تمرد عدن يشرّع أبواب الحسم العسكري
يري مراقبون أن إقدام الحوثيين على استخدام سلاح الجو وقصف القصر الرئاسي بعدن مؤشر على تطور من شأنه أن يزيد الأمور احتقانا، وربما يدفع باتجاه تصعيد ميداني ينذر بانفجار الأوضاع عسكرياً بشكل يقضي على ما تبقى من العملية السياسية بالبلاد.
دفعت المواجهات الدامية في محافظة عدن (جنوب اليمن) أمس الخميس الصراع نحو مرحلة جديدة شديدة التأزم في البلاد، لا سيما بعد تعرض القصر الذي يقيم فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي لقصف من طائرات حربية تابعة للقوات الجوية التي يسيطر عليها الحوثيون في العاصمة صنعاء.
ويعتقد رئيس تحرير صحيفة الأمناء بعدن عدنان الأعجم أن ما حدث في عدن يعد نصرا كبيرا للرئيس هادي، ونكسة كبيرة للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعد نجاحه في توجيه أولى الرسائل القوية لخصومه، "بتفكيك قوتهم داخل الوحدات العسكرية في الجنوب".
وقال للجزيرة نت إن هادي نجح عبر وزير الدفاع المستقيل اللواء محمود الصبيحي قبل المواجهات مع قوات الأمن الخاصة التي يقودها العميد عبد الحافظ السقاف في تحييد المعسكرات المعروفة بعلاقتها مع صالح والحوثيين عن الصراع القائم.
وأكد أن الزيارات التي قام بها الصبيحي لبعض معسكرات وألوية الجيش مهدت الطريق للانتصار على قوات السقاف التي كان الحوثيون يراهنون عليها في الالتحام والسيطرة على المطار ومناطق حيوية أخرى، مشيراً إلى أن هذا الأمر قد يفسر ردة الفعل القوية بقصف القصر الرئاسي بعدن.
الشرجبي: أحداث عدن مرتبطة بخطاب صالح وإطاحة الحوثيين بقائد القوات الجوية (الجزيرة)
جبهات أخرى
أما أستاذ الأزمات الدولية في جامعة صنعاء نبيل الشرجبي، فيرى أن أحداث عدن لا يمكن فصلها عن حدثين مهمين في الأسبوع الماضي، هما: خطاب صالح، وإطاحة جماعة الحوثي بقائد القوات الجوية بصنعاء المعين بقرار جمهوري واستبداله بقائد آخر موالٍ للجماعة.
وقال للجزيرة نت إن "صالح في خطابه الناري هدد القيادات الجنوبية -بما فيهم هادي- بأنه لم يعد أمامهم فرصة للهروب غير طريق البحر، في مؤشر على أنه يعد العدة لخوض الحرب، وأن هناك توجهات لدى الحوثيين لاستخدام سلاح الجو اليمني لنقل جنود ومعدات إلى داخل مطار عدن الذي سيطرت عليه القوات الخاصة".
لكن، وبعد أن أخطأت هذه التقديرات، فإن الباحث لا يستبعد إمكانية لجوء صالح مع الحوثيين إلى محاولة حسم معركة عدن بمعارك أخرى في مأرب أو البيضاء أو شبوة، الأمر الذي يعني أن "خيار هذه الحرب لن تقف عند منطقة معينة وقد تشتعل من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال".
وأضاف "نحن في الساعات القادمة أمام احتمالين: إما أن تنجح الجهود الدبلوماسية المبذولة في إقناع أنصار صالح والحوثيين بالتهدئة، وإما أن تفشل، وهذا يعني أننا قد ننتظر أكثر من معركة قادمة، لا سيما أن سلوك جماعة الحوثي يشير إلى أنها ما زالت تعتبر الخيار العسكري خيارا أوليا وأساسيا في كل تحركاتها".
اللجان الشعبية المؤيدة لهادي شاركت بدور رئيسي في السيطرة على الأوضاع بعدن (الجزيرة)
تعزيز الشرعية
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي بعدن فؤاد مسعد أن إخماد التمرد الذي قاده السقاف عن طريق القوات المسلحة يعد خطوة مهمة للرئيس هادي وحلفائه في مواجهة خصومهم من الحوثيين والرئيس المخلوع، وفرصة لتعزيز سلطته الشرعية، وإعادة ترتيب وحدات الجيش والأمن في عدن وبقية المناطق الخاضعة لسيطرته.
وقال للجزيرة نت إن الحوثيين وصالح خسروا ورقة مهمة بسيطرة الجيش على معسكر قوات الأمن الخاصة، الأمر الذي دفعهم لاستخدام سلاح الجو في قصف سكن الرئيس هادي، بعد إدراكهم أنهم تلقوا ضربة موجعة بإنهاء ورقة التمرد التي رأوا فيها ثغرة تسهل لهم اختراق جبهة عدن من خلالها.
واعتبر أن "محاولة الحوثيين فتح جبهة حرب جديدة في مأرب تأتي تعبيرا عن الشعور بالانكسار والهزيمة سياسيا وميدانيا، للبحث عن نافذة أخرى يطلون منها على المشهد السياسي بعد انكشاف فشلهم السياسي والأمني، وانحسار قاعدتهم بشكل ملحوظ في مختلف المناطق التي سيطروا عليها بقوة السلاح".
وخلص مسعد إلى أن هذا الحدث سيضاعف فرص هادي في تعزيز موقعه في العملية السياسة، لأنه سيظهر صاحب شرعية دستورية ويحظى بتأييد الجيش والأمن، كما أنه يقدم خصومه بوصفهم متمردين على الشرعية الدستورية والتوافق الوطني داخليا، وعلى قرارات المجتمع الدولي خارجيا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها