السر الخطير الذي تكافح جماعة الحوثي لإخفائه عن اليمنيين
حينما قرر محمد عزان، ومحمد بدر الدين الحوثي، في العام 1992، إنشاء منتدى شبابي ذي صبغة دينية في محافظة صعدة شمالي اليمن، لم يكونا يحلمان أن يصبح “منتدى الشباب المؤمن” هو البذرة الأولى لحركة عسكرية ستسيطر بعد عقدين من هذا التاريخ، على مساحات شاسعة من الأرض اليمنية، بينها العاصمة صنعاء.
غير أن عزان لم يدمْ طويلاً في صفوف “الشباب المؤمن”، وسرعان ما حدثت انشقاقات في المنتدى، تحول إثرها اسم المنتدى كمدلول ثقافي فكري، إلى مدلوله السياسي فأصبح “تنظيم الشباب المؤمن” وتفرّغ “حسين بدر الدين الحوثي” (قتلته القوات الحكومية منتصف عام 2004) لقيادة التنظيم الجديد، تاركاً مقعده في البرلمان اليمني كنائب عن محافظة صعدة.
واستطاع “آل بدر الدين الحوثي” أن يتفردوا بالتنظيم الذي بدأ يتسع شيئاً فشيئاً، مستغلين نفوذ والدهم “بدر الدين الحوثي” كمرجعية دينية، في حين تم إقصاء الآخرين بعد خصومات، اتُهم فيها “تنظيمَ الشباب المؤمن” بالانقلاب على مبادئ الزيدية (فرقة شيعية معتدلة)”.
ذلك يعني، أن أهداف التنظيم المعلنة في البداية، كانت لا تكاد تخرج عن تعليم “العلم الشريف” (ديني) بمختلف أنواعه، وإعداد الداعية إلى الله، ثقافياً وأخلاقياً وروحياً وسلوكياً، لكنّ هذه الأنشطة الدينية تحولت إلى مشروع سياسي في التسعينيات من القرن الماضي، بالتزامن ظهور عدة أحزاب شيعية في البلاد، لم يصمد منها سوى حزبان هما “الحق”، و”اتحاد القوى الشعبية”.
وفي نهاية العام 2001، انقلب حسين الحوثي على “تنظيم الشباب المؤمن” وأعلن رفض منهجه وأهدافه، وجعل من محاضراته بديلاً للمنهج السابق، وذهب في اتجاه آخر، انتهى به إلى مواجهة الدولة عسكرياً عام 2004.
وينتمي الحوثيون إلى المذهب الزيدي، لكن أطماعهم التي بدأت في التضخم جعلتهم يصطدمون بعلماء الزيدية، الذين راح الكثير منهم يتبرأ من الحوثيين، ويعتبرهم مشروعاً ايرانياً لا علاقة له بالمذهب الزيدي، حسب مراقبين.
ويقول مراقبون إن جماعة الحوثي تسعى لإخفاء أنها لا تعترف بالنظام الجمهوري، أو الدستور والقانون اليمني، وتعمل على إخفاء هذا السر ووتفادى إظهار هذا الموقف العلانيةً.
لكن وفق أبجديات الجماعة، فإنهم يعتبرون الثورة اليمنية (26 سبتمبر(أيلول) 1962) انقلاباً على نظام الإمام وعلى الحكم الشرعي، ولذا فهم يرفعون أعلام الحركة الخضراء بدلاً عن رفع العلم الوطني في غالب أنشطتهم. بيد أن الحوثيين يرفضون ذلك الاتهام.
وينتشر الحوثيون في مناطق التواجد الزيدي، أي محافظات شمال الشمال، وتنشط أفكارهم حيث الجيوب الشيعية في البلاد، وتعتبر محافظة صعدة، المعقل الرئيس لحركة الحوثيين، ومنها انطلقت الجماعة نحو توسيع رقعة البلدات التي تسيطر عليها.
وصعدة محافظة ذات تواجد زيدي كثيف، استطاع الحوثيون أن ينشئوا فيها، ما يشبه المعسكرات لتدريب الشباب اليمني ممن يعتنقون الفكر الشيعي.
وتعتمد جماعة الحوثي بشكل رئيس على الأسر الهاشمية (السّادة، الأشراف)، لكنها لم تستطع أن تستقطب كل الهاشميين إلى صفوفها، وبقي بعضهم ينظر بكثير من الريبة إلى مشروع الحوثي، ولهذا فإننا نرى كثير من “السادة” و”الأشراف” لا يدينون لجماعة الحوثي بالولاء، ويعتبرونها خارجة على أعراف الزيدية وذات مطامع توسعيّة لا تتسق ونهج الزيدية المعروف بالإعتدال والوسطية.
وبعد مقتل حسين بدر الدين الحوثي في 2004، شهد اليمن ست حروب بين عامي 2004 و2010 بين الجماعة، المتمركزة بالأساس في محافظة صعدة (شمال)، وبين القوات الحكومية في عهد الرئيس السابق، علي عبد الله صالح؛ ما خلف آلاف القتلى من الجانبين. ويترأس الجماعة المحسوبة على المذهب الشيعي حاليا، عبد الملك بدر الدين الحوثي.
وفي منتصف عام 2014، خاض الحوثيون معارك شرسة على تخوم محافظة عمران الشمالية والقريبة من صعدة، واستطاعوا في الثامن من يوليو/تموز الماضي، إحكام سيطرتهم عليها، وبدأوا منذ ذلك الحين بالزحف باتجاه العاصمة صنعاء، حتى سيطروا عليها في الـ21 سبتمبر/ أيلول وباتوا يتحكمون في مقاليد الأمور.
وخلال سيطرتها على مقاليد الأمور في البلاد، تحالفت الجماعة مع علي صالح الذي يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام، وأستفاد كل منهما من الآخر، وأثبت ذلك تسريبات قالت قناة الجزيرة القطرية قبل أيام، إنها تظهر مكالمة هاتفية بين “صالح” و”عبدالواحد أبو راس” القيادي في جماعة الحوثي، وكشفت تخطيط الرئيس السابق لعملية اجتياح الحوثيين للمحافظات والمنافذ البحرية والجوية، كما قال القيادي بالجماعة، على البخيتي، إن ذلك التحالف كان سياسيا، مثل أي تحالف يجرى بين أحزاب وقوى سياسية.
ولأكثر من مرة، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين، بتلقي تمويلا وأسلحة من إيران، وتحدث الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي”، صراحة عن تدخل إيراني في اليمن والقبض على خلايا تابعة لها في صنعاء أثناء زيارته للولايات المتحدة في سبتمبر(أيلول) 2012.
كما أن وزير الخارجية اليمني السابق، أبو بكر القربي، دعا في 13 ديسمبر/كانون الأول 2009، إيران إلى التوقف عن دعم الحوثيين، لكن الحوثيين ينفون اتهامات الحكومة اليمنية لهم بتلقي الدعم من إيران، متهمين النظام اليمني بأنه يسعى من خلال ذلك، إلى صرف الانتباه عن الدور السعودي(الداعم للحكومة) في اليمن.
وتشير تقارير عسكرية رسمية إلى أن صواريخ الكاتيوشا التي استخدمها الحوثيون في الحرب السادسة في العام 2010، من ذات النوعية التي سبق لحزب الله اللبناني استخدامها، معتبرين أن ظهور مثل تلك الصواريخ لدى الحوثيين دليل قاطع على التمويل الكبير الذي تتلقاه الجماعة من إيران وحزب الله والبؤر الشيعية في المنطقة.
وكانت تقارير صحفية عالمية، أشارت، في وقت سابق، إلى قيام إيران بإنشاء قاعدة لها في إريتريا لمدّ الحوثيين بالسلاح عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل مينائي “ميدي” و”اللحية” القريبين من صعدة (معقل الحوثيين).
ومنذ سقوط صنعاء بيد المسلحين الحوثيين أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، بدأ المسؤولون الإيرانيون يتحدثون صراحة عن استخدام بلادهم نفوذها فی تطورات الیمن، وراح النائب في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى أبعد من ذلك، واصفاً صنعاء بأنها “أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، مبيناً “أن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية(الثورة الإسلامية في 1979)”.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها