الإسلام حين يُسطح..!
أي قضية، أي قيمة، أي دعوة إنما تستمد أهميتها، وتكتسب ارتباط الناس بها من خلال ما تحمله في جوهرها من بشارات حياة ومؤشرات سعادة.. الحب، الخير، العدل، السلام، جميعها قيم تدفعك للتمسك بها، لا تُفرض عليك، أنت من يذهب إليها، تستحث خُطاك للبحث عنها، لا تحتاج إلى حزام ناسف يحصد الأرواح لتكون، هي كائنة أصلاً، كينونتها هي ما يتوجب البناء عليه، ليس التضحية بما هو موجود طلباً للغيب!!
الإسلام كنهجٍ حاوٍ لكل هذه القيم والمبادئ والمثُل، ماذا يمكن أن يكون إن لم يكن طريق نجاة ونجاح؟!، سؤال يتبادر إلى الذهن مع كل هذا الموات والقهر والإذلال الذي نحصده ليل نهار باسم نصرته، ونشره، والدفاع عنه، وتكريسه واقعاً مُعاشاً..!!
تقاتل القاعدة باسم الإسلام، يحارب الحوثيون باسمه، تغزو الجماعات الإسلامية المختلفة كل مسامات حياتنا تحت عباءة الإسلام، الإسلام يُطعن من الداخل، ينخر بعض المنتسبين إليه صورته الجميلة، فعل الغلاة والمتطرفون ما لم تفعله كل الحروب وكل المحاولات الاستشراقية للنيل منه! أجهز الجهلاء المتأسلمون على بُعده الحضاري لمساته الإنسانية التي كانت سبباً في فتح القلوب باختلاف أعراقها وأجناسها وألوانها.
في الآونة الأخيرة أخذ باسندوة - وهو رئيس حكومة جاءت بعد ثورة شبابية تغييرية – على عاتقة نشر الإسلام في اليمن!! باسندوة أنشأ جامعة للقرآن الكريم في بلد صدرت وتصدر مساجده لوحدها آلاف الحفاظ والمقرئين للعالم بينما تعاني الجامعات الحكومية حالة موتٍ سريري، هيئة التدريس تشكو،الطالب يشكو، مقررات ومناهج منتهية الصلاحية، معامل ومخابر ومراكز بحوث شبه غائبة، مبانٍ ومرافق تعاني الإهمال وانعدام الصيانة إن لم تكن غير مؤهلة أساساً لتكون حتى مدرسة فما بالك بجامعة!
يرعى باسندوة عشرات الاحتفائيات التكريمية لجمعيات ومنظمات خيرية ودارسين إسلاميين فيما طلاب اليمن في ماليزيا وتركيا ومصر والعديد من بلدان المهجر يبيعون أغراضهم الشخصية للتغطية على نفقات الدراسة في الجامعات التي أُبتعثوا للدراسة فيها.!
حكومة باسندوة خصصت ما يقارب 250 وظيفة بجرة قلم لحُفاظ في الوقت الذي أوصدت فيه باب التوظيف لمدة ثلاث سنوات في