المشايخ والمصحف وحنث الرئيس !!
قيل بان اشياخ القبيلة والمذهب حرصوا كثيرا على مقابلة الرئيس ، لقد ارادوا سماع الكلمة السحرية من لسان الرئيس هادي وفي داره الذي لم يغادروه سوى بعد ان اطمأنت قلوبهم الوجلة وهدأت نفوسهم المفزوعة على هذه الوحدة ، فبرغم انهم سمعوا من الرئيس ما يخفف روعهم ويجعلهم يأوون الى بيوتهم وقبائلهم وغنائمهم بنفس راضية وذهن غير مبال او مكترث بخلافات مؤتمر الحوار ولا بما تنشره وتبثه وسائل الاعلام ؛ إلا أنهم ومع كل التطمينات لهم بحفظ الوحدة وبكيان فدرالي متعدد الاقاليم اصروا والحوا على الرئيس لأن يقسم لهم على المصحف الذي جلبوه عنوة لهذا الحنث العظيم .
المهم الرئيس هادي لم يستفزه طلب المشايخ ، ابتسم ابتسامة الحليم المضطر لحلف اليمين ، مد يده اليمنى وبسطها على كتاب الله المحفوف ببركات اصحاب الفضيلة ودعوات مشايخ القبيلة ، ثم اردف وبلكنة بدويه خجلة وقورة قائلا : اقسم بالله وبحروف كتابه هذا انني لن اسمح بتمزق البلاد وسأحفظها موحدة ما بقي في نبض وحدوي كما ولن اقبل بفدرلة ثنائية شطريه ولو اضطرني ذلك للتضحية بحياتي وليس فقط فقدان الرئاسة " .
ودعوا الرئيس بثغور فاغرة ضاحكة مسترسلة بلؤمها وخبثها ، اطلقوا لعنان السنتهم كي تلهج بعبارات الشكر والثناء لقائد مسيرة حفظ الوحدة ، اطنبوا في مدحه والاشادة بفيض كرمه وحماسته وكذا وعده لهم وقسمه العظيم ، قالوا في مؤتمر الحوار ما لم يقله الشاعر جرير بالفرزدق قدحا وذما وهزلا ، نفضوا عن وجوههم الحياء وشمروا ايديهم ونفوذهم للهدم والتخريب والارهاب والخطف والخوف والقتل وسواها من الافعال الوقحة الوائدة المخاتلة لكل المبادئ والقيم الانسانية والسماوية .
اليوم نراهم يتخندقون في جبهة الوحدة ضدا على الرئيس هادي ومؤتمر الحوار وفدرلة البلاد ، ينظرون شزرا الى ما يحدث في محافظات الجنوب دونما يفعلوا شيئا ذات قيمه ومنفعة لأولئك الساخطين المحبطين من الوحدة ومشايخها وعساكرها الفاسدين الناهبين الجشعين ، وعندما يقترب فرقاء الفعل السياسي من ملامسة عصب المشكلة والحل يكون الرد سريعا من هؤلاء المشايخ وعلى غرار ما فعلوه حيال جمهورية الضباط الاحرار وهي في مهدها ومن خلال مؤتمر عمران 65م وإزاء اصلاحات النعمان والعيني وتصحيح حركة الحمدي 13يونيو 74م
فكأن ما يجري في حضرموت وعدن ولحج والضالع وابين وشيوه هي افعال حاصلة في كوكب المريخ او المشتري لا في جغرافية بلاد مازالت واحدة او انها كذلك ! كأنهم ينفضون عن انفسهم وايديهم أية صلة بهذا الجنوب الثائر الساخط ! فهذه الوضعية المضطربة أمرها يتحمله الرئيس هادي وحكومته الفاشلة ، غضب وعنفوان لا علاقة البته له بتوحد فاشل تم وئده والغدر به من ذات القوى المتحالفة في الامس واليوم ، أنه مجرد غضب فائض لا يستحق اذعان الناهبين المغتصبين الوجلين الآن على ضياع مغانمهم .
نعم رفضوا فدرلة اليمن الى سبعة مخاليف حين كان مجتمع الجنوب مازال شريكا في السلطة والقوة والوحدة ، كما وانقلبوا على وثيقة الحوار الوطني الموقعة من كافة القوى السياسية في فبراير 94م فبدلا من تنفيذ نصوصها الحداثية التي قيل فيها اطراء ومدحا ما لم يجرؤ عليه مالك في وصفه للخمرة .
قبل انقلابهم على اتفاقيات الوحدة وعلى دستورها ومضامينه الحداثية فضلا عن رفضهم لوثيقة الانقاذ " وثيقة العهد والاتفاق " كان لهذا التحالف المشؤوم قد انقض على مبادئ واهداف ثورة 26سبتمبر 62م وعلى جمهوريتها الفتية التي لم تستطع بسط نفوذها على كامل سيادتها بسبب خطأها الجسيم حين منحت اشياخ القبيلة سلطة على اقيالها ومناطقها .
ومن وقتها وهذه الجمهورية لم تقم لها قائمة ، كما ومن تجليات استئثار مشايخ القبيلة والمذهب على سلطة الدولة هو اسقاط المشير السلال اثر انقلاب ابيض يوم 5نوفمبر 67م واغتيال الشهيد ابراهيم الحمدي 11 اكتوبر 77م ؛ بل وسقوط كل فكرة تالية من شأنها احلال الدولة بدلا عن اقطاعيات ما قبل الدولة والثورة والجمهورية .
عطلت لغة العقل والحكمة والحوار والرؤية واستبدلت وقتها بدخان البارود ولعلة الرصاص وصليل المجنزرات وقرابين الضحايا المزهقة على قارعة فرض الوحدة بالقوة والجبروت والفيد والاقصاء والزيف والتضليل .
اعجب ما في اللحظة الراهنة هو أن الامس يعيد انتاج ذاته وبشكل سافر غير مبالي بشروط وادوات الحاضر ، فمشايخ المذهب والقبيلة يستنفرون قواهم التي حشدوها كعادتهم الى العاصمة صنعاء وإن هذه المرة ليس بزخم مؤتمر الجند في تعز قبل اندلاع حرب 94م أو انه بهواجس مؤتمر صنعاء بعيد احتلال افغانستان والعراق 2002- 2003م وقبيل ثورات الشباب بمدة وجيزة ؛ لكنهم ومع كل تلكم الفوضى السائدة قدر لمشايخ المذهب الاصطفاف بوجه وثيقة العهد والاتفاق كما وقدر لهم وقف فكرة الدولة المدنية ومحاربة الارهاب وتنظيم السلاح وتوحيد التعليم وغيرها من القضايا الملحة والاساسية لبناء كيان الدولة الحديثة ؟
اليوم نراهم وجلون وجزعون جدا على الوحدة والعقيدة المهددتين من مؤتمر الحوار ومن نتائجه الكارثية الوخيمة على البلاد والعباد ، ومعهم كل الحق إذا ما تداعوا الآن وأمس ، فهم لا يرون مصلحتهم في مقررات مؤتمر الحوار التي بكل تأكيد ستذهب بسلطانهم ونفوذهم ومكانتهم المكتسبة جميعها من هيمنة المذهب والفتوى والحسب والنسب وسواها من المحددات والامتيازات التي يستحيل عليهم تحقيقيها في ظل معايير عادلة معتمدة في الدولة المدنية .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها