هنا تكمن قوة الحوثيين
يتسأل كثير من المتابعين للشأن اليمني عن السبب الحقيقي وراء هذا الإنجازالميداني السريع لحركة أنصار الله (الحوثي )حيث انها إستطاعت بسط سطرتها على حاضرة الجمهورية اليمنية (صنعاء) في زمن يعده المراقبون قياسي مقارنة بمثيلاتها من الحركات , والتي يعزوها البعض لعوامل عدة وأسباب موضوعيه كثيرة , ولكن في خضم تلك التحليلات نجد انهم يغفلو عامل مهم وأساسي قد يكون هو حجر الزاويه في اي قراءة موضوعية لماحدث في الساحة اليمنية ..
متجاوزين حقيقة مهمة وهي أنه في اي حركة ناشئه يُعد دور الشباب هو دور محوري حيث ان قرار النشأة والانطلاقة الأولى فيها يتطلب روح وثابة وطموحة ترى المستقبل أمامها وليس لها ارتباطات او التزامات قوية للماضي إضافة لماتحمله هذه المرحلة العمرية من خصائص (فسيولوجيه) تجعلها اكثر جلداً وصبرا على تحمل المشاق واكثر تخفف من الأمراض العضويه و(سايكولوجيه)متصفة بحب المغامرة والإقدام وحب الإنجاز السريع مع روح عاليه من التضحية في سبيل انجازها وحركة أنصار الله (الحوثي) في اليمن ليست بعيدة عن هذاالمعطى الذي تقره اساسيات علم الاجتماع الذي يهتم بنشأة الدول والجماعات وانهيارها .
النشأة ودور الشباب فيها
وبالعودة للبدايات تعتبرحركة أنصارالله (الحوثي) حديثة النشأة مقارنة بالحركات الإسلامية الحديثة الأخرى حيث أنها نشأت أساساً بسبب الصراع الذي كان قائما بين القوات النظامية الحكومية وبين أحد علماء الزيدية الكبار في العام 2004 م وهو حسين بدر الدين الحوثي وإن كانت الحركة فكريا تعتبر قديمة منذ أواسط الثمانينات عندما قرر مجموعة من شباب المذهب الزيدي تكوين تنظيم فكري للدفاع عن الظلم اللاحق بالمذهب الزيدي حسب تصورهم وعدم تدريس هذه التصورات ومنع طباعه الكتب التي تتبنى ذلك التصور ومنع تدريسها ,وتبلورت تلك الفكرة وخرجت الى ارض الواقع بعدقيام الوحدة 1990وذلك عبر إنشاء ماسمى حينها بمنتدى الشباب المؤمن الذي كان يهتم باعطاء الدورات المكثفة لمدة ثلاثه اشهر في الفترة التي تكون المدارس الحكومية في فترة إجازة.
وبنظرة سريعه للفتره العمريه للمؤسسين
حسين بدر الدين الحوثي 34 سنة
محمد بدر الدين الحوثي 25 سنه
محمد يحي عزان 23 سنه
عبد الكريم جدبان 25 سنه
نستطيع ان ندرك دور وحجم الروح الشبابيه التي رافقت الحركة منذ تأسيسها الفكري .
من الفكري الى الحركي
استمرت هذه الحركة الفكرية في تصاعد مستمر حتى عام 2001م وهو العام الذي شهد انقاساما بين مؤسسي هذا المنتدى بسبب الإختلاف حول طريقة التعاطي مع الهدف من النشأة , فأنفرد حسين بدر الدين الحوثي بقيادة فروع المنتدى في منطقة مران , وأخيه محمد بدر الدين بقيادة فروع المنتدى في ضحيان وأغلب مناطق محافظة صعدة وبعض المحافظات الأخرى , بينما انفردمحمد يحي عزان وعبد الكريم جدبان بقيادة بعض فروع المنتدى في منطقتهم رازح وبعض المناطق الأخرى.
وفي العام 2002 بعد عودة حسين بدر الدين الحوثي من السودان وتركه دراسة الماجستير ,بدأنشاطه المحموم من خلال تكثيف المحاضرات على اتباعه , وركزفيها بشكل مكثف على مركزية ال البيت في قيادة الأمة وضرورة وجود العالم القائد , والعداء لأمريكا وإسرائيل بإعتبارهما الشر المطلق في هذا العالم , وحض اتباعه وارسالهم للهتاف بالمساجد بما يسمى حينها (الشعار)وهو مالفت اجهزة الامن حينها اليه
وهكذا استمرت الأحداث بالتصاعد حتى وصلت حد المواجة العسكريه بعد ذلك ومانتج عنها من تداعيات .
ومن كل ماسبق نلاحظ ان نشأة الحركة ارتبطت ارتباط اساسي وجوهري بالعنصر الشبابي كما هو حال اي حركة حديثة , وهذا الذي جعل للحركة ديناميكيه عاليه في التحرك والتوسع وفهم متغيرات الواقع في التعامل المرن مع كل الظروف والأحداث بروح التحدي وبهدف الإنتصار السريع والفعال
وضع الشباب الحالى في الحركة ووضع خصومها
ولنلقي نظرة سريعه الى وضع حركة انصار الله (الحوثي) في اعلى هرمها ومقارنه الفارق العمري مع نظرائهم المناوئين نلاحظ
عبدالملك الحوثي قائدحركة أنصارالله(الحوثي) (تولى قيادة الحركة وعمره 27 سنه )
عبدالوهاب الأنسي الأمين العام للتجمع اليمني للأصلاح (تولى المنصب وعمره 63 سنه )
عبد الرحمن عمر السقاف الامين العام للحزب الاشتراكي اليمن (تولى المنصب وعمره 58 سنه )
عبدالله نعمان القدسي التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (تولى المنصب وعمره 55سنه )
قاسم سلام امين عام حزب البعث قطر اليمن (تولى المنصب رسميا وعمره 48سنه)
اما اذا تدرجنا نزولاً الى مكتبها السياسي وقيادتها العسكريه الميدانيه , نجد انهم من فئة عمر الشباب (بين20-45سنة),
يقابلة في الطرف الاخر اعضاء امانة عامه للاحزاب المذكورة انفاً(فوق ال60سنة )
وان كانت تلك الاحزاب والتيارات تقود قواعد فتية , لكن تبقى روح القائد هي المسيطرة في اي تحرك او ردة فعل .
وهذه المقارنة البسيطة توضح قدر الفارق الزمني والفجوةالعمرية الحاصلة بين قيادات الاحزاب وبين قيادة حركة أنصار الله (الحوثي) مماجعل الحركة استثاء في الخارطة السياسية
وقد ارجع بعض المراقببين بزوغ نجم انصار الله وصعوده السريع الى وجود تحالفات خفية بين الحركة والرئيس السابق على عبدالله صالح , بهدف الأنتقام ممن ثارو عليه وتحقيق حلم العودة , بينما يرجح أخرون ان الاسباب تعود الى التحالف بين الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي والحركة بهدف التخلص من مراكز قوى داخليه يعتبرها الطرفين عوامل إعاقة لطموحاتهم المستقبليه وتلتقي مع رغبة دولية إقليمية وأن هذا الاتفاق يسير وفق صفقة اميركية – ايرانيه – سعودية .
ومع كل ماذكر لانستطيع ان نُغفل حقيقة ان الدماء الشابة في شرايين حركة انصار الله منذ التأسيس حتى التمكين هي من مكنت الحركة من الإستفادة من مجموعة معقدة من الهويات الطائفية المتنافسة حتى داخل المذهب الواحد ,واستثمار نقص التنمية الإقليمي,والشكاوى الإجتماعية والإقتصادية المتزايدة ,والمظلمات التاريخية ,واستغلال التوترالقبلي في القبيله الواحدة, والاستفادة القصوى من تقاطع المصالح مع (الدولي)و(الإقليم)
كل ذلك استثمر بروح شبابيه متطلعه للمستقبل , وبتكتيكات يتحرز منها الكهول ,وبحماس واندفاع وثاب . .
وهكذا اثبتت الدماء الشابة تفوقها على كل الكهول المناوئين ... وانها القوة الحقيقية التي يمتلكها أنصار الله (الحوثي ) في مواجهة خصومه.
المصدر: مندب برس
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها