تصعيد الحوثيين بصنعاء يدفع هادي لمواجهتهم
يرى محللون يمنيون أن تصعيد جماعة الحوثيين تحركاتها المسلحة ضد الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء ومحيطها، سيدفع الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي للتصلب تجاههم، وربما خوض معركة مصيرية ضدهم تفقدهم أي مكاسب سياسية حصلوا عليها مؤخرا.
وكان قائد الجماعة عبد الملك الحوثي رفض مبادرة الرئيس هادي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، يتم إشراك جماعته فيها.
كما تقدم بمطالب وصفت من قبل الحكومة ومؤيديها بـ"التعجيزية" كالإشراف على جهازي المخابرات والأمن القومي، والمشاركة في تسمية رئيس الوزراء، وتحديد وزراء الحقائب السيادية.
وزاد منسوب التوتر الأمني داخل صنعاء ومحيطها خاصة في ظل تهديد الحوثي بما أسماه "اللجوء لخيارات إستراتيجية"، داعيا أنصاره للتصعيد ومؤكدا على حق الدفاع عن أنصاره، وأعلن أنه سيقدم دمه وحياته في سبيل الشعب، كما قال.
ورأى مراقبون أن هادي وحكومته باتوا أمام اختبار صعب شعبيا، وأنه بات مطالبا بإثبات جدارته في قيادة اليمن والحفاظ على الجمهورية والوحدة ومواجهة جماعات العنف، في وقت يعتقد هؤلاء أن الحوثي وضع بتصعيده الميداني والعسكري الحكومة والرئيس هادي بين خيارين: إما الرضوخ لمطالبه وإما نشر العنف والفوضى.
دماء بالشارع
ومع إعلان الحوثيين التصعيد ضد الحكومة، بدأت نذر المواجهة المسلحة تطل برأسها في صنعاء، خاصة مع سقوط قتلى وجرحى يوم الثلاثاء قرب مقر رئاسة الوزراء بوسط العاصمة أثناء محاولة حشود من المتظاهرين الحوثيين اقتحام المنطقة الأمنية المحيطة بمقر الحكومة وإذاعة صنعاء.
وقال عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين علي البخيتي للجزيرة نت إن "السلطة تورطت في الدماء وجرت البلد نحو أزمة لا يعرف إلا الله أين ستنتهي".
وأضاف "السلطة استباحت دماء المواطنين والمتظاهرين سلميا، وقتلت بدم بارد أكثر من عشرة شباب وجرحت العشرات, ولا أحد يمكنه التكهن كيف سينتهي المشهد".
وبلهجة لا تخلو من التهديد، قال البخيتي "الشعب مسلح حتى داخل العاصمة صنعاء, ولا أتصور أن يتمكن أنصار الله (جماعة الحوثي) من ضبط سلوك المواطنين وأهالي الشهداء والجرحى بعد أن رأوا أولادهم يذبحون بدم بارد أمام أعينهم".
وتوقع البخيتي أن "يتكرر سيناريو عام 2011، وأن تقسيم العاصمة إلى مربعات أمنية لمختلف الأطراف السياسية".
وبشأن احتمال انسداد أبواب الحوار والحل السلمي في ظل التوتر الأمني بصنعاء، قال "نحن منفتحون على كل الحلول السياسية طالما لبت المطالب الشعبية العادلة".
وكان قتيل قد سقط الأحد الماضي وجرح العشرات أثناء قيام قوات مكافحة الشغب بمحاولة فتح شارع المطار الذي قطع كليا من قبل الحوثيين، كما أغلق المتظاهرون من أنصار الجماعة وزارتي الكهرباء والاتصالات، ونصبوا خيام اعتصام بوسط الشارع على بعد أمتار من وزارة الداخلية.
وفي هذا السياق أكد الأمين العام لهيئة الاصطفاف الوطني صلاح باتيس على ما وصفه بـ"حق الدولة في مواجهة أعمال العنف وقطع الطرقات وإغلاق الوزارات وتعطيل مصالح المواطنين"، معتبرا أن حق التظاهر والاعتصام السلمي مكفول للجميع دون الخروج عن القانون.
وطالب باتيس في حديث للجزيرة نت جماعة الحوثيين بأن "لا يكونوا بأعمالهم المسلحة والخارجة على القانون سببا في تعطيل أهداف الشعب في إسقاط الزيادة في أسعار الوقود، وفي تغيير الحكومة وتطبيق مخرجات الحوار الوطني".
حشر الدولة
ويرى الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة ياسين التميمي أن الإجراءات والوسائل التي تتخذها من وصفها بـ"الجماعة الحوثية المسلحة" في إطار تصعيدها ضد السلطة الانتقالية تبدو وكأنها تتعمد حشر الدولة والشعب في زاوية ضيقة، وجعل خيارات التعاطي معها محدودة ومحصورة بالعنف والحرب، على حد وصفه.
وقال التميمي للجزيرة نت إن جماعة الحوثيين تحرص بأعمالها المسلحة على توظيفها وسيلة وحيدة لفرض أجندتها السياسية "ذات الأبعاد الإقليمية والجهوية والمذهبية".
واعتبر أن "الإصرار على العنف ليس إلا مستوى آخر من المواجهة التي يخوضها الحوثيون ضد الدولة والشعب، وثمة صلة كبيرة بين مساعيهم اليائسة لإسقاط الجوف عسكريا وبين التحركات الاستفزازية التي تقدم عليها في قلب صنعاء".
وذهب إلى القول إن "الحوثيين فوتوا على أنفسهم فرصة ثمينة عندما رفضوا مبادرة هادي لحل الأزمة، وأظهروا نواياهم المحملة بمشاريع سياسية، لا تتصل بأي مستوى لهموم اليمنيين ولا بتطلعاتهم نحو دولة مدنية حديثة وديمقراطية".
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها