هل ينجح اليمن في بناء الدولة الاتحادية؟
بعد الإعلان رسميا أن اليمن سيكون دولة اتحادية من ستة أقاليم، فإن المراقبين يتساءلون عن قدرة اليمن في بناء هذه الدولة خصوصاً في ظل تحديات أمنية وسياسية واقتصادية تواجه تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطني.
وتزيد حدة المخاوف من انزلاق البلاد نحو مزيد من العنف والاضطرابات، مع تصاعد نشاط الجماعات المسلحة بالتزامن مع حالة الاستعصاء السياسي لبعض هذه الجماعات ولأطراف أخرى معارضة لطبيعة تقسيم الأقاليم في الدولة الاتحادية المزمع إقامتها.
وبينما يقلل سياسيون يمنيون من تداعيات هذا الأمر على نجاح بناء الدولة الاتحادية، يحذر محللون وباحثون من خطر الجماعات المسلحة التي لا تؤمن بالعمل السياسي وأدواته، ويعتبرونها من أبرز المخاطر التي تهدد مستقبل أي نظام فدرالي.
عبد الله العليمي اعتبر الأمن والاقتصاد الهاجس الأكبر
الهاجس الأكبر
ويري رئيس دائرة شؤون السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني بمكتب رئاسة الجمهورية عبد الله العليمي أن التحدي الأمني والاقتصادي يشكلان الهاجس الأكبر أمام القيادة السياسية لما يتطلبه بناء الدولة الاتحادية من تبعات مالية كبيرة.
وقال للجزيرة نت إن تجاوز هذه التحديات مرهون بالتوجه الحكومي القادم نحو محاربة الفساد وتطوير موارد الدولة بالشراكة مع المجتمع الدولي والمانحين، بالتزامن مع إعادة النظر في بعض قيادات الأجهزة الأمنية لتعزيز دورها في البلاد.
وأضاف "نعتقد أن بعض الأطراف السياسية التي لا تزال لديها تحفظات على صيغة الدولة الاتحادية بشكلها الحالي، ستتعامل بإيجابية أكبر مع هذا النمط للأقاليم إذا ما وجدت على الواقع أن هذا الشكل يحقق نتائج إيجابية".
وكان الحوار الوطني قد قرر أن يكون اليمن دولة اتحادية من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنان في الجنوب، وهو الخيار الذي رفضه الحوثيون وتحفظ عليه الحزب الاشتراكي المطالب بصيغة دولة اتحادية من إقليمين تستعيد في الشكل حدود دولتي اليمن الشمالي والجنوبي السابقتين.
ويرفض قسم كبير من مكونات الحراك الجنوبي -لا سيما تيار علي سالم البيض نائب الرئيس السابق المقيم بالمنفى- الحوار ونتائجه، وقد أكدت هذه التيارات في رسالة إلى مجلس الأمن قبل أسبوع تمسكها بمطلب استعادة دولة الجنوب السابقة.
وقال رئيس المنتدى العربي للدراسات في صنعاء نبيل البكيري إن الفدرالية صورة من صور الإدارة السياسية لأي دولة جربت خيارات الإدارة المركزية وفشلت فيها ولم يتبق لها سوى هذا الخيار "وهذا الذي لم يحصل في الحالة اليمنية حيث تم القفز إلى الفدرالية كخيار، ونحن غير مضطرين للذهاب إليه".
نبيل البكيري ربط النجاح بتوفر جيش قوي وجهاز أمني وسيادة القانون
ضعف المركز
ويري البكيري -في حديث للجزيرة نت- أن الأساس الذي يجب أن تبنى عليه فدرالية الحالة اليمنية هو ضرورة وجود شيئين، جيش وطني قوي وجهاز أمني أقوى، بجانب وجود المعايير الأخرى في مثل هذه الحالة وهي التناسق الثقافي وسيادة القانون.
واعتبر الباحث وجود جماعة مسلحة لا تؤمن بالعمل السياسي وأدواته المختلفة بأنه من أبرز المخاطر التي قد تهدد مستقبل أي نظام فدرالي ليس له تجربة تاريخية تأسيسية، ولا يمتلك العوامل الضرورية لنجاحه كوجود جيش قوي ومؤسسة قانونية ضامنة ومنفذة أحكامها.
وأضاف أن الفدرالية هي بالأساس تقاسم للسلطات وليس تقاسم الجغرافيات "ويجب أن تسعى الدولة بقوة إلى توفير مثل هذه الشروط للنجاح، وبدون ذلك لا أعتقد أننا سنكون أمام دولة فدرالية" كون ضعف المركز سيؤدي إلى تشتت الأطراف وربما انفصالها.
فيصل علي لا يرى مهددات كبيرة تعوق نجاح بناء الدولة الفدرالية
من جهته، لا يرى الكاتب الصحفي فيصل علي مهددات كبيرة تعوق نجاح بناء الدولة الفدرالية باليمن باستثناء تخوفات العجز المالي على مستوى كل الأقاليم "وهذه التخوفات بالإمكان تجاوزها إذا ما تم القضاء على الفساد".
وقال -في حديث للجزيرة نت- إن هناك من يحاول وضع العراقيل خوفاً من أن تضيع مصالحه الخاصة كمستفيد من الوضع المركزي للدولة، ومنهم من لديه أطماع بالسيطرة على البلد كقطعة واحدة، وآخرون يخشون من أن وضعا جديدا قد لا يستطيع أن يتلاءم معه، لكن الوعي كفيل بإزالة هذه المخاوف.
وأضاف "لا خوف من تنظيم القاعدة أو الحوثيين على الفدرالية لأن هذه الجماعات المسلحة لا تحظى بعمق شعبي في اليمن، وكما أسقط المواطنون -عندما اتحدت إرادتهم بإرادة الدولة- القاعدة في أبين فإنهم سيسقطون تلك المليشيات سواء في صعدة أو الجنوب".
المصدر:الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها