الحوثي ينكسر أمام القبائل والسلفيين
أشيع خبر قبل العيد بنحو أسبوعين عن سفر صالح إلى محافظة الحديدة واجتماعه هناك بكبار أسرته ومعاونيه، وأشيع في تلك الأيام أنه مسافر براً عبر الحديدة لأداء الحج. ثم بدا لهم تغيير السيناريو فعادوا إلى أمر آخر ونشر موقع "المؤتمر نت" ومواقع تابعة لصالح (يوم 25/9) إن صالح دخل مستشفى الزبيدي في العاصمة صنعاء لتلقي العلاج، وإجراء فحوصات طبية "تكللت بالنجاح".
وفي اليوم التالي تداولت ذات الوسائل أن "الزعيم" استقبل المهنئين (بمناسبة ذكرى ثورة سبتمبر وليوم واحد فقط). إلا أن هذا الخبر المنشور في صحيفة "اليمن اليوم" خلا من صورة لصالح وهو يستقبل المهنئين. وإيراد خبر كهذا غير مدعوم بصورة واحدة كان أمرا غير مسبوق، إذ عرف صالح -خاصة خلال الفترة الأخيرة- بافتعاله المناسبات التي يظهر بها على وسائل الإعلام، وبدا الأمر مثيرا للشكوك حول صحة الخبر، إذ كيف يمكن أن يفوت الرجل مناسبة كهذه ولا تظهر فيها صورته.
بعد ذلك: أعلن إعلام صالح اعتذار الرجل عن استقبال المهنئين بمناسبة العيد. وهو أمر لا يتسق مع استغلاله لأي مناسبة من أجل الظهور الإعلامي على نحو ما ورد في الفقرة السابقة، فكيف سيفو�'ت مناسبة عيد الأضحى!؟
كان صالح كمن قرر أن يختفي ولكنه لم يتخذ قرارا بالمبرر واللافتة التي سيختفي خلفها، لأن العادة جرت أن اختفاءه يعني -بالضرورة- ظهور عدد من القلاقل والمشاكل وأعمال العنف والفوضى.
في تلك الأثناء، أيام قيل إنه في الحديدة، ترددت إشاعة مفادها أنه بصدد السفر برا لأداء الحج. وكأن الحج كان هو اللافتة المثلى لابتعاده وحتى لا يظهر على صلة بالقلاقل المزمعة، إلا أن هذه اللافتة احترقت سريعا، ونقلت بعض الصحف أن المملكة العربية السعودية لم تسمح لعلي صالح بالسفر إليها.
لقد كان صالح حريصا على استغلال هذه اللافتة، لأنها تظهره بعيدا عن تلك القلاقل التي كان قد خطط لتنفيذها خلال فترة العيد، وهو الهدف الأول. وسيحقق منها أهدافا أخرى إضافية إذ أن نشر صوره في وسائل الإعلام بلباس الإحرام أمر دعائي كبير لا يعرف قدره مثل صالح، كما يريد أن يثبت من ذلك أنه مدعوم سعوديا، وهو ما يحرص على الإيحاء به بالحق والباطل، تبعا لمعرفته بأن كثيرا من المشائخ والمسؤولين وقادة الرأي العام في اليمن يميلون إلى من تميل إليه المملكة.
ونتيجة لاختفائه، كانت هناك "همهمة" المحيطين به من الذين لم يعودوا يرونه ارتفعت وتيرتها، واعتقدوا أن الرجل مات، فشاعت هذه الشائعة شيوع النار في الهشيم، واعتقد الشعب اليمني وفي المقدمة شباب الثورة أن عزرائيل قد حقق لهم الأمنية الأعظم وكفاهم شر النضال.
