خارج اللياقة .. خارج المسؤولية.. محافظون معلولون!

لم يُقدم أيًا من محافظي المحافظات أي تحسن ملموس لوحدته الإدارية، باستثناء بعض المحافظين الذين بثوا التفاؤل الطفيف للمواطنين المُفرغين من الأمل.

تنصب النظرات تجاه المُمسكين بمناصب إدارية، في قانون وزارة الإدارة المحلية 2004، الوحدات الإدارية تعني محافظات. لا ينظر إلى المتمترسين في هرم المحافظات نظرةً أيديولوجية، بل: ما قدم وماذا فعل لوحدته!؟

يتذكر اليمنيون جيدًا تصريحات محافظ تعز شوقي هائل، حين قال بأنه يريد أن يحول تعز إلى دبي، مؤكدًا أنه قرأ «التجربة التركية». حسنًا، لو عمل المحافظون بالتجربة التركية لتحققت نهضة ملموسة على أرض الواقع، لا تنظيرات مهراقة الحبر على الورق.

في عام 1994 فاز أرودغان برئاسة بلدية اسطنبول، صرف غالبية اهتمامه إن لم يكن جله، على تطوير البنية التحتية، بنى السدود، وعمل على تحلية المياه، قام بتطوير أنظمة المواصلات.

من يصدق أن يتحول مكب نفايات إلى أحد أهم معالم السياحة التركية. حدث ذلك، قام أروغان بإنشاء مشروع تنظيف (مكب نفايات يُلحق بلفظة سابقًأ) في الوقت الراهن اسمه الخليج الذهبي، أهم معلم سياحي في تركيا.

تتميز محافظات يمنية مثل ريمة والمحويت بأنها محافظات سياحية، لكن ربما أن أعضاء الحكومة لا يعرفون أن جبال المحويت هملايا صغيرة مكسوةً بالخُضرة، وأن جبلًا في ريمة إذا اعتليت قمته رأيت أمامك البحر الأحمر!.

سيتعذر البعض لوأد النظام السابق كل ما هو جميل، كانوا جزءًا منه، هذا لا يخفى على أحد، لكن اليوم تبدو العثرات خفيفة إلى حدٍ ما، يمكن تجاوزها، ومن ثم ما الذي سيكون لو كانت مؤسسة الرئاسة تحارب التقدم التنموي!.

بحسب كتاب قصة زعيم – يحكي سيرة أردوغان- فإن الرجل كان يتبع نظرية "تأثير الفراشة"، إنه يمكن لرفرفة الفراشة بجناحيها في الهواء أن تغير بعد فترة معينة حالة المناخ الجوي بأكمله. بتعبير إدوارد لورنيز. والمعنى ما من تطور صغير يحدث في بقعة من بقاع الأرض إلا وينعكس على مناطق أخرى بمقاييس ومعايير مختلفة. هنا رفرف شعب بكامله بـ 2011، لكن المحافظين فيما يبدو لا يكترثون لأي تغيير، ولم يسعوا إلى أي تطوير.

لا تقتصر الأمراض المزمنة الفتاكة على كثير من المحافظات، فالحالة الصحية لمحافظين هي الأخرى مشكلة متطورة، تضيف إلى عجزهم رداءة أخرى. التقرير لا يستقصد أحد، والتعريج على بعض المحافظين أتى وفقًا للمعلومات التي تمكنا من الحصول عليها، وكان لابد مناقشتها من ناحية قانونية، وعلمية. ما الذي يبرر بقاء الحالة الصحية للمسئولين الحكوميين رهن السرية، من حق المواطن أن يعلم ما فيه الكفاية عن صحة مسئوله.

محافظ حجة.. ترك المحافظة في غرفة الإنعاش وغادر بحثا عن غرفة رقود

في واحدة من غرائب قيادات الوحدات الإدارية في اليمن (في قانون الإدارة المحلية يقصد بالمحافظة وحدة إدارية)، يتم تجاوز القانون والرمي به وسط لُجج بحر العرب، هناك حيث محافظة حجة. التوعك الصحي للمحافظ القيسي، كان مسبوقًا بتوعك سياسي أفضى بالطبع لإصابة أعضاء جسد القانون بالسهر والحمى.

بقليلٍ من التبسيط: أصدر الرئيس الانتقالي عبدربه منصور في 6 إبريل 2012 قرارًا بتعيين علي بن علي القيسي محافظًا لمحافظة حجة، إثر ذلك، قام رئيس فرع المؤتمر بقيادة تمرد ضد القرار، ومنعه من ممارسة مهامه. استمر التمرد لما يربو عن 6 أشهر، حسب وثائق نشرتها الأهالي فإن مبنى أمن المحافظة تعرض للحصار وضرب بالنار من قبل مسلحين يتبعون الشيخ فهد دهشوش.

الغريب أن المجلس المحلي بالمحافظة كلف أمينه العام، فهد دهشوش، (12 يونيو 2012م) بالقيام بأعمال المحافظ، وعدم التعامل مع المحافظ القيسي المعين بقرار جمهوري، وأصدر تعميما لكافة المكاتب والجهات الرسمية بالمحافظة بعدم التعامل مع أي طرف كمحافظ.

بعد ذلك أصدر هادي قرارا جمهوريا بتعيين فهد مفتاح دهشوش، عضواً في مجلس الشورى. لم تُخمد جذوة التمرد لتستمر قليلًا بعد ذلك وحين تراجع، أوصلته شخصيات اعتبارية إلى الرئيس ليؤدي اليمين الدستورية بعد نحو شهر من صدور القرار.

لم يدُم الرجل طويلًا، أقعده المرض فكان لابد التوجه إلى أي قِبلة استشفائية تُربت على جسده المُتوعك، وزنه الزائد وظهوره في الصور يشي بتعرضه لمرض السُكر، ولأنه يرى أن مُدة لبثه ستطول، كلف القيسي رئيس فرع المؤتمر فهد دهشوش رسميا بتسيير أعمال المحافظة متجاوزاً الوكلاء، ثم غادر الحدود.

نسى ما فعله دهشوش حين تعرض على قرار تعيينه، رحابة سياسية وتسامح شخصي فيما يبدو، الأغرب من ذلك هو تجاوز القانون والاحتفاظ بغياب الختم الخاص بالمحافظة لدى أحد أقربائه بصنعاء، ما أعاق الكثير من لديهم المعاملات. وأوضحت مذكرة التكليف أن توجيه دهشوش أتى بصفته وكيل للمحافظة في حين أنه لم يعد وكيلا بل عضوًا في مجلس الشورى بحسب قرار رئيس الجمهورية الصادر في 8 فبراير الفائت.

محافظ المحويت.. الحصانة لا تنجي من السرطان

مُحافظ المحويت، محمد علي محسن الأحول، لم يدُر قرارًا حوله، وربما أنه لم يأخذ حقه الوافر في الإعلام باعتباره أحد رجالات صالح.

لا يعرف اليمنيون عن تل السفينة، ذلك التل الذي يشبه سفينةً كبيرة ويجذب أعين السياح، لم يُقدم الأحول للمحافظة أي شيء، لم يظهرها سياحيًا. أهملها إداريًا فصارت كما لو أنها مصابةً بكساح!.

بحسب مصادر معلوماتية للأهالي –لم يتم التأكد منها- فإن الأحول مصاب بالسرطان، في اللحظات الراهنة يجري فحوصات طبية في السعودية، يبحث عن عقاقير تقلل من مرض السرطان، بما لا يؤثر على حالته التي تحاصرها حزمة من الأمراض. المنصب صار شاغراً، أبناء المحويت يطالبون بإداري ناجح سيماه النزاهة.

المُريب فعلًا: احتضان السعودية للمسؤولين المرضى، وقيامها بدور الطبيب المتمرس، بالنسبة للأنباء التي بُثت عن الأحول عقب إمساك هادي بمقاليد الحكم، أنه فر إلى السعودية ليُمارس تجارته.

محافظ الحديدة.. وعكة تضعه تحت المراقبة الألمانية

في الحديدة، انهارت منظومة الصرف الصحي، كارثة في البحر، هناك حيث الصليف مكبًا لمُخلفات الشركات النفطية، في الآونة الأخيرة تعرضت المدينة التي يشكل سكانها ما نسبته (11%) من إجمالي سكان اليمن تقريباً، لكارثة بيئة غير مسبوقة، انهيار «منظومة الصرف الصحي»، في ظل غياب شبة تام للسلطات في التعامل مع هذه المشكلة.

في مارس من العام الجاري، عثرت قوات أمن منطقة السلام بمحافظة الحديدة على شاب يبلغ من العمر 18 عاماً، وقد توفى جراء غرقه في أحواض المجاري الطافحة في الشوارع. المشكلة تفاقمت الآن.

لا خلاف على انزواء محافظ الحديدة حول نفسه، وعدم حبه للظهور أمام وسائل الإعلام، لكنه كغيره من المحافظين لم يقدم أي جديد ولم يتحرك لإيجاد حلول واقعية لأرض الحديدة.

مؤخرًا تعرض المهندس أكرم عبدالله عطية، لوعكة صحية، أُدخل على إثرها مستشفى 22 مايو لتلقي العلاج على أيدي طاقم طبي متخصص من ألمانيا. أدخلوه غرفة العناية المركزة، وضع تحت المراقبة والمعاينة خشية التدهور.

محافظ الجوف.. مخزون السكر الأسهل استكشافا

أمضى محافظ الجوف عبود الشريف أكثر من شهرين متتالين في المملكة العربية السعودية، فترة نقاهة قضاها الرجل بعد أشهر قليلة من تسلمه المنصب.

أجرى محافظ الجوف محمد سالم بن عبود، فحوصات طبية لقياس نسبة السكر في جسده، هو الآخر يعاني من السكر والقلب. ويتعرض جسده للإنهاك في حالة انخفاض درجة الحرارة الكبرى وزادت شدة البرد، نتيجةً لتعرضه لإصابة مباشرة في حادثة كنتاكي الشهيرة. كان الرجل متحمسًا مع الثورة.

ولأنها في نطاق قبلي صلب، دارت المحافظة نفسها أثناء غياب الشريف!، وبعد أن عاد بفترة وتماثل للراحة، قال تصريحات تفاؤلية: المحافظة تربض على بحيرة غاز، معلنًا عن استكشافات جديدة، كما أكد أن «مشائخ كبار منعوا شركات نفطية من استكشاف وإنتاج النفط في المحافظة»، وهدد بالكشف عن «جهات وشخصيات تضع عراقيل أمام إعادة الجوف إلى سياج الدولة».

محافظ عمران.. بانتظار الشفاء من عملية البروستات

في عمران بلغ التوتر ذروته بين جماعة الحوثي المسلحة وقبائل من حاشد، سقط عشرات القتلى خلال الأسبوع الماضي فقط.

وبينما الجميع ينتظر تصريحًا رسميًا من أي جهة كانت، لا يجدون غير الرجل المتقدم في السن محافظ محافظة عمران.

شكل الرئيس هادي لجنة وساطة وكلفها بالنظر فيما يجري في منطقة عشة "مركز الصراع هناك"، يرأس هذه اللجنة محافظ عمران، محمد حسن دماج.

هنا، في السياق – سياق المرض- علمت الأهالي من مصادر مقربة من دماج، أن الرجل عائد من عملية للبروستات، وأن وضعه لم يتماثل للشفاء التام بعد.

محافظ ريمة.. دواء الطبيب هو الداء

مُحافظ ريمة، العميد علي سالم الخضمي، أحد المحافظين الذين لم يشملهم التغيير. يقول أبناء المحافظة إن الخضمي يعرف الحديدة وصنعاء أكثر من المحافظة المُستحدثة.

أبناء ريمة نفذوا وقفات احتجاجية عدة أمام منزل الرئيس مطالبين بإقالة العميد، ووقفات مماثلة بعاصمة المحافظة "الجبين" لتعضيد ذات المطلب.

مكتب المحافظة هو من يُدير، مديره يطرح المقترحات، بالرغم من الميزانية الشحيحة في المحافظة إلا أنه لا يحضر، حاليًا يحيط به السقم، ويقيم في فلته الفارهة بشارع العدل بالعاصمة صنعاء.

وعوضا عن وفاء هادي بوعده بإقالته قبل نهاية 2012 ظهر المحافظ الخضمي ضمن قائمة الرئيس كعضو في مؤتمر الحوار، لا يزال الرجل يحضر في فندق موفمبيك بصنعاء.

القوانين النافذة.. بانتظار معاينة الطبيب

حفلت القوانين اليمنية المُنظمة للوظيفة، جُملة من الفقرات تتعلق بإدارة العمل أو التقدم له، أو إنهاء الخدمة. التقدم لأي وظيفة لازمًا لشهادة اللياقة الصحية.

ويطفو الحزم الشديد على موظفي الخدمة المدنية، على خلاف الإدارة المحلية، المادة(67) ركزت على «وضع الراتب عند الانقطاع عن العمل».

إذا كان انقطاع الموظف عن العمل أو تأخره عنه ناجمين عن أسباب قاهرة وتأكدت الإدارة من صحتها خصمت مدة الغياب من رصيد اجازته التي تتفق مع طبيعة تلك الظروف.

في المادة(109) تحدثت عن الإجازة المرضية: «يمنح الموظف عند مرضه بناء على تقرير طبي إجازة مرضية مدتها ستون يوما في السنة كحد أقصى راتب كامل، بما فيها الإجازات المرضية المتقطعة التي حصل عليها خلال السنة فإذا بلغت جملة الإجازات المرضية المتقطعة ستين يوما يمنح في هذه الحالة اجازته الاعتيادية المستحقة (إن وجدت)».

فصولٌ شتى لأبواب كثيرة، تقودك إلى رواق مواد متفرعة جاءت لتنظيم موظف الخدمة المدنية، في الباب العاشر مادة(232) حملت الفقر (ج) أحد أسباب إنهاء الخدمة، «عدم اللياقة الصحية للخدمة بمقتضى قرار من الجهة الطبية المختصة ولا يجوز إنهاء خدمة الموظف لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازاته المرضية والاعتيادية».

في قانون الإدارة المحلية الصادر بعام 2004، ركزت على الوحدات الإدارية/ المحافظات، لكنها لم تُشر صراحة إلى تنظيم الادارة في حال غياب المحافظ مثلًا، المادة(47): يعتبر أمين عام المجلس المحلي للمحافظة بحكم منصبه نائباً للمحافظ يتولى مساعدته في إدارة شئون المحافظة ويحل محله في حالة غيابه أو خلو منصبه في ممارسة كافة سلطاته وصلاحياته المقررة بموجب أحكام هذا القانون، وفي حالة غياب الأمين العام أو خلو منصبه فيحل وكيل المحافظة محل المحافظ في ممارسة سلطاته التنفيذية.