مخاوف من آثار تراجع الاحتياطي النقدي باليمن
يواصل احتياطي اليمن من النقد الأجنبي تراجعه للشهر الرابع على التوالي، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا النزيف المستمر إلى كارثة اقتصادية في ظل حالة الركود التي ضربت البلاد منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح يوم 11 فبراير/شباط 2011.
وأظهرت أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي اليمني تراجع إجمالي الاحتياطي من النقد الأجنبي لأدنى مستوى له في 11 شهرا ليتقلص إلى 5.6 مليارات دولار في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يغطي واردات ستة أشهر فقط.
وكان الاحتياطي النقدي بلغ 5.7 مليارات في يونيو/حزيران الماضي. وعزت بيانات البنك هذا التراجع المستمر للاحتياطي النقدي إلى الارتفاع المتواصل لفاتورة استيراد المشتقات النفطية لتغطية عجز الاستهلاك المحلي في البلاد، واستمرار شح التدفقات النقدية المحولة إلى اليمن.
حدود آمنة
وقال وزير الصناعة والتجارة اليمني سعد بن طالب إن هذا التراجع شيء طبيعي ولا يمثل مشكلة في المرحلة الراهنة كونه لا يزال في الحدود الآمنة.
لكن الوزير نبه في حديث للجزيرة نت إلى أن هذا التراجع قد يصبح حالة مقلقة بالنسبة للدولة تستدعي الاهتمام في حال استمراره لأكثر من ستة أشهر.
بن طالب قال إن تراجع الاحتياطي النقدي قد يصبح مقلقا إذا استمر لستة أشهر
وقال إن استهداف الأنابيب أثر سلباً على حصة الحكومة من كمية الصادرات وأجبرها على استيراد مشتقات نفطية.
ولفت إلى أنه في حال استمرار الاستهداف فإنه قد يؤدي إلى مشكلة تهدد قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، كون النفط مصدرا مهما من الإيرادات التي تمون الحكومة عن طريقها الموازنة العامة.
وأضاف الوزير أن المقصود من هذا الاستهداف ممارسة ضغوط سياسية لأن الكثير من الأمور في اليمن لا تزال تحت وطأة الضغط السياسي، مشيراً إلى أن أبرز الجهات التي لها مصلحة في عدم استقرار الحكومة ونجاحها هي المنظومة السياسية القديمة في البلاد.
ويعتمد اليمن على صادرات الخام لدعم احتياطات النقد الأجنبي وتمويل ما يبلغ 70% من الإنفاق الحكومي. غير أن تصاعد الهجمات، التي يشنها رجال قبائل ساخطون من الدولة على أنابيب تدفق النفط، أصبحت تشكل عائقاً أمام تلبية حصة الحكومة من الإيرادات النفطية.
أثر معيشي
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن مشكلة تراجع الاحتياطي النقدي لليمن تكمن في أنها حصلت في شهر يوليو/تموز الماضي الذي تصل فيه تحويلات المغتربين ومدفوعاتهم السياحية والاستثمارية إلى أقصاها، مما يؤشر إلى أن المرحلة القادمة ستكون صعبة على المواطن والاقتصاد بشكل عام.
ويرى أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة عدن محمد حسين حلبوب أن معالجة هذا الوضع ستكون على حساب الأمن المعيشي للمواطن، لأنها ستتم عبر إلغاء الدعم على المشتقات النفطية أو ارتفاع مستوى التضخم بسبب تراجع قيمة العملة المحلية.
كما قد تتم معالجة تداعيات تدني الاحتياطي النقدي عبر زيادة تكلفة الاقتراض من خلال رفع سعر الفائدة، حسب حلبوب.
وقال في حديث للجزيرة نت إن الأثر الاقتصادي الذي سيشعر به المواطن هو ارتفاع الأسعار بغض النظر عن شكل السياسات الاقتصادية المستخدمة. وأوضح أن ارتفاع الأسعار الناتج عن إلغاء الدعم على المشتقات النفطية سيكون الأثر المباشر للمشكلة، في حين أن وسائل العلاج الأخرى تبقى مجرد مهدئات فقط.
حلبوب: معالجة تدني الاحتياطي النقدي ستؤثر سلبا على الوضع المعيشي
ولفت إلى أن إلغاء الدعم على المشتقات النفطية لن يحظى بقبول شعبي، مما يعني أن معالجة هذا الأثر ستكون عملية صعبة أمام الحكومة ومكلفة بالنسبة للمواطن اليمني.
خطر كبير
من جانبه، عزا الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الإستراتيجية سعيد عبد المؤمن أسباب تراجع الاحتياطي النقدي إلى اعتماد الحكومة المفرط على صادرات النفط.
وحذر من خطر كبير على الاقتصاد اليمني، في ظل عجز الحكومات اليمنية المتعاقبة عن تنويع الموارد.
ونبه في حديث للجزيرة نت إلى أن النفط هو المورد الوحيد للخزينة العامة للدولة، بينما يلاحظ باستمرار انخفاض عائدات الأنشطة الأخرى كالسياحة والصناعية والزراعة بسبب عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتراخي قبضة الدولة وغياب السياسات الاقتصادية التنموية.
وانتقد الباحث الأكاديمي ما سماه سوء الإدارة من قبل الحكومة اليمنية وعدم تعاملها مع الشأنين الأمني والاقتصادي بالجدية اللازمة في ظل العجز عن زيادة إيرادات الضرائب بسبب التهرب الضريبي.
وأشار إلى أن الاحتياطي النقدي المتوفر رغم ضآلته يغطي حاجيات البلاد من السلع الأجنبية لستة أشهر. وأرجع السبب في ذلك إلى كون الاستهلاك اليمني ليس بالضخم نظراً لحالة الكساد والفقر السائدة، قائلا إن الاستيراد سينصب بشكل أكبر على المشتقات النفطية لتغطية احتياجات السوق.
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها