قرارات هادي لتفكيك ألغام صالح
يمضي الرئيس هادي بخطى ثابتة لتنفيذ أهداف الثورة الشبابية الشعبية التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة رغم العراقيل التي تواجه عمليات التنفيذ.. لكن تدخلات المبعوث الأممي جمال بن عمر وجهود المجتمع الدولي تحول دون بلوغ هذه العراقيل أهدافها كاملة.
ومنذ انتخابه في فبراير الماضي رئيسا انتقاليا للبلاد، أصدر الرئيس هادي مجموعة قرارات جمهورية جريئة بهدف تفكيك منظومة الألغام التي زرعها نظام صالح طيلة 33 عاما في مفاصل وأجهزة الدولة العسكرية والمدنية وكانت سببا في تجذر وشيوع الفساد واختلال المفاهيم وصعوبة البناء والاصلاح.
كانت أولى القرارات الهامة في بداية مارس الماضي والتي قضت بإقالة قائد المنطقة العسكرية الجنوبية مهدي مقولة وتعيين اللواء الراحل سالم قطن خلفا له. وكان الرئيس السابق صالح قد اصدر قرارا عام 2008م بتعيين اللواء سالم علي قطن قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية، إلا ان قائدها اللواء مهدي مقولة رفض التسليم واستجاب له صالح. وجاء قرار إقالته في مارس الماضي بعد ذيوع عمليات التواطؤ الأمني الكبير مع عناصر القاعدة في المحافظات الجنوبية وانفلات الأمن في محافظة عدن تحديدا.
وتزامن قرار إقالته من قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، بصدور قرارين جمهوريين بتعيين المهندس وحيد علي أحمد رشيد محافظا لمحافظة عدن وتعيين اللواء صادق صالح حيد مديرا لأمن المحافظة بديلا للعميد غازي احمد علي الأحول.
وفي منتصف مارس، أصدر الرئيس هادي حزمة قرارات جمهورية أخرى فكك من خلالها أحد أهم الألغام في قيادة الخطوط الجوية اليمنية وهو عبدالخالق القاضي أحد أصهار الرئيس السابق وممن تردد اسمه كثيرا في ملفات الفساد. وقضى القرار الجمهوري بتعيين أحمد العلواني خلفا له. وجاءت بقية القرارات على النحو التالي: اللواء الدكتور علي حسن الشرفي رئيساً لأكاديمية الشرطة، والعقيد الدكتور احمد سيف نعمان الحياني رئيسا لمصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني، والدكتور عبدالكريم محمد صالح الخولاني مديرا عاما لهيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء.
ولم يكتمل شهر مارس إلا وقد تم تفكيك ثلاثة ألغام مزروعة في أهم مؤسسات البلاد الاقتصادية والإعلامية والتعليمية، حيث تم تعيين العميد الركن يحيى عبدالله السقلدي مديرا لدائرة التوجيه المعنوي ورئيسا لصحيفة 26 سبتمبر خلفا للعميد حسن الشاطر الذي ظل أكثر من ثلاثين عاما في ذلك المنصب ويعد من أقرب المقربين من الرئيس السابق.
كما صدر قرار جمهوري بتعيين ياسر حسين الحرازي مديرا عاما للمؤسسة الاقتصادية اليمنية خلفا لحافظ معياد الذي يتهم بقيادة مجاميع «البلطجية» في الاعتداءات على المسيرات الثورية خلال العام الماضي. وتم إزاحة الدكتور خالد طميم من رئاسة جامعة صنعاء وتكليف الدكتور أحمد الشاعر باسردة للقيام بأعماله.. ولكن ليس بقرار جمهوري هذه المرة وانما جاء قرار التكليف من وزير التعليم العالي حينها الدكتور يحيى الشعيبي.
وفي مطلع إبريل الماضي، أطاحت القرارات الجمهورية بقائد القوات الجوية محمد صالح الأحمر وعددا من القيادات العسكرية والمدنية المحسوبة على نظام الرئيس السابق وذلك ضمن قرارات واسعة شملت تغييرات محافظين وقيادات في الجيش والقوات الجوية والقوات البحرية وفي النفط وهيئة المساحة والأراضي.
وفيما قضى قرار جمهوري بتعيين محافظين لبعض المحافظات على النحو التالي: جمال ناصر العاقـل محافظاً لمحافظة أبين، وشوقي احمـد هائل لتعز، وسلطان العرادة لمأرب، وعلي بن علي القيسي لحجة. أطاحت القرارات باللواء رويس مجور من قيادة القوات البحرية والدفاع الساحلي وتعيينه نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشؤون القوات البحرية، بينما عين العميد الركن عبدالله سالم علي عبدالله قائدا للقوات البحرية خلفا لمجور.
وقضت القرارات بإجراء تعيينات وتنقلات في أوساط قادة القوات المسلحة هي الأقوى والأوسع منذ تقلد هادي منصبه. وأبرز ما تضمنته القرارات تعيين قائد قوات العمالقة العميد الركن علي الجايفي قائدا للمنطقة العسكرية الشرقية خلفا للواء الركن محمد علي محسن الاحمر الذي عين نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشؤون القوات البرية.
كما تم تعيين العميد طيار ركن راشد ناصر علي الجند قائدا للقوات الجوية والدفاع الجوي خلفا للواء الركن محمد صالح علي الاحمر الذي عين مساعدا لوزير الدفاع لهيئة التصنيع العسكري. وكذا تعيين العميد الركن احمد سيف محسن فضل اليافعي قائدا للمنطقة العسكرية الوسطى وقائدا للواء 13 مشاة خلفا للعميد الركن محمد علي احمد المقدشي الذي عين نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة للشئون الفنية ورقي إلى رتبة لواء.
ونصت القرارات المفاجئة التي أصدرها الرئيس هادي على تعيين العقيد طيار ركن عبدالملك محمد عبدالله الزهيري رئيسا لأركان القوات الجوية والدفاع الجوية والعميد الركن عبدالرحمن عبدالله الحليلي قائدا للواء الثالث مدرع حرس جمهوري خلفا للعميد الركن طارق محمد عبدالله صالح الذي عين قائدا للواء 37 مدرع. وتم تعيين العميد طيار ركن فيصل احمد سعيد الصبيحي قائدا للقاعدة الجوية بالحديدة والعقيد الركن حفظ الله احمد يحيى السدمي قائدا للواء 29 ميكا والعقيد الركن يوسف علي محمد الشراجي قائدا للواء 82 مشاة والعقيد الركن عبدربه عبدالملك مهدي معياد قائدا للواء الثالث مشاة جبلي والعقيد الركن صالح محمد عبدربه احمد الجعيملاني قائدا للحرس الخاص والعقيد الركن عبدالخالق احمد شويط علي اركان للواء 312 مشاه والعقيد الركن محمد احمد علي الحبيشي اركان للواء 39 مدرع.
وفي جانب غير عسكري، قضى قراران جمهوريان مهمان بتعيين الدكتور عبدالله عبيد عبدالله سالم رئيسا للهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني خلفا ليحيى دويد والدكتور منصور علي البطاني مديرا عاما تنفيذيا لشركة توزيع المنتجات النفطية خلفا لعمر الأرحبي. بينما تم تعيين الرموز المقالة كناجي الزائدي المقال من محافظة مأرب مستشارا لوزير الدفاع لشئون الدفاع الجوي ومحافظ تعز السابق حمود الصوفي وأبين صالح الزوعري كسفيرين بوزارة الخارجية.
وفي مايو الماضي وعشية الاحتفال بذكرى الوحدة، أطاح الرئيس هادي بعدد من أقارب الرئيس السابق من مناصبهم الأمنية بعد ساعات قليلة من وقوع عملية انتحارية مروعة أودت بحياة أكثر من 90 جنديا وإصابة المئات أثناء بروفة التمرين للاحتفال بذكرى الوحدة.
وتضمنت القرارات إقالات وتعيينات في مناصب أمنية عليا, فقد عين اللواء فضل القوسي قائدا لقوات الأمن المركزي التي كان يقودها رسميا اللواء الركن عبدالملك الطيب وفعليا ابن شقيق الرئيس السابق العميد يحيى محمد عبدالله صالح.
وقضى مرسوم آخر بتعيين اللواء محمد جميع الخضر وكيلا لجهاز الأمن القومي لقطاع الشؤون الخارجية وهذا المنصب مستحدث وكان ضمن صلاحيات وكيل أول الجهاز, الذي هو ابن شقيق صالح العميد عمار محمد عبدالله صالح.
كما تم تعيين قائد جديد لقوات النجدة هو العميد حسين الرضي وذلك خلفا لصهر شقيق صالح, اللواء محمد عبدالله القوسي، كما قضى القرار بتعيين يحيى علي عبدالله حُميد أركان حرب لقوات النجدة وترقيته إلى رتبة عميد.
وفي يونيو، حذفت هيئة تحرير صحيفة «26 سبتمبر» اسم عبده بورجي وهو السكرتير الصحفي للرئيس السابق من ترويسة الصحيفة ونشرت خبرا في الصفحة الأولى منسوبا لمصدر مسؤول بوزارة الدفاع عللت فيه هذا الإجراء بالوضع الصحي لبورجي ومنصبه السياسي والحزبي الذي يتعارض مع حيادية القوات المسلحة والصحيفة الناطقة باسمها.
وأصدر الرئيس هادي قرارا جمهوريا تضمن إقالة صهر الرئيس السابق عبدالرحمن الاكوع من أمانة العاصمة وتعيين وزير الإدارة المحلية الأسبق عبدالقادر هلال خلفا له وذلك بعد أيام من إضراب كامل نفذه عمال النظافة وأدى إلى تكدس القمامة وانتشار للروائح الكريهة المنبعثة من النفايات المتناثرة في مختلف أحياء وشوارع العاصمة صنعاء.
وبعد 15 عاما من شغله منصب سفير اليمن في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلن السفير عبدالوهاب عبدالله الحجري وهو أحد أصهار الرئيس السابق مغادرته لواشنطن إلى غير رجعة. وعلقت مجلة أمريكية بالقول: الدبلوماسي المخضرم الذي مكث في واشنطن 20 عاما معظمها في منصب سفير، بمؤهلاته المرتبطة بالأسرة الحاكمة السابقة لليمن.
وإلى جانب السفير الحجري الذي أنهى الرئيس هادي مدته في واشنطن ولم يتم التمديد له ككل مرة، يحتل عدد من أقارب الرئيس السابق مناصب هامة في السفارة كالملحق العسكري تيسير محمد صالح الأحمر وعبدالملك الحجري وعدد آخر من أبنائه.
وفي مطلع أغسطس، أصدر هادي حزمة جديدة من القرارات الجمهورية قضت بتعيينات في البنوك وإعادة تشكيل بعض إداراتها وتعيين رئيس مجلس إدارة لشركة التبغ والكبريت هو نبيل الفقيه بدلا من توفيق صالح وهو ابن شقيق الرئيس السابق.
وفي مطلع سبتمبر، تكفل رئيس الحكومة باسندوة هذه المرة بتعيين مدراء أمن لعدد من المحافظات بينها واهمها العاصمة صنعاء. وبحسب قرار باسندوة فقد جرى إقالة العميد الركن رزق الجوفي مدير أمن العاصمة. وتضمن القرار نقل مدير أمن محافظة صنعاء السابق العميد محمد صالح طريق، ليشغل منصبه الجديد لإدارة أمن محافظة عمران.
وكانت آخر حزم القرارات الجمهورية التي أصدرها الرئيس هادي خلال الشهر الجاري عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد واطاح بموجبها بعدد من القيادات الامنية أبرزها رئيس جهاز الامن القومي علي محمد الآنسي والذي كان احد الشخصيات الموالية للرئيس السابق ويشغل منصبي الأمن القومي ومدير الرئاسة. وبينما تم تعيين نصر طه مصطفى مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية، عين محافظ شبوة السابق علي حسن الأحمدي رئيسا لجهاز الأمن القومي، وكذا تعيين علي منصور بن سفاع أمينا عاما لرئاسة الجمهورية خلفا للدكتور عبدالهادي الهمداني، وتعيين العميد أحمد محسن اليافعي مديرا لدائرة الاستخبارات العسكرية.
وقضت القرارات بإجراء تعديل وزاري في حكومة الوفاق حيث تم تعيين هشام شرف وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، خلفا للدكتور يحيى الشعيبي، وتعيين أحمد عبدالله دارس، وزيرا للنفط والمعادن، بدلا عن هشام شرف.
وشملت التعيينات بعض المحافظات، حيث تم تعيين محمد حسين دماج محافظا لمحافظة عمران خلفا لصهر الرئيس السابق كهلان مجاهد أبو شوارب، وأحمد باحاج محافظا لشبوة، ومحمد سالم بن عبود للجوف، وعبدالغني جميل لمحافظة صنعاء خلفا لنعمان دويد والظاهري الشدادي للبيضاء.
وفيما قضت القرارات الجمهورية بتعيين الرموز المقالة مثل كهلان مجاهد أبو شوارب عضوا في مجلس الشورى، وتعيين كل من علي محمد الآنسي، وعبدالهادي الهمداني، وعلي صالح الأحمر، سفراء بوزارة الخارجية. أصدر الرئيس هادي قرارا جمهوريا بإجراء تعيينات في وزارة الدفاع. وجاءت على النحو التالي: العميد الدكتور عبدالحميد محمد اسماعيل السوسوه مديرا للدائرة المالية والعميد عبدالله غالب الكبودي مديرا لدائرة التقاعد العسكري والعميد احمد محسن اليافعي مديرا لدائرة الاستخبارات العسكرية والعميد مجاهد حسين غشيم ملحقا عسكريا.
واللافت في كثير من هذه القرارات أنها جاءت بعد أحداث أمنية ما أعطى الرئيس هادي مبررات قوية للإعلان عنها وعدم تأخيرها أكثر من ذلك، وهو مايعني أنها كانت مدرجة ضمن أجندة التغيير، لكن الأحداث الأمنية عجلت بها. ولاقت كل حزمة قرارات اتخذها الرئيس هادي ارتياحا شعبيا ودوليا.
ولا تزال الأوساط الثورية والسياسية تترقب صدور قرارات جديدة تطال رموز النظام السابق الذين لا يزالون يسيطرون على مناصب سياسية وعسكرية حساسة لا باعتبارهم رموزا للنظام السابق فحسب، بل «ألغاما مزروعة لعرقلة الانتقال لليمن الجديد».
المصدراون لاين