هادي: اليمن أفلتت من مخالب الأمزجة الفردية والشخصية
تعهد الرئيس عبدربه منصور هادي بالسير على درب الثورة اليمنية والتمسك بمبادئها وأهدافها والوفاء لدماء وتضحيات شهدائها وأبطالها.
ووجه هادي مساء اليوم خطابا جماهيريا بمناسبة العيد الـ 49 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة.
وقال إن الاحتفال بالعيد الـ49 لثورة الـ14 من أكتوبر قد جاء هذا العام بعد أن تحققت العديد من النجاحات وبعد أن مثلت التسوية السياسية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مخرجاً سليماً لليمن من أزمته وتهيأت لليمن مرحلة جديدة "بعد أن قال شعبنا كلمته الفاصلة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات 21 فبراير التي مثلت علامة فاصلة ومحطة وطنية تاريخية هامة عبرت باليمن من النفق المظلم إلى آفاق أكثر إشراقاً وأمناً واستقراراً، وجسدت الحل المتفق عليه وطنياً والمدعوم إقليماً ودولياً للخروج باليمن من أخطر الأزمات التي كادت أن تفتك به وتدفعه إلى التشرذم والتشظية، فكان الانتقال التدريجي نحو المستقبل من خلال فترة الانتقال التاريخية بدلاً عن التراجع والانحدار إلى أتون الماضي المظلم الذي كان يطل برأسه ويحاول أن يستدعي محركاته ومعوقاته الرجعية المتخلفة.. ولكنه اصطدم بالإرادة الشعبية الضاغطة التي انتصرت للحرية والتغيير".
وأضاف: "ولم يكن أمامنا وأمام شعبنا سوى الإمساك بمقود الأوضاع الملتهبة والسير إلى الأمام مهما كانت التحديات، حفاظاً على وطن موحد ديمقراطي يكفل لجميع المواطنين حقوق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وصوناً لمكاسب ثورة الشباب السلمية وطموحاتهم المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية".
وتحدث هادي عن شباب الثورة السلمية ووصفه بأنهم "نواة التغيير، ونحن ننظر إلى مطالبهم وطموحاتهم باهتمام كبير بما يلبي توقهم إلى المستقبل المشرق ليمن جديد قائم على الدولة المدنية الحديثة وعلى المساواة والعدالة الاجتماعية.. ولا شك بأننا جميعاً نؤمن بأن مسيرة التغيير التي فجرها شبابنا وانتصر لها جاءت لتعيد للنظام الوطني أصالته وللدستور والقانون مكانته وقيمته وحرمته كما نؤمن بأن التغيير بدأ يحقق ثماره وبدأنا فعلاً ننتقل إلى ترسيخ سيادة الشعب وإقامة دولة النظام والقانون والمؤسسات التي تصون الوحدة الوطنية وتكرس قيم التآزر والتسامح وكل ما يبلور مضامين وأهداف ثورة التغيير بإبعادها الوطنية والإنسانية الحقيقية".
وأضاف: "لقد اجتزنا - بحمد الله تعالى- الكثير من الأخطار والتحديات وقادرون اليوم وبإرادة شعبنا الجبارة وبمساعدة ودعم الأشقاء والأصدقاء على استكمال الطريق والسير بالوطن إلى بر الأمان وبناء اليمن الجديد".
واعتبر أن اليمن قد اجتاز النفق الرابض على فوهة الانفجار، مضيفا: "ومهما حاول البعض أن يعرقل مسيرة الشعب وأن يمثل حجر عثرة في الطريق إلا�' أن اليمن قد أفلتت من مخالب الأمزجة الفردية والشخصية، وتقدمت كثيراً في استعادة هويتها الشرعية والدستورية وسنواصل المضي قدماً بإيمان عميق وقوي بالمصلحة الوطنية العليا دون المصالح الضيقة واثقين من عظمة إرادة شعبنا وحكمة النخب السياسية والفكرية الاجتماعية والطاقة الخلاقة للشباب ودعم المجتمع الإقليمي والدولي بالعبور وتخطي العقبات..والانتصار للوطن الموحد الديمقراطي الآمن والمستقر".
وحث هادي لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار على مواصلة عملها بتفان وإخلاص وبما يعيد الثقة واللحمة في أوساط القوات المسلحة والأمن وصولاً إلى إعادة توحيد وهيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة كاملة..وندعو جميع الأطراف إلى التعاون الصادق مع هذه اللجنة حتى إنجاز كامل مهامها وأهدافها المرسومة.
وأضاف: "إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا من أجل إنجاز المهام المرحلية المهمة التي تخرجه من أشداق أزماته العاصفة تتطلب رص الصفوف لكل القوى الوطنية السياسية والشعبية في جبهة واحدة من اجل استكمال إنهاء كل مظاهر التوتر السياسي والأمني وخلق مناخات ملائمة لتواصل التسوية دوران عجلتها ويواصل ركب التغيير سيره إلى الأمام، من خلال الخطوات والقرارات التي نتخذها لإنهاء الانقسام الحاد في القوات المسلحة والأمن وإعادة هيكلة هذه المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية ليكون ولاؤها لله والوطن والشعب وليس لأي فرد أو أسرة أو حزب والعمل على تحقيق تكامل هذه المؤسسة الوطنية تحت قيادة وطنية مهنية واحدة موحدة في إطار النظام والقانون، ووفقاً لروح دستور الجمهورية اليمنية ومضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المتفق عليها من جميع الأطراف السياسية".
