سيناريو إسقاط محافظة الجوف عبر فخ تشكيل اللواء الشعبي.. (تحليل)
خلال الفترة الماضية ويمكن تقديرها ( 3 سنوات متواصلة ) بقت محافظة الجوف عصية على الكسر والتطويع أمام جماعة الحوثي المسلحة ، كونها كانت الشرارة الأولى لحلم للتوسع والذي انطلق بعد إسقاط محافظة صعده في 23/ مارس / 2011م.
اتجهت الجماعة إلى الجوف بعد ذلك مباشرة، مستفيد من ضعف الدولة آن ذك ومن انشغال الجميع بالفعل الثوري، والذي كان في تلك الفترة على أشده، أي بعد جمعة الكرامة بأيام قلائل.
كانت هناك محاولات مستمرة من قبل جماعة الحوثي المسلحة، خلال تلك الفترة للدخول إلى محافظة الجوف وإسقاطها وضمها إلى صعده، إلا أنها دخلت في معارك خاسرة مع القبائل وسقط من مقاتليها في أسبوع الحرب الأول آن ذك أكثر من 400 قتيل وأكثر 200 جريح.
هنا عادت الجماعة إلى فتح أكثر من جبهة للتوسع، في أجزاء من محافظة حجة وفي محافظة عمران، مع بقاء نقطة الجوف مفتوحة للعودة إليها بين الفترة والأخرى، كونها تحمل أولوية في حسابها إن لم تكن تفوق عمران بكثير.
بعد حوادث إسقاط عمران على مراحل، ابتداء بحصار طلاب دماج والذي استمر لشهور ، وانتهى بتهجير سكانها من الطلاب وبعض السكان، حيث بدت صعده إثر ذلك كاملة تحت سيطرة الجماعة بصورة واضحة ، وهي البداية التي سار عليه النظام، ممثلاً بالرئيس هادي وزير الدفاع، بإلهاء الناس عن حقيقة ما يحدث وإبعاد الجيش من الخط تماماً، من خلال إرسال لجان رئاسية مدنية وعسكرية كانت النتائج واضحة تماماً.
بعدها مباشرة فتحت جبهة حاشد ، وكانت الطريقة عبر المشايخ هناك وقيادات في المؤتمر الشعبي العام، والذي تولى تلك المهمة هو الرئيس السابق كجزء من الانتقام مع أبرز خصومه السياسيين، مع ضوء أخضر واضح من قبل الرئيس هادي تماماً .
سقطت حاشد سريعاً، وسط ذهول الكثير من المتابعين، ورغم وجود اللجان الرئاسية إلا أن دورها كان إشرافي لا أكثر .
فقد كان الإعلام الرسمي والحزبي يصف المعركة هناك بأنها لا علاقة لها بتوسع جماعة الحوثي، وإنما إضعاف القوى التي يمكن أن تعرقل مسار الدولة الحديثة، وهي الشبهة التي لقيت رواج سريع وكبير حتى داخل حزب الإصلاح نفسه، والذي خسر أحد أهم حلفائه هناك وهم بيت الأحمر وبسبب أداء سياسي ركيك لا يزال تأثيره حاضراً حتى اللحظة.
جاء الدور إذا على المحافظة، وكان الكثير قد بدأ يستوعب الدرس بعض الشيء، كون المبرر في حاشد لم يعد مقبول في مدينة عمران، إلا أن الآلة الإعلامية وصمت الدولة وإصرار الرئيس هادي على تسليمها جاء عبر السماح للجماعة هناك، أن تمارس حصار شديد وخانق على المدنية استمر لشهور تحت غطاء، خيام ثورية.
لقد كان تأخر سقوط المدينة ولفترة طويلة، يعود إلى صمود اللواء 310 بقيادة اللواء حميد القشيبي والى صمود أهالي عمران والذين رفضوا كانوا يغطون فراغ الدولة، ما جعل الفعل السياسي والذي قاده وزير الدفاع هو الحاسم في هذه القضية لصالح جماعة الحوثي.
وسقطت عمران بمسرحية هزيلة، ابتداء باتفاق رعاه مفوض الآمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، وبمشاركة الطيران الحربي، والذي كان هدفه الأساس هو أبعاد لأهالي من المشاركة في الدفاع عن عمران، ويوصل رسالة بأن الدولة حاضرة وهي التي ستصد الحوثي عن اقتحام المدينة.
إلا أن معطيات الأحداث وتسارعها، هناك كشف عن زيف ذلك وأن الدولة (الرئيس هادي – وزير الدفاع) تسير في طريق تسليم المحافظة كاملة للحوثي، ولم يؤخر التسليم سوى تصلب اللواء 310 فقط، فكانت النهاية واضحة للعيان ومكشوفة بما لا يتحاج إلى تعليق.
حاولت الجماعة بعدها أن تعود إلى الجوف، وبعد سقوط عمران مباشرة، وتم إحراق أربع شاحنات سلاح في أرحب في طريقها إلى الجوف، نهبت من اللواء 310 مستفيدة من النصر الكبير الذي تحقق والرعاية الرسمية.
لقد خرجت جماعة الحوثي من عمران ليس بانتصار عسكري فقط، بقدر ما هو انتصار سياسي، ورعاية رسمية، والذي لم يعد وسيط بقدر ما أصبح شريك مباشر في التسليم والسير بالمخطط إلى نهايته.
وشعر الحوثي بأن الطريقة التي سقطت فيها عمران سوف تفتح بها الأبواب المغلقة على الأقل في الجوف، أو أنها سوف تحقق انتصار بالرعب مستفيدة من الفعل السياسي الرسمي والذي أعقب سقوط عمران بتغيرات عسكرية لعدد من الألوية كلها لصالح الجماعة بما في ذلك عزل وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب.
الجديد الآن والمثير في ذات الوقت هو تصريح محافظ الجوف محمد سالم عبود لصحيفة الإتحاد الإماراتي بتشكيل لجان شعبية من الجوف ومأرب لمواجهة المد الحوثي هناك وتحت قيادة وزير الدفاع.
وبالعودة إلى ما جرى في عمران وتأخر سقوطها بسبب صمود اللواء 310 ورفض تسليمها تحت إصرار وزير الدفاع نفسه، إضافة إلى أن أبناء عمران كانوا يقاتلون خارج سيطرة وزارة الدفاع تماماً وهو ما يمكن تحاشيه في الجوف.
القضية الآن تتكرر في الجوف، من خلال صمود اللواء 115 مشاة، والذي يرفض تماماً تسليم المحافظة لجماعة الحوثي، ويقاتل بشراسة وصد الجماعة أكثر من مرة، وانتصر عليها في أكثر من معركة .
وخطورة تشكيل لواء شعبي يتبع وزير الدفاع كما هو في الخبر المشار لا يخلوا من مخاطر جوهرية على المحافظة.
فهو يهدف أولاً إلى توحيد القوات التي تقاتل ضد الحوثي في الجوف، وجعلها في لواء شعبي واحد، وهذا طبعاً ما سيضمن على الأقل منع أي شخص أو جهة تقاتل خارج هذا اللواء ، وخطورة ذلك يمكن في تحجيم دور المشاركة الشعبية في الدفاع عن الجوف وحصرها في لواء شعبي، له قيادة وله مكان محدد، والقيادة تحت شخص وزير الدفاع كما جاء في التصريح المشار إليه.
وبناء على ذلك، يسهل التلاعب بأي صمود عبر اللواء الشعبي المؤطر في حظيرة وزير الدفاع، وإذا صعب كسره أو التأثير عليه مثلا، فيمكن إدخاله في معارك هامشية، يسهل التحكم في نتائجها بكل يسر وسهولة، تصب في النهاية لصالح تقدم جماعة الحوثي وتسلمها المحافظة وربما بالتوازي مع تسليم محافظة حضرموت للجان الشعبية ايضاً.
وبالتالي سيكون هناك محافظتين في الجنوب تم تسليمها للجان الشعبية بصورة كاملة، مع غياب كامل للدولة وأجهزتها داخلها ، كما تشير عدد من التقارير الصحفية، وبل وتصريحات لوسائل إعلام رسمية تؤكد ذلك، وربما أن حادثة الاشتباك المسلح بين الجيش واللجان الشعبية في شبوة لا يزال حاضراً قبل بضعة أشهر.
وبالتالي سيكون بقاء الألوية العسكرية في تلك المحافظات عبارة عن معسكرات سلام، وهو ما يجري التحضير له الآن في محافظة حضرموت بعد تصريحات وزير الدفاع الأخيرة والتي أشار إلى وزير الدفاع، عن نية وزارة الدفاع تشكيل لجان شعبية لمواجهة أنصار الشريعة هناك مستفيد من حادثة ذبح الجنود بعد عيد الفطر المبارك الشهيرة.
وهو ذات الأمر الذي يجري في الشمال، حيث سلمت محافظتين إلى جماعة الحوثي المسلحة أسوة باللجان الشعبية في الجنوب مع الفارق أن القيادة الحقيقية في الجنوب فيما يخص اللجان الشعبية لم تعلن أهدافها حتى الآن.
على ذلك فإن إشراف وزير الدفاع على هذا اللواء في الجوف، يجري التحضير لتسليم المحافظة الثالثة، وبذات الأساليب مع تغير جديد في التكتيك من خلال الاستفادة من تجربة عمران ومحاولة تكرارها في الجوف وبأقصى سرعة.
وبناء على المعطيات السابقة فإن سقوط الجوف سيكون وشيكاً، فيما لو وقع الجميع هناك في مصيدة وزير الدفاع، فكما أن الجميع يرفض تشكيل لجان شعبية في حضرموت حتى الآن، فإن حادثة ذبح الجنود، لا استبعد أنه كان مقرر لها سلفاً، وهناك معطيات ترجح ذلك، ليس أقلها قتل المتهم الذي قبض عليه وهو أحد المتهمين بالمشاركة في ذبح الجنود.
والتي كانت مبرر كافي للقول بأن الجيش أصبح عاجزاً وليس سوى تشكيل لجان شعبية هناك وهذا ما يجري بالضبط مع فارق أن الناس لا زالت تثق بالجيش وترفض فكرة اللجان الشعبية حتى اللحظة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها