مشاهد حية من مسرحية «تعديل شكل الدولة اليمنية»

بدأت مسرحية «تعديل شكل الدولة اليمنية» صباح اليوم السبت -17 يناير- بمشهدها الأول المليء بالمفاجئات ممزوجاً بنوع من الفكاهة والسخرية، بطلها الأول مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور أحمد عوض بن مبارك.

مسلحون يلبسون الزي التقليدي بصنعاء يحملون أسلحة بمختلف الأشكال حتى ما يعرف بـ «البوازيك» راكبين مصفحات تابعة للجيش اليمني، استوقفوا سيارة بن مبارك في منطقة فج عطان جنوب غرب العاصمة، أنزلوه من سيارته المدرعة بالقوة إلى سيارة تابعة لهم، بحسب شهود عيان.

ما هي إلا لحظات وانتشر خبر اختطاف «بن مبارك» في أرجاء وسائل الإعلام المختلفة محلياً ودولياً، وأصبح حديث الشارع اليمني طوال اليوم، بل وأصبح حديث السلك الدبلوماسي المهتم بالشئون اليمنية، مع إدانات واسعة لعملية الاختطاف وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر بيان سفارتها بصنعاء، ومطالبات بإطلاق سراحه فوراً.

وفي الوقت نفسه، كانت الهيئة الوطنية العليا لمراقبة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تعقد لقائها في دار الرئاسة بصنعاء بحضور الرئيس عبدربه منصور هادي وعدد من المسؤولين الحكوميين وممثلين عن الأطراف السياسية.

تتوالى المشاهد الدرامية على تطورات المشهد اليمني، وينظر الجميع بدهشة عن تداعيات الأحداث والمستجدات، وكيف ينسج كاتب سيناريو قصة مسرحية «تعديل شكل الدولة اليمنية» كما يريدها مخرج المسرحية المتواجد حالياً خلف الكواليس.

انسحاب ممثلو الحوثي والمؤتمر

انسحب ممثلو الحوثيين والمؤتمر من جلسة الهيئة، احتجاجاً لما أسموه «مساعي تمرير مسودة الدستور بصيغتها الحالية» وأوضح عضو الهيئة عن الحوثيين علي العماد على صفحته «فيسبوك»، إن انسحابهم مع ممثلو المؤتمر يأتي اعتراضاً على سعي البعض فرض آلية اتخاذ قرار غير توافقية لتمرير مسودة الدستور بما تحتويه من مشاريع لتمزيق البلد.

بينما برر ممثلو المؤتمر وأحزاب التحالف انسحابهم، أن الهيئة لم تكمل لائحتها الداخلية، وتقديمهم طلبات أصيله لهيئة الرئاسة لم يتم التجاوب معها «لم تسمى في البيان»، بالإضافة إلى عدم تصحيح نسبة التمثيل للمكونات في الهيئة كما في مؤتمر الحوار الوطني.

وفي نفس السياق، قال الرئيس عبد ربه منصور هادي: ندشن اليوم مرحلة أساسية مهمة في طريق تطبيق الدستور الاتحادي، مؤكداً في كلمته خلال الاجتماع، أنه لا بد من حل مشاكلنا بالعقل دون اللجوء للعنف المتمثل بالخطف والقتل، وعلى الذين يعملون على التعطيل أن يعو أننا في الطريق الصحيح.

فضيحة أمنية ومطالبات بإقالة مدير أمن العاصمة

مشهد آخر، يروي تفاصيل فضيحة أمنية كان بطلها مدير أمن العاصمة اللواء عبد الرزاق المؤيد، وتصريحاته المضللة للرأي العام ووسائل الإعلام عن الجهة التي تقف وراء إختطاف بن مبارك، ونفيه أن تكون جماعة الحوثيين هي من اختطفته.

وعبر المؤيد عن استغرابه، لما تناولته بعض المواقع الإخبارية من مزاعم بشأن الحادث وادعائها أن أنصار الله هم من اختطفوا بن مبارك وأن مصادر في الشرطة بالعاصمة أقرت بذلك، كما نشرته وكالة سبأ الرسمية.

داعياً كافة وسائل الإعلام الى تحري الدقة والموضوعية في نقل مثل هذه الأخبار وعدم ترويج الشائعات والمعلومات المغلوطة كون ذلك يتنافى مع اخلاقيات العمل الصحفي والرسالة النبيلة لمهنة الصحافة؛ محملاً وسائل الاعلام المختلفة مسؤولية أي إجراءات وتداعيات تترتب جراء القاءها التهم جزافا ضد الآخرين.

وما هي إلا ساعة زمان، إلا وتبنت اللجان الشعبية التابعة لجماعة الحوثي، عملية الاختطاف، معللة أنها جاءت كخطوة اضطرارية لقطع الطريق أمام أي محاولة انقلاب على اتفاق السلم والشراكة، بحسب ما جاء في نص البيان الذي نشرته وكالة سبأ الرسمية المبرر لحادثة الاختطاف، وحذفها خبر نفي المؤيد.

ورأى سياسيون أن لجان الحوثي أوقعت مدير أمن العاصمة المؤيد في فضيحة أمنية مدوية تستدعي إقالته لمسارعته نفي تورط الحوثيين في حادثة اختطاف بن مبارك، بينما يرى مراقبون أن عملية الاختطاف تأتي ضمن صفقة مفاوضات جرت في بلد مجاور بهدف التراجع عن نتائج مؤتمر الحوار المتعلقة بالأقاليم الستة الواردة بمسودة الدستور.

تحرك قيادات جنوبية بصنعاء

وفي مشهد جديد، ضمن مسرحية «تعديل شكل الدولة اليمنية» وتداعيات حادثة عملية اختطاف بن مبارك، عقد اجتماع لعدد من القيادات الأمنية والسياسية وفي مقدمتهم رئيس جهاز الأمن القومي علي الأحمدي، وعدد من مشائخ محافظة شبوة، في العاصمة صنعاء للمرة الأولى.

وخرج الاجتماع بقرارات هامة وتصعيدية، أهمها تعليق أعمال الحاضرين في مؤسسات الدولة خلال 24 ساعة، وتحميل الحكومة مسؤولية سلامة الدكتور بن مبارك، وتهديدها بإجراءات وصفوها بالخطيرة تتضمن إيقاف الشركات النفطية العاملة في المحافظات الجنوبية.

وبهذه المشاهد الدرامية طوال اليوم، أنهى كاتب سيناريو مسرحية «تعديل شكل الدولة اليمنية» المشهد اليومي في اليمن، واستمتع بها أبناء الشعب اليمني، بنوع من التشويق للمشاهد في الأيام القادمة، والإجابة على تساؤلات المشاهدين، في كيفية الإفراج عن بن مبارك وفق شروط المختطفين، وكيفية إجراء تعديلات في مسودة الدستور الاتحادي وعدد الأقاليم.