واستطرد: "هذه هي المسالك العملية التي يمكن أن تقودنا إلى فضاء الحوار الوطني الشامل وإنجاحه، والذي نريد له أن يضع أسس بناء اليمن الجديد من خلال مشاركة الجميع ودون أن نستثني أحداً من اليمنيين في الداخل أو الخارج ولا أن نحجر التعبير عن أي رأي أو موقف في بحث ومناقشة صياغة الدستور الجديد للبلاد، ومعالجة هيكل الدولة والاتفاق على شكل النظام السياسي للبلد وبحث القضية الجنوبية وإيجاد حل وطني حقيقي وعادل لها والوقوف أمام القضايا الوطنية الأخرى ومنها أسباب التوتر في صعدة، فضلاً عن إصلاح القضاء والخدمة المدنية وتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية وإرساء خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والمضي خطوات متقدمة نحو البناء الديمقراطي المتكامل".
وأكد حرصه الشديد على مشاركة كل القوى والفعاليات الوطنية في لجنة الحوار واللجنة الفنية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيين والمعارضة في الخارج وسائر الأحزاب وممثلي منظمات المجتمع المدني والقطاع النسائي.
كما أكد مواصلة التعامل بحزم مع عناصر القاعدة وسنواصل التعامل التي وصفها بالشراذم "حتى نستأصلها تماماً من كل تراب وطننا الحبيب ونكفل استتباب الأمن والاستقرار والطمأنينة للموطنين".
ووجه حكومة الوفاق بمواصلة تحقيق استقرار وتقدم الاقتصاد والتنمية والتركيز قبل كل شيء على تلبية الاحتياجات الفورية للمواطنين وحشد كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحسين مستوى الإنتاج وإتباع سياسة مبادئ الحكم الرشيد وترشيد الانفاق والشفافية والمساءلة والحد من الاستهلاك الترفي، وتثبيت الأسعار ومراقبتها وتنمية الموارد والاستفادة القصوى من الثروات النفطية والمعدنية والسمكية والزراعية والحيوانية والصناعية وضمان أداء الحكومة والسلطة المحلية على نحو منظم وفاعل يحقق تفاعل جميع القطاعات العام والخاص والمختلط في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنموي.
وحث الحكومة على مزيد من الاهتمام بالمغتربين في المهجر وتقديم الرعاية المطلوبة لهم والتسهيلات الكافية.
وقال إن الشعب اليمني "قد شبَ�' عن الطوق وتعلم الكثير من أزماته واكتسب خبرات نضالية متراكمة تؤهله للخروج من هذه الظروف العصيبة"، وأضاف: "ولذلك فنحن نثق بهذا الشعب المكافح لتجاوز إفرازات وسلبيات الماضي المتراكمة والموروثة منذ عقود طويلة، وهو ما يتطلب مشاركة جميع الأطراف، كما يتطلب إخلاص النوايا ومراجعة الذات والكف عن العبث والنزول عند مشيئة وإرادة الشعب في التغيير وصدق التوجه نحو المستقبل".
وقال إن القيادة السياسية والحكومة تبنت برنامجاً للنهوض التنموي والاقتصادي للمرحلة الانتقالية استطاع في وقت قصير، أن يعيد بعض الاستقرار المنشود للبلاد وأن يوقف النزيف في الموارد الاقتصادية ويضع اليمن على بوابة التنمية الحقيقية ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة. وأضاف: "وقد حظيت المشكلة الاقتصادية بقسط وافر من المباحثات والنقاش خلال جولتنا الخارجية الأخيرة والتي أثمرت نتائج طيبة ستنعكس إيجابا على تحسين الوضع الاقتصادي في الفترة القادمة، ومنها حشد موارد مالية تصل إلى 1,5 مليار دولار في مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك تضاف إلى 6,4 مليار دولار تعهد بها المانحون في مؤتمر الرياض، كما تم الاتفاق على تعديل أسعار بيع الغاز اليمني لتتضاعف موارده العام القادم إلى حوالي 500 مليون دولار.. ولقد لمسنا من الأشقاء والأصدقاء حماساً وتفاعلاً جيداً لدعم البرنامج الانتقالي للتنمية والاستقرار 2012-2014م، وبرنامج الإنعاش الاقتصادي متوسط المدى".
وأكد أنه وجه الحكومة بتبني مسار سريع لاستيعاب المساعدات الخارجية يقوم على آليات عمل أكثر كفاءة وسرعة لتنفيذ وتمويل المشروعات الممولة خارجياً، ويرتكز المسار على حزمة منتقاة من السياسات والإجراءات ذات الأولوية بهدف تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وخلق فرص التشغيل، وتعزيز الحكم الرشيد وفرض سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.
وأعرب عن تطلعه في أن تسرع الدول والمنظمات بتخصيص تعهداتها المالية خلال الأشهر القادمة، وأمله في تدفق الاستثمارات الوطنية والخارجية على اليمن في الفترة القادمة "باعتبارها عاملاً أساسياً لتحقيق الاستقرار من خلال توفير فرص عمل للعاطلين ورفع مستوى معيشة المواطنين وتنشيط قنوات التنمية في مختلف المجالات، وستجد كل الشركات الرعاية والاهتمام وتذليل كافة العقبات وسنقدم كافة التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع، فاليمن بلد استثماري واعد ويمتلك ثروات كبيرة تتطلب استغلالها بما يعود بالفائدة المشتركة على الشعب اليمني والمستثمرين".
وأبدى أمله في أن يبدأ الرأسمال الوطني في زيادة وتوسيع استثماراته حتى يكون قدوة ونموذجا للرأسمال العربي والأجنبي، كما نتطلع إلى دور إيجابي لمنظمات المجتمع المدني في دفع عجلة التنمية وإقامة شراكة حقيقية مع الدولة والحكومة في مختلف المجالات -وفقا لما ذكرت الوكالة الرسمية سبأ.