إيران تحاول رسم المشهد السياسي في اليمن
يرى سياسيون يمنيون، أن طهران ترسم المشهد اليمني الذي لم يعد شأنا داخليا خالصا، فإيران تبث رسائل إلى الحوثيين تدعوهم فيها إلى مواصلة الاحتجاج والتمسك بمطلب إسقاط الحكومة والرجوع عن قرارات إقتصادية اتخذها الرئيس هادي في محاولة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية التي وصلت لمرحلة حرجة، كان الحوثيون سببا في تدهورها نتيجة استمرار الأعمال القتالية في الجوف وعمران ومناطق أخرى.
وشكك مراقبون للشأن اليمني، بنجاعة وساطة المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، لحل الأزمة الدائرة بين الدولة وجماعة الحوثي، التي فرض مقاتلوها حصارا على مداخل العاصمة صنعاء طيلة 3 أسابيع، وما زالت خيام مناصريها في الداخل منصوبة في عدة مناطق إستراتيجية.
ويأتي تشكيك المراقبين، بعد إعلان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اليوم السبت، عن استئناف المفاوضات مع جماعة الحوثي بوساطة بنعمر خلال اليومين المقبلين، لأسباب إقليمية بحتة يرون أنها المحرك الرئيسي للأطراف المتنازعة في اليمن.
ويوحي جمود العملية السياسية في اليمن، وتعثّر التوصل لاتفاق بين الحوثيين وهادي، بقبول كلا الطرفين بإطالة أمد "التوتر والترقب الحذر" في انتظار حلول دولية، أو مساومات إقليمية، بين السعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى.
ولم يقف التدخل الإيراني عند حدّ مساندة الحوثيين وتدريب مليشياتهم على القتال، بل تجاوزت طهران هذا الدور وصارت تشجّع على قيام ثورة جديدة لقلب نظام الحكم ورفض المبادرة الخليجية وكل ماتم التوصل له عقب الثورة اليمنية التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ويرى محللون إيرانيون، أن الشعب اليمني خرج في ثورة أخيرا، لرفض المبادرة الخليجية ورفض الظلم والاستبداد، ومن بين هؤلاء الكاتب الإيراني، رضا دهقاني، الذي نشرت له وكالة أنباء فارس مقالا تحت عنوان: "موجة جديدة للصحوة الإسلامية في المنطقة.. اليمن هي المحطة الأولى".
ووجدت التوجيهات الإيرانية ترحيبا من الطيف الحوثي الذي تربطه مع إيران روابط أيديولوجية عقائدية، إلا أن المقاتلين على تخوم صنعاء يحاولون التريث، لتلقي رسائل أكثر وضوحا من طهران تدعو صراحة إلى التصعيد بناء على تقييم الساسة الإيرانيين للأوضاع في الشرق الأوسط بشكل عام.
وعلى الجانب المقابل، بدا الموقف السعودي الداعم لرئيس المرحلة الانتقالية هادي، أكثر تأثيرا بالمشهد اليمني خلال الشهرين الماضيين، بعد ان استشعرت الرياض، الخطر المحدق بالمنطقة بعد كثفت إيران جهودها لجعل اليمن أداة ضغط، للتحكم بالمشهد السياسي والعسكري في العراق وسوريا.
وتحاول الرياض قدر المستطاع دعم الرئيس هادي، الممثل الشرعي للمبادرة الخليجية ومرحلة الانتقال السياسي السلمي للسلطة في اليمن، بعد تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المدعمة لوحدة اليمن واستقراره.
وترى الرياض في نجاح مساعي الحوثيين في إشعال ثورة مضادة، وكسب سلطات سياسية وتوسيع نفوذها على الأرض، خطرا محدقا بالمملكة التي تعتبر اليمن عمقا استراتيجيا لا يحتمل وجودا إيرانيا حتى بالوكالة، سيجعل المملكة على خط المواجهة المباشرة مع إيران.
وفي ظل الدعم السعودي للرئيس هادي وإدانة مجموعة الدول العشر لما تقوم به جماعة الحوثي، ترى القيادة اليمنية نفسها، في موقع المنتصر بعد أن أعلنت منظمات محلية وقبائل يمنية تربطها علاقات وطيدة مع النظام السعودي، دعمها للرئيس والالتفاف الوطني، داعية لإصلاحات سياسية واقتصادية بعيدا عن التصعيد والعنف.
وبرز تأثير الموقف السعودي جليا، عن طريق التطورات على الأرض، فالحوثيون يدركون أن الجانب الذي تدعمه الرياض يكتسب قوة تدعمها الشرعية الدولية، لذلك يعمدون على إطالة أمد التوتر في صنعاء إرضاء للحليف الإيراني، دونما تصعيد مؤثر أو اشتباكات واسعة لتجنب تدخل سعودي قد يكون عسكريا.
إرم
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها