تجارة المخدرات في اليمن ترتفع بمعدل الضعف عن العام الماضي نتيجة البيئة الأمنية الرخوة.
لم يعد الأمر مخجلاً أو مخيفاً، فجأة ومن وسط ازدحام المئات من المارّة في أحد الأسواق الشعبية بمدينة عدن اليمنية، يصيح أحدهم بأعلى صوته مؤكداً لصديقه الآخر الذي يبعد منه قرابة مائتي متر: "لا تقلق، فالحبوب من مسؤوليتي، سأمرّ على (فلان) وآخذ منه كمية تكفينا جميعاً، وستكون ليلة لا تُنسى".
ما يقصده الشاب هو الحبوب المخدرة التي لجأ الكثير من الشباب إلى تعاطيها وقادتهم إلى التمادي في تناول أنواع مختلفة من المخدرات، فلقد بات هذا الأمر لا يشغل بال الأجهزة المعنية في اليمن، فهي بدورها لا تنفك وتعلن عن كميات كبيرة من الحشيش والأقراص المخدرة مضبوطة في مكان ما في هذا البلد الذي لا يكاد يخرج من مأزق، إلا ومأزق آخر ينتظره.
ولعلّ طريق الإدمان يبدأ بخطوات تدريجية ومتصاعدة – أيضاً – حيث يقول الشاب "جميل" وهو أحد المدمنين على تعاطي المخدرات، إنّ مشواره مع الإدمان بدأ قبل سنوات بتعاطيه حبوب "ديزبام ورايستل" عند تناوله القات بشكل شبه يومي، وهي تمنحه نشوة لا تُضاهى وتعدل من مزاجه، ويستطيع الحصول عليها من صيدليات معينة تسمح بصرف مثل هذه العقاقير الطبية.
ويضيف هذا الشاب لـ(إرم): "الآن أصبحت في طريقي إلى تناول أنواع أخرى من المخدرات، وأشعر بخطورة ما أنا فيه، لكنني لا أستطيع الكف عنها، فالحشيش أصبح متاحاً أكثر من أي وقت مضى، ويباع في أزقة المدن، وأسعاره ترضيني إلى حد ما".
وكانت السلطات اليمنية قد ضبطت خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من مليوني طن من المخدرات بأنواعها المختلفة إلى جانب 232 متهماً بالترويج والإتجار بها بينهم أجانب، وبحسب التقرير الذي نشرته وزارة الداخلية اليمنية فقد قتل 5 من رجال الأمن وأصيب 12 آخرون خلال عمليات الضبط.
ومقارنة بالعام الماضي، فقد ضبطت السلطات في اليمن قرابة 2.641 طنا من أنواع المخدرات، وهو ما يعني أنّ الكميات الواردة إلى البلد قد تضاعفت مؤخرا، نتيجة البيئة الأمنية الرخوة التي ساهمت بشكل كبير في توسع حجم شريحة متعاطيها، وحولت العديد من المناطق اليمنية إلى جسور عبور لدخولها عبر مهربين متمرسين يجلبونها من القرن الأفريقي وتمرر إلى دول الجوار وينال اليمن نصيبه من هذه الكارثة، بحسب مصدر أمني في إدارة أمن عدن.
ويعتقد الخبير في الأمن الساحلي علي القرشي أنّ عمليات تهريب المخدرات قد تزايدت مؤخراً باستخدام السفن والبواخر البحرية، حيث يتم إفراغ حمولتها من المواد الممنوعة والمخدرات قبالة السواحل قبل أن تصل على متن قوارب صغيرة إلى المناطق اليمنية البحرية، ثم تدخل هذه السفن والبواخر إلى الموانئ اليمنية بطرق شرعية.
العديد من اليمنيين يتهم الأجهزة الأمنية والعسكرية المخيمة على مقربة من مناطق تهريب هذه المواد المخدرة بالتورط والسعي إلى إنجاح دخولها إلى البلد بطرق آمنة مقابل مبالغ مالية طائلة، ولعل الناشط الحقوقي باسم الشعيبي أحد هؤلاء، حيث قال :"لم يعد خافيا على أحد تورط مسؤولين داخل السلطات الحاكمة في عملية إدخال المخدرات وتأمين نشرها بين صفوف الشباب".
وتبذل منظمات المجتمع المدني في اليمن جهوداً كبيرة في تنظيم الكثير من حملات التوعية لمكافحة المخدرات أو الحد من انتشارها، غير أن ذلك لم يعد كافياً لمواجهة هذه المشكلة، حيث تشير المدير التنفيذي لمؤسسة "أكون" للحقوق والحريات ليلى الشبيبي إلى أنّ الحكومة اليمنية لا تتعامل مع هذه الظاهرة بشكل جدّي، متجاهلة حجم خطورتها على المجتمع وتسببها في ارتفاع معدلات الجريمة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها