أموال منهوبة وصمت أهل القبور !!
بإستثناء منظمة "آفاز" العالمية لا يوجد ثمة تحرك فعلي وجاد لتجميد أموال وممتلكات الرئيس صالح وعائلته، صحيح أن المنظمة التي مقرها في نيويورك مازالت في مستهل الطريق وكل ما قامت به لا يتعدى مخاطبة المستشارة الألمانية/ أنجيلا ميركل وكذا تبنيها لحملة توقيعات دولية هدفها فرض عقوبات على الديكتاتور السابق وتجميد ممتلكاته وممتلكات أفراد عائلته.
فهؤلاء ـ وفقاً وحملة المنظمة ـ شاركوا بأعمال العنف ضد المدنيين، كما أنهم وأتباعهم يعرضون البلاد لمخاطر الحرب الأهلية، متسببين بأحداث عنف جماعي، وهجمات من قبل تنظيم القاعدة واضطرابات سياسية.
ومع أنها لسه في بداية تحركها؛ إلا أن خطوة كهذه تعد بادرة خارقة لحالة الصمت والجمود إزاء ثروة طائلة قدرـ ب50مليار دولار، وجنتها عائلة صالح بطرق غير شرعية ومن الشركات النفطية والغازية، ونهب المساعدات الخارجية المقدمة لليمن، ناهيك عن عمولات كبيرة حصل عليها المخلوع مقابل مناقصات المشاريع الكبيرة وعلى الشركات المنفذة وابتزازه للعديد من رؤوس الأموال المحلية.
قناة BBCكانت قد بثت حلقة كاملة عصر الخميس "6"سبتمبر عن مليارات مصر المنهوبة وسبل الحصول عليها واستعادتها وفقاً والطرق والوسائل القانونية والدستورية والمالية والدولية، ما لفت نظري هو هول المال المنهوب من أصول الدولة المصرية خلال حقبة حكم الرئيس مبارك – 30سنة – إذ قدرها البنك الدولي ب134مليار دولار أي ما يعادل 818مليار جنيه مصري.
تقديرات الجهات الأخرى حول حجم ثروة مبارك فقدرتها بـ"54"مليار دولار خلال ثمانية أعوام، إما المال المنهوب فكان 200مليار دولار وتم نهبه بطرق مختلفة، وهناك تريليون دولار تم إخراجها من مصر خلال "25"عاماً، وبرغم ضخامة هذا المال لم تستطع المجموعة القانونية لاسترداد الأموال المصرية سوى تجميد 750مليون فرنك سويسري – 4مليار و200مليون جنيه مصري –.
وهذا النجاح مرجعه الأساس سويسرا البلد الرائد بشفافية نظامه المالي الذي يحسب له إعادة سنوياً مليار ونصف دولار إلى دولها المنهوب منها من إجمالي خمسة مليار دولار سنوياً فقط يتم استعادتها إلى دولها من مختلف بنوك العالم من إجمالي تريليون دولار سنوياً.
البنك الدولي قدر حجم المال المودع المسروق سنوياً من الدول ب20- 30مليار دولار، أرقام فلكية يتم سرقتها من قوت ودواء ودم وموارد ومساعدات قدمت للمجتمعات الفقيرة، مؤسف حقاً أن تسرق وتنهب دول مثل مصر وليبيا واليمن وتونس وغيرها الدول العربية التي بالكاد المواطن فيها يعيش معظمة على دولارين في اليوم، وبرغم هذه الحالة البائسة تجد حكام هذه الدول يتصدرون قائمة أغنياء العالم ثروة وأرصدة وعقارات واستثمارات ونفقات ووو.
المثير للدهشة والقلق معاً هو أن القاضي/ عاصم الجوهري وجماعته المناط بها استرداد الأموال المصرية مازال يطوف دول الخليج وأوربا وأمريكا وحتى جزر مثل بنما وقبرص كي يستردوا ما نهب من وطنهم، لقد واجهوا الكثير من العراقيل والمثبطات وهم الذين يحملون في حوزتهم لائحة عقوبات أوروبية قضت بتجميد أموال من شملتهم قائمة الأسماء؛ فكيف لا يسايرنا القلق ونحن في هذه البلاد لم نتكلم بعد عن أموال الرئيس صالح وعائلته ورموزه الفاسدين الناهبين أضعاف ما سرقه وهربه الرئيس مبارك وعائلته ورموزه؟؟
قيل مؤخراً بأن المؤتمر الشعبي أنفق على تظاهرة ذكراه الثلاثين مليار و200مليون ريال وهذا المبلغ تم صرفه من رصيد المؤتمر البالغ 400مليون دولار، الحزب الشيوعي الصيني بملايينه العشرين ربما لا يمتلك في حسابه عُشر هذه الملايين المودعة في حساب المؤتمر رغم انضباط ملايين الصينيين على سداد اشتراكهم الشهري.
وإذا كان بالفعل يوجد لدى المؤتمر هذا الرقم المالي الكبير وهو التنظيم الذي لا يدفع أعضاؤه اشتراكاً أو يكون له مقومات وأسس إيديولوجية وتنظيمية واقتصادية واستثمارية؛ فكم يا ترى المال المنهوب المودع في حسابات الرئيس المخلوع وأقربائه ودائرته؟
لقد نجحت منظمة "آفاز" بالضغط على الدول كي تجمد ممتلكات الرئيس المصري المخلوع/ حسني مبارك والليبي/ معمر ألقذافي، فهل ستنجح في تجميد الأموال - ومعظم هذه الأموال في ألمانيا - التي اختلسها الرئيس صالح وعائلته؟ بكل تأكيد المسألة يستلزمها إرادة سياسية وشعبية ضاغطة وفاعلة في الداخل، كما ويسبقها ثورة تطهير واجتثاث كامل لا يقتصر فقط على رحيل رئيس ونظام فاسد وعابث وإنما – أيضا – لمرحلة تاريخية وسياسية أفسدت كل شيء في حياتنا إنساناً وثقافة ونخبة ومعارضة ووظيفة وذهنية وتاريخاً وقضاء ونظاماً وأخلاقاً وووو.