سيناريوهات الحوثيين في صنعاء (تحليل)
يجب أن لا نفصل بين ما يحدث في اليمن عن المتغيرات الدولية الطارئة: ففي ليبيا هزيمة مرةٌ لحفتر، وتقدم نموذجي للمسار السياسي بتونس، وعدم استقرار لمصر السيسي، وخروج سوريا من يد إيران، وإسقاط حليفها "المالكي" في العراق، كل ذلك دفع أمريكا إلى إعادة نظرتها للشرق الأوسط الجديد.
- الانتصار الجزئي لحماس غزة، وتصريحات مشعل بأن إيران "كانت تدعمهم" ودخول التيار التركي القطري على خط الأزمة كطرف مؤثر وضاغط على حماس، كان رسالة قوية بأن إيران فقدت ثقلها المهيمن على المنطقة، وأنها بدأت تشد الرحيل للخروج من المعادلة السياسية الدولية.
- كان على الإدارة الإيرانية ان تعوض خسارتها في العراق وغزة بحضور كثيف بصنعاء، لتعيد نفسها إلى المعادلة السياسية، وهذا ما يفسر تحرك الحوثيين لأول مرةٍ خارج إرادة أمريكا، وخلافاً لما تريد.
- أوصلت رسالة الدول العشر صوتاً دولياً قوياً لزعيم الجماعة الحوثية، وفيه لغة تهديد يفهمها تماماً، وأعقبوا رسالتهم بضغوط حازمة ومستمرة على الرئيس هادي بأن يتحرك سريعاً لإنقاذ هيبة الدولة، فسقوط العاصمة سيدخل البلد في دوام حرب أهلية لن تتوقف على مدى عشرات السنين القادمة.
- رفض الحوثيون مقترحات اللجنة الرئاسية، وتوسعوا في اليوم التالي "الجمعة" مستفيدين من نعومة تحرك الجيش وبلادة اللجنة الأمنية التي تسعى لتضليل الناس ببلاغات ليس فيها دليل قوة.
- تأدية الحوثيين لصلاة الجمعة في خط المطار ثم نصبهم لمخيمات مسلحة في مثلث بين وزارات الداخلية والكهرباء والاتصالات سيقود إلى إحدى طريقين:
أما أن يتدرجون في الاحتجاجات وصولاً إلى إغلاق وزارات الكهرباء والاتصالات وهيئة التوفير البريدي، ولاحقاً الداخلية، وسيقولون نحن نمارس العصيان المدني حتى تستجيب الدولة لمطالبنا، وسيقولون الشعب أغلق وزاراته، وهذه خطوة مهينة لقيمة الدولة أكبر من أي شيء، إذ ماذا بعد أن يأتي شاب من صعدة لإغلاق وزارات ومؤسسات حكومية.
وربما يقود ذلك إلى انقلاب دموي ضد الرئيس هادي، خاصة وهم الآن في أهم مثلث: على مقربة من الداخلية وبإمكانهم السيطرة عليها وعلى غرفة العمليات، ويمكنهم قطع الاتصالات والتحكم بالانترنت، والسيطرة على وزارة الكهرباء، والأهم من ذلك أنهم على بعد أقل من 2 كيلومتر من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في شارع الدفاع، ومن خلفهم مطار صنعاء وقاعدة الديلمي الجوية.
وعلى يسار مخيماتهم وكالة سبأ للأنباء، وعلى يمينها مقر الفضائية اليمنية... بمعنى أشد وضوحاً في دقائق يمكنهم السيطرة على دماغ الدولة ومنافذها، وإعلان البيان الأول.
أو السيناريو الآخر لتواجد المخيمات المسلحة في ذلك المثلث الهام –إحساسٌ ما يدفعني إلى تصديق هذا السيناريو- سيفتعل الحوثيون أي مشكلة مع حراسة منزل الشيخ عبدالله المتواجدين على بعد أمتار من مخيماتهم، وسيختلقون عذراً، كأن يقولون إن مرافق من حراسة الأحمر أطلق النار على أحد أصحابهم، وسيردون بعنف مبالغ، بحثاً عن رد مماثل، وإذا لم يجدون رداً سيظلون يردون بقوة بحثاً عن "الجاني المفتعل"، ثم سيهاجمون مقرات الإصلاح القريبة من الحصبة، بحجة إن إطلاق نار صدر منها، دفاعاً عن آل الأحمر، وهكذا ستتوسع دائرة حروبهم، حتى يعوضون في صنعاء ما فشلوا به في عمران، وهو جر الإصلاح إلى حرب تفقده مشروعه السياسي المدني، تلبيةً لرغبات خليجية.
وفي كل كر وفر سيظلون يعلنون نحن لا نقاتل الدولة ولا نهاجم مؤسساتها، وعلى الجيش أن يلتزم الحياد، حتى يصلون إلى منزلي اللواء علي محسن وحميد الأحمر في حدة جنوب العاصمة، وكعادتها الدولة ستظل متواطئة ومرحبة، وفي كل مرحلة تشكل لجنة رئاسية.
إذا ما تم هذا السيناريو فإن منازل اليدومي والزنداني وآل أبولحوم وزيد الشامي ستقع في قبضة الحوثيين في دقائق، ولا استبعد مطلقاً الثأر للزعيم المؤسس "حسين الحوثي" من الرئيس السابق.
وبعد أسابيع قليلة من الاقتتال سينسحب الحوثيون من صنعاء بعد أن يكونون قد وجهوا ضربات مميتة للإصلاح، ولن يثأر آل الأحمر والإصلاح من أحد، لأن من قاتلوهم هم مجاميع مرتزقة تجمعت من كل مكان.
عقب هذا السيناريو سيتربع طرفين لدودين فوق كرسي الانتصار، وسيبدأن بالاقتتال بينهما للظفر بالنصر المنفرد: هادي أو الحوثي.
مع احتمالية أخرى أن تكون كل تلك الزوبعة الحوثية استعراض عضلات في لحظة حرجة لإقناع الشارع اليمني أنه القوة الضاربة، فيما في السر يتفاوض مع اللجنة الرئاسية على تشكيل حكومة كفاءات ولجنة لدراسة الوضع الاقتصادي.
كل ذلك وارد ما لم يتدارك الرئيس هادي مسئوليته، ويجنب البلاد الانزلاق نحو حرب أهلية لن تقف حتى بعد مماته، خاصة وهو يحظى بكل هذا التأييد الدولي والشعبي.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها