(كسوة الكعبة)..من قماش اليمن إلى ذهب آل سعود
عدن بوست - متابعات: السبت 27 أكتوبر 2012 10:09 صباحاً
جددت الكعبة المشرفة كسوتها، الخميس، الموافق يوم «وقفة عرفات» وذلك وفقاً للعادة السنوية، التي دأبت قبائل الجزيرة العربية ومن بعدها خلفاء الأمويين والعباسيين حتى الفاطميين وأخيراً المملكة العربية السعودية على الالتزام بها، وإن اختلفت مراحل التطور وأشكال الصناعة.
تعود بداية كسوة الكعبة إلى عصر «ما قبل الإسلام»، ورغم تواتر الأقاويل عن أن أول من كساها جزئياً هو النبي إسماعيل، فإن الاتفاق تاريخياً كان على أن من قام بكسوتها بشكل كامل وكذلك صنع للكعبة باباً ومفتاحاً، هو ملك اليمن «تُبع الحُميري»، وقد حذت حذوه القبائل العربية، كواجب ديني وأحد أعمال البر، حتى فرض «قُصي بن كلاّب» الجد الرابع للرسول، على قبائل قريش التعاون لكسوة الكعبة، والتي كانت تتم في يوم عاشوراء من كل سنة.
بعد البعثة النبوية، لم تعد الكسوة شأناً إسلامياً خالصاً، إلا بعد «فتح مكة»، ولم يتم الالتزام حينها بلون معين، وكانت تتم بقطع ثياب مختلفة. وقد كساها الرسول في «حجة الوداع» بـ«الثياب اليمنية» ومن بعده فعل الخلفاء الراشدون، وأصبحت كسوتها من بيت المال، منذ عهد عمر بن الخطاب، بينما كان الخليفة عثمان بن عفان، أول من يضع عليها كسوتين، فوق بعضهما البعض.
في العهد الأموي، استمرت الكسوة من بيت المال، وذلك بمعدل مرتين سنويا يومي «عاشوراء»، وفي آخر رمضان. وكذلك في العصر العباسي، إلى أن قام الخليفة المأمون بكساء الكعبة ثلاث مرات في السنة، أيام «التروية» و«أول رجب»، والسابع والعشرين من رمضان. كما عرفت الكعبة الكسوة السوداء منذ عهد الخليفة العباسي، الناصر لدين الله أبو العباس أحمد، لتستمر عليه إلى الآن، مع العلم بأن الكسوة الداخلية لها تكون باللون الأخضر.
شرعت مصر في إرسال كسوة الكعبة في العصر الفاطمي، حيث حرص الحكام على إرسالها سنوياً، وكانت باللون الأبيض. ولم يتوقف الأمر فيما تلا ذلك من عصور مملوكية وعثمانية، لدرجة أن السلطان العثماني سليم الأول، حرص على تزيين الكسوة وكذلك صناعة كسوتي الحجرة النبوية، ومقام النبي إبراهيم. ورغم ذلك توقف إرسال «محمل» الكسوة من مصر إلى السعودية على فترات متقطعة، كان منها عام 1927 حينما وقعت «حادثة المحمل».
ورغم توقف مصر عن إرسال الكسوة عام 1962، بعد أن قررت المملكة العربية السعودية تولي مهمة تصنيعة، فإن «دار كسوة الكعبة» والتي تم إنشاؤها عام 1817، في حي «الخرنفش» أحد أحياء القاهرة الفاطمية، والذي كان «المحمل» وهو موكب الكسوة، يخرج منه سنوياً وسط احتفالات رسمية وشعبية، ما زال موجودا، وبداخله تستقر آخر كسوة للكعبة أرسلت من مصر.
صناعة كسوة الكعبة، تمر بعدة مراحل تبدأ بصباغة الحرير، ثم النسيج الآلي ومن بعده اليدوي، وتخضه للاختبار ثم الطباعة، فالتطريز، وأخيراً تجميع الكسوة. وتتطلب 658 مترًا مربعًا، ينقسم إلى 47 قطعة قماش، طول الواحدة 14 مترًا بعرض 95 سم، يتم إنتاجها على هيئة قطع كبيرة مبطنة بالقطن، ويفصل كل جانب من جوانب الكعبة على حدة. أما حزام الكعبة المزين بالآيات القرآنية، فيصنع من قماش الحرير الطبيعي الأسود، وتغطى أحرفه بأسلاك والذهب ويتكون من 16 قطعة، ويثبت على كسوة الكعبة بارتفاع 9 أمتار من الأرض.
تزدان قطع الحزام في الكسوة الحديثة «السعودية» بآيات قرآنية مكتوبة بالخط الثلث المركب، ومطرزة حروفها بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وهي نفسها الآيات القرآنية التي كان تكتب على الكسوة المصرية في جميع الجهات مع التعديل. وتثبت القطع المطرزة للحزام وما تحته والقناديل الخاصة بكل جنب من جوانب الكعبة بنظام آلي، أما ستارة الباب، فيتم تعليقها مباشرة على الباب، نظرًا لثقلها.
بعد الانتهاء من عملية تجديد الكسوة، تتم تجزئة الكسوة القديمة المستبدلة إلى قطع صغيرة، لإهدائها إلى كبار الشخصيات الإسلامية خلال موسم الحج. وذلك وفقا للقواعد المتبعة.