدير" الذي يأتي بعد أيام فقد من تقرير منظمة وثاق الذي رصد حوالي 8794 حالة انتهاك حقوق إنسان على يد الحوثيين بحق مواطنين مدنييين، وهو ما اعتبره أمراً مسيئاً في المقام الأول للخليفة الرابع، علي بن أبي طالب وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومشيراً إلى أن الجماعة التي تحتفل بولاية علي كرم الله وجهه وهي تمتلك 36سجناً موزعاً على 7مديريات هي "سحار ورازح وباقم ومجذ وصعدة والصفراء وحيدان".
ويرى الكاتب/ عبد الفتاح البتول أن يوم الغدير انتقل إلى اليمن من إيران الصفوية، وأن احتفال الحوثيين بيوم الغدير إساءة لأهل السنة الذين يشكلون 95% من الأمة الإسلامية.. واعتبر البتول هذه المناسبات، مثل "الغدير" و"عاشوراء" "وكربلاء"، تأكيداً على إصرار المحتفلين بها في إحداث الفتنة بين المسلمين.
ويتحدث شهود عيان عن قيام الحوثيين ـ وتحديداً منذ ما بعد أحداث فيلم "براءة المسلمين" واقتحامهم السفارة الأميركية، بأسابيع ـ بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة في صنعاء القديمة وضواحيها، وكذلك في منطقة "الجراف" شمال صنعاء، التي تتصل بمناطق ذات ولاء قبلي للحوثي.
وحسب الكاتب د.محمد جميح في صحيفة "الشرق الأوسط" فالحوثيون بهذه التحركات يهيئون أنفسهم لمعارك ومواجهات مسلحة قادمة، سعياً منهم لإفشال العملية السياسية، ومؤتمر الحوار الوطني، وكانت وكالة الأنباء الصينية "تشيخوا" تحدثت عن كميات كبيرة من الأسلحة، كدسها الحوثيون في مناطق قريبة من صنعاء مثل شبام كوكبان ـ غرب العاصمة ـ ومناطق بالقرب من المدخل الشمالي لصنعاء.
مراقبون وناشطون حقوقيون وسياسيون حذروا من تسخير الحوثيين "ليوم الغدير" في ابتزاز الحكومة اليمنية والقوى السياسية، وفرض أجندات جديدة على طاولة الحوار الوطني، حال تم المؤتمر وشاركوا فيه.
وتحدث عدد من سائقي الدرجات النارية عن عروض مغرية تلقوها من حوثيين، للمشاركة في مهرجان الغدير، وإطلاق الأعيرة النارية والمفرقعات من مواقع متفرقة داخل العاصمة صنعاء، بما يوحي أنهم يمتلكون أنصاراً ومؤيدين في كل الجهات.
وتشير بعض الأنباء عن تلقي الحوثيين مبالغ طائلة ودعوماً تصل ملايين الريالات من قبل أفراد ورموز النظام السابق، الذي كان يفرض عليهم قيوداً حالت دون إقامتهم لطقوسهم الاحتفالية في العاصمة، حتى ما قبل ثورة فبراير 2011م، حيث طفى ما يشبه التحالف غير المعلن بين الحوثيين والنظام السابق.
وحسب شهود عيان فإن ناقلات شحن كبيرة، أفرغت خلال أيام عيد الأضحى كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر في هناجر يرجح أنها للحوثيين، داخل أمانة العاصمة، وأكد ناشطون على أن إصرار الحوثيين إحياء "يوم الغدير" في صنعاء، هو استغلال للوضع الأمني غير المستتب، ما يجعل حدوث انفجارات في سياق الوضع السياسي والأمني القائم، أمراً غير مستبعد وقوعه.