انقضت أيام العيد كأسوأ أيام المناسبات من حيث ارتفاع وتيرة أعمال العنف، وظهور مخططات كبرى لإشاعة الفوضى، كحادثة اقتحام مقر التجمع اليمني للإصلاح في تعز، وهي الحادثة التي سبقت العيد بأسابيع وكان ينتظر أن تتوالى تداعياتها، وأن يتوافد المسلحون من شرعب والمناطق القبلية الأخرى كما توافدوا لحماية الثوار السلميين العزل بعد محرقة ساحة الحرية في تعز أيام الثورة، ثم تشتعل تعز بالفوضى، ولا تلبث أن تشيع الفوضى أنحاء البلاد.
بالتزامن مع هذه المحاولات في تعز، كانت نار الفتن والقلاقل تشتعل في المحافظات الأخرى بنسب متفاوتة، وكان النصيب الأوفر لحضرموت والبيضاء وشبوة، وتلقت الكهرباء -من خلال استهداف أحد أبراجها- واحدة من أقوى الضربات دخلت بعدها معظم أجزاء البلاد في ظلام دامس ودائم لأكثر من عشرة أيام.
كانت تقارير صحفية قد حذرت من مخطط للفوضى خلال فترة العيد، باعتبار أيام العيد الفرصة الأمثل لتنفيذ مثل هذه المخططات بشكل عام، وزاد من مثاليتها وأهميتها تزامنها مع نهايات مؤتمر الحوار الذي لم ينته بعد، وتريد عائلة صالح وحليفها عبدالملك الحوثي أن لا ينتهي، أو أن لا ينتهي -بالأحرى- إلى شيء إيجابي.
ارتفعت وتيرة الاغتيالات والتقطعات والأعمال المخلة بالأمن، وخرج الحوثي في الثامن من شهر ذي الحجة المحرم بكلمة بدت كما لو أنها تدشينا لـ"الجهاد" بهدف إسقاط صنعاء.
وكانت البداية من منطقة دماج داخل صعدة الواقعة تحت سيطرته، على أمل أن تكون حربه على هذه المنطقة حربةً في صدر الحوار الوطني الذي يقترب من خط النهاية.
وكان من الطبيعي أن يثار سؤال عن سر إشعال الحرب على دماج في هذا التوقيت إلا أن يكون الطرف الذي فتح نار الحرب في صعدة قد أراد بذلك غلق باب الحوار في صنعاء.
الحوثي يرفض جمهورية اليمنيين وملكية آل سعود
لقد كانت تلك الكلمة التي ألقاها عبدالملك الحوثي تعبيرا صريحا عن مشروعه الرافض للدولة المدنية الديمقراطية التي ينشدها اليمنيون، بل وتعبيرا عن مشروعه الرافض للدول الملكية التي لا يحكمها مذهبه.
حروب الحوثي من زاوية أخرى
تصاعدت وتيرة الأحداث في دماج، وسقط العشرات من الأبرياء والنساء والأطفال وارتكبت هناك مجازر وجرائم ضد الإنسانية، ولا يزال العدوان الحوثي هناك هو القضية الأولى لوسائل الإعلام حتى اللحظة.
وعلى أولوية الحديث عن الجرائم والانتهاكات التي تطال الإنسان هناك، خاصة النساء والأطفال، إلا أن هذه الأسطر تنظر إلى الأمر من زاوية أخرى.
الحوثيون الذين تساقطت أمامهم ألوية الحرس الجمهوري، وسقطت تحت أقدامهم ثلاث مديريات حتى وصلوا إلى عمق الأراضي السعودية في وقت قياسي بفضل تآمر علي صالح، عجزوا عن إسقاط بضعة كيلو مترات مربعة يسكنها عشرات أو مئات من طلاب الحديث في دماج.
تلك هي القوة العسكرية التي يستند إليها الحوثي، وأراد أن يستغل ما كان من تآمره مع علي صالح في إسقاط ألوية الجيش لتصوير قوته العسكرية كأسطورة، إلا أن حروبه ضد دماج، فضلا عن حروبه ضد القبائل، تأبى إلا أن تحرق هذه الصورة الزائفة للقوة الأسطورية.
وينشر أحد الإعلاميين المعروفين بحوثيتهم على صفحته في الفيس بوك دعوة يطلب فيها من الحوثي إعلان الجهاد، مبررا دعوته بأنه تعب من التكفيريين، ومؤكدا أن صنعاء ستسقط في أسبوع.
وإذن: من يمكنه السبق إلى صنعاء؟ كم يمكن لصنعاء أن تصمد حتى تسقط؟ هكذا هي القصة عندهم، ولا يفكرون أبداً في كم تحتاج بعد ذلك حتى تنهض!؟
لم يتمكنوا من إسقاط دماج في أشهر، ويرون أن صنعاء ستسقط في أسبوع!
ورغم ذلك، فربما أن أي طرف آخر من الأطراف القوية إذا راح يجاري هذه العقلية فإنه لن يرى أن صنعاء ستصمد أمامه ساعة من ليل أو نهار.
ولكن هناك فرق بين من يريد أن يحكم وبين من يريد أن يبني دولة بتعبير اليدومي رئيس الهيئة العليا للإصلاح.
مشكلة أغلب أقطار الوطن العربي أن الحكام عسكر، والعسكر تعايشوا مع السلاح وتربوا على لغة القوة، وهذه لغة لا تصلح للبناء والإعمار، ولا تحقق الاستقرار، والحوثيون يقدمون أنفسهم بعقليات أسوأ من عقليات العسكر، فضلا عما لديهم من انحرافات في الفهم والفكر ليست لدى العسكر، إذ يشي ما نراه من سلوكهم بمدى التعبئة التي تعرضوا لها منذ الطفولة الأولى، ومستوى ما تعرضوا له من شحن على الانتقاص والاحتقار للآخر فالحقد والكراهية.
وهذا الصحفي الذي يصنف على النخبة يطالب الحوثي بإعلان الجهاد المسلح للسيطرة على البلاد ليس إلا مجرد نموذج. يتهم غيره بالتكفير، وأي تكفير أبلغ من كلامه وهو يرى وجوب إسقاط نظام الرئيس هادي بقوة السلاح، مستحلا دون ذلك الدماء والأنفس التي يستهدفها جهادهم!؟
وإذا كانت هذه الدعوة ممن يصنف على النخبة المثقفة التي تعايشت زمنا طويلا مع الأفكار العصرية فكيف بمن يطلق عليهم: الراديكاليون المتشددون!؟
صنعاء لم تعد صنعاء "البدر"!!
وفق أي حسابات يعتقدون أن صنعاء ستسقط في أسبوع؟ ربما أنهم مطمئنون إلى ما حصلوا عليه من أسلحة الحرس الجمهوري كهدايا من علي صالح وابنه أحمد، فضلا عن المواقع القيادية التي تسلموها في ألوية الحرس خلال السنتين الماضية، ولهذا رفض عبدالملك الحوثي وحسن زيد هيكلة الجيش، معتبرين أنها مؤامرة أمريكية على الحرس الجمهوري.
ويفوت هؤلاء جميعاً أن الميزان ترجحه عدالة القضية وسلامة الوسيلة لا الادعاءات ولا الكتل الحديدية من السلاح، والتاريخ قريب وآثاره مبصرة لو كانوا ينظرون، ويفترض أن وصيته لا تزال ترن في أذانهم لو كانوا يسمعون، ولكن يبدو أنهم لهم أذان لا يسمعون بها، ولهم عيون لا يبصرون بها، وهذه آثار التاريخ تقول إن كل ما يملكه الحوثي اليوم من العدة والعتاد ليس شيئا يذكر بالمقارنة بما كان يملكه الإمام البدر وهو بيده السلطة ومقاليد الأمر، ورغم ذلك فقد هرب الإمام البدر مع أول "قارح" متخفيا بـ"الشرشف"!!
تحليل علي سالم!!
وهذا علي سالم البيض يقول لقناة الميادين إن الحوثي يمتلك من السلاح ما يمكنه من السيطرة على الشمال. ولا مجال لمناقشة العبارة طالما جاءت على لسان علي سالم البيض الذي فجر حرب 94م وهو يملك من السلاح ما لا يملك الحوثي اليوم عشر معشاره!!
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها