مآلات الأوضاع في جنوب اليمن
تراقب الأوساط اليمنية بقلق بالغ التطورات الأمنية في جنوب البلاد، خصوصا في ظل تصاعد الهجمات الليلية التي يشنها مسلحون من أنصار الحراك الجنوبي على مواقع عسكرية، بهدف إخلاء محافظات الجنوب ومدنه من قوات الأمن والجيش التي يصفونها بالمحتلة.
وتأتي هذه الأحداث بعد دعوة قبائل وعشائر بمحافظة حضرموت إلى هبة شعبية، احتجاجا على مقتل زعيم قبائل الحموم في المحافظة الشيخ سعد بن حبريش ومرافقيه في وقت سابق من هذا الشهر برصاص قوات عسكرية اشتبهت في انتمائه وجماعته المسلحة إلى تنظيم القاعدة.
وكانت اللجنة الأمنية العليا بصنعاء عقدت -السبت- اجتماعا استثنائيا بناء على توجيهات رئاسية، لمناقشة الاختلالات الأمنية التي حصلت في بعض المحافظات الجنوبية، ونتج منها بعض الأضرار والخسائر البشرية والمادية، وطالت بعض الممتلكات العامة والخاصة في تلك المحافظات.
وقال مستشار رئيس الوزراء اليمني راجح بادي للجزيرة نت إن هناك بعض القوى السياسية تسعى لجر حضرموت إلى مربع العنف والكراهية ضمن محاولتها لإفشال مؤتمر الحوار الوطني.
وحمل مسؤولية هذه الأحداث لمن سماها قوى لفظها الشعب اليمني من السلطة منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، ومن أشار إليهم مجلس الأمن بشكل واضح وصريح في آخر بيان له.
صراع هوية
ويحذر مراقبون يمنيون من خطورة تصاعد حدة التوتر الأمني في الجنوب والانزلاق لمربع والحرب الأهلية في ظل تكرار عمليات النهب والحرق التي ينفذها مسلحون يعتقد انتماؤهم للحراك الجنوبي بحضرموت ضد محال تجارية تابعة لمواطنين من مناطق شمالية.
ويخشى المحلل السياسي عبد الناصر المودع من أن يؤدي استمرار التأزم في الجنوب إلى مزيد من الاستقطاب بين شطري البلاد وصراع هوية في اليمن، مما يضع مزيدا من العراقيل أمام عملية التسوية السياسية في البلاد، ويساهم في فشل الحوار.
وقال في تصريح للجزيرة نت إن التدهور الحاصل الآن في الجنوب ربما كان متوقعا، خاصة أن الحوار لم يكن الوسيلة لحل المشكلة الجنوبية، مشيرا إلى أن اختيار حضرموت منطلقا لخلق الفوضى يرجع الى أهميتها الاستراتيجية لليمن، حسب وصفه.
وأضاف أن حضرموت والتي تضم المخزون النفطي الاستراتيجي لليمن إضافة إلى مساحتها وموقعها الجغرافي يجعلها هدفا لمن يريد خلط الأوراق ونشر الفوضى بالبلاد.
وتسود محافظات جنوبية، أبرزها حضرموت وشبوة وعدن والضالع ولحج حالة من التوتر مع تجدد الاشتباكات فيها لليوم الثالث على التوالي بين عناصر من الحراك الانفصالي وقوات الأمن.
استغلال خاطئ
وتعليقا على ما يجري، أكد محافظ عدن المهندس وحيد علي رشيد للجزيرة نت أن هناك عددا ممن يحاولون استغلال ما يجري في حضرموت بشكل خاطئ بهدف نشر الفوضى، وأضاف أن الوضع الأمني بالمدينة يسير نحو الهدوء والاستقرار.
وقال إن أصحاب هذه الدعوات هم سياسيون، عليهم أن يعودوا إلى الحوار لمناقشة قضاياهم مع الجهات المختلفة ذات العلاقة لوضع معالجات منطقية لا تؤدي إلى مزيد من التوتر.
وشدد على أن ما يجري لا علاقة له بمشكلة حدثت في حضرموت، وإنما هناك من يريد أن يقوض الوضع العام من خلال العبث بهذه الأوراق واستغلال بعض الأحداث لتوجيهها بشكل جلي ضد مخرجات الحوار بهدف الرجوع باليمن إلى الوراء، وفق قوله.
حوار البيض
من جهته، أشار رئيس تحرير صحيفة الأمناء بعدن والمقربة من الحراك الجنوبي عدنان الأعجم إلى أن استخدام الحكومة القوة ضد الاحتجاجات في الجنوب لم يعد خيارا يمكن قبوله، وقد يكون سببا في تعجيل النهاية للوحدة اليمنية.
ودعا في حديث مع الجزيرة نت ما سماه نظام صنعاء إلى السعي لمحاورة الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض وبقية القادة الجنوبيين الذين توقفت معهم الحوارات منذ إعلان انسحابهم من مؤتمر الحوار.
وخلص إلى أنه يتوجب على "المتصارعين في صنعاء" إدراك خطورة الأوضاع، وأن الجنوب أصبح عرضة للتدخلات الخارجية نظرا للموقع الاستراتيجي، كما أن هناك من يسعى لخلط الأوراق وتأجيج الصراع، أبرزهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح أملا في العودة للحكم.
المصدر:الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها