سلاح التسريبات يدخل ساحة الصراع السياسي في اليمن
دخل “سلاح التسريبات”، ساحة الصراع السياسي في اليمن؛ فبعد يومين من بث “قناة المسيرة” التابعة لجماعة أنصار الله، المعروفة باسم جماعة الحوثيين، محادثات صوتيه بين الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومدير مكتبه، أحمد عوض بن مبارك، بثت “قناة الجزيرة”، مساء اليوم الأربعاء، تسجيلا صوتيا بين الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، والقيادي الحوثي، عبدالواحد ابو راس، يكشف تنسيقا بين الجانبين.
وفي حين احتوت التسجيل الأول بين هادي، وبن مبارك، تنسيقا لإخراج صيغة الأقاليم المرتقبة لشكل الدولة، واقرارها بستة أقاليم في مسودة الدستور الجديد، كشف التسجيل الصوتي بين صالح وأبو راس تنسيقا عاليا بين الرئيس السابق وجماعة الحوثي في حروبهم الأخيرة التي قادت الجماعة لاجتياح العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات.
وأظهر التسجيل الأخير، تحكم صالح في القرار الحوثي ابتداء من التوافق على شخص رئيس الحكومة الجديدة التي تشكلت في 7 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي وتعليماته للجماعة بالاستيلاء على المنافذ البرية والبحرية للبلد، حسب مراقبين.
وقدم صالح توجيهاته للقيادي الحوثي باللهجة العامية وبصيغة المؤنث “مش حاربي وأرقدي” (لا تحاربوا وترقدوا)، ودعاهم للتعاون مع قيادات سياسية وعسكرية في حزبه، منها “عارف الزوكا”، الأمين العام الحالي لحزب لمؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس السابق، والقائد العسكري الموالي له اللواء “عبدالعزيز الذهب “، والقيادي في حزب المؤتمر، أحمد الكحلاني.
ويرى مراقبون أن التنسيق بين صالح والحوثيين لم يكن جديدا على اليمنيين، لكن الأخطر فيه أنه أظهر نوعية هذا التنسيق الذي يصل الى أمور عسكرية واستخباراتية يجهلها الحوثيون، وكشف أن اجتياح الحوثي للمحافظات واستيلاءه على مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة كان بتوجيه تام من الرئيس السابق.
وبعد إذاعه التسريب الأخير، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات ساخرة لنشطاء وصحفيين يمنيين، كما تم تدشين هاشتاغ يحمل عنوان العبارة التوجيهية من صالح للحوثيين “#مش _حاربي_وارقدي”، والتي اعتبروها “مهينة”.
وكتب الصحفي عبد العزيز المجيدي، وهو رئيس تحرير صحيفة الشاهد السياسية على صفحته في فيسبوك “يمكن المقارنة الآن بين التسجيلين: هادي بن مبارك، صالح والحوثي ابو رأس، لتعرفوا كم كان هادي محترما، ولو كان ضعيفا وسيئ التقدير”.
وأضاف: “جماعة طائفية بامتياز(يقصد الحوثيين)، استنفرت في 2006 للتصويت لـ(صالح) بينما دم ضحايا حروبه من أبناء صعدة لازال طازجا، ضد الرجل الوطني النظيف، (فيصل) بن شملان لأنه جنوبي بالتأكيد، حتى لو لم يقولوا ذلك، وفي سبتمبر(أيلول) 2014، تواصل لعب نفس الدور بأوامر صالح نفسه، وفي 19 يناير(كانو ثاني)، تتحول إلى دمية للقتال من أجله، ضد رئيس جنوبي انحاز للحوار حتى آخر لحظة في منصبه وفق منطق مش (ليس) من اصحابنا)”.
وقال الكاتب، محمد العلائي، في منشور له على فيسبوك: “الحوثي هو المتضرر الأكبر من التسريب لأنه يظهر فيه مجرد أداه يتلقى أوامره من صالح، وهذا هو الغرض من التسريب وهو ما قد يدفع الحوثي لإثبات أن الفعل فعله وأن الكلمة كلمته وإثبات عدم تبعيته لصالح”.
وأضاف: “التسريب في حال كان صحيحا من وجهة نظري يريد إحراج الحوثي، وإثارة ضغينته وتسريع الاصطدام والقتال مع صالح”.
وسارع طرفا التسجيل من جماعة الحوثي وحزب صالح الى نفي التسجيل تارة، واعلان عدم الحرج من التنسيق الثنائي بين طرفي الحرب الأخيرة ضد السلطات تارة أخرى.
وقال القيادي في جماعة الحوثي ” علي البخيتي ” في منشور له على فيسبوك: “التسجيل الذي بثته الجزيرة للرئيس السابق صالح لا يقدم ولا يؤخر، فصالح يقدم نصائح وعبدالواحد ابو راس مجاملة يقل له تمام، سابر”.
وأضاف: “لقد اتصل بي الرئيس السابق صالح لأكثر من عشرين مرة تقريباً خلال الأحداث الأخير منذ 21 / 9 / 2014م، وفي كل اتصال يقول لي مجموعة من النصائح منها الميدانية العسكرية – مع أن لا علاقة لي مطلقاً بالملف العسكري – ومنها السياسية، وبالطبع اقول له بعد كل جملة انشاء الله، وعلى طول، وسابر، وتمام، واناقشه في بعضها”.
وأكد البخيتي أنه “لا ينكر أن هناك علاقة بين أنصار الله وبين المؤتمر كحزب، وهناك لجنة مشتركة – عارف الزوكا وابو راس وآخرون – وما يشبه التحالف بينهم ضد الخصوم المشتركين الذين تم التخلص منهم خلال أحداث 21 / 9 ( يوم اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول) وما قبله، وهذه طبيعة السياسة وتحالفاتها، لكن تلك العلاقة ندية ولا أحد يتبع الآخر، وهي مثل علاقة أنصار الله ببقية الأحزاب اليمنية الأخرى، فهناك لجنة مشتركة كذلك مع الحزب الاشتراكي وأنا أحد أعضائها”.
بينما قال عبده الجندي، المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، لقناة الجزيرة: “من حق صالح التواصل مع كل القوى على الساحة”، مضيفا: “الحوثيون أصبحوا قوة ضاربة في اليمن لا يمكن لأحد مواجهتها”، دون أن يؤكد صحة التسريب من عدمه.
ويومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء اشتباكات متقطعة بين قوات الحرس الرئاسي وميلشيات جماعة الحوثي، أسفرت عن سيطرتها على مقار رئاسية ومباني حكومية ومقرات عسكرية.
قبل أن تعلن الرئاسة اليمنية في بيان، مساء اليوم، عن توصلها لاتفاق مع جماعة الحوثي لإنهاء الأزمة السياسية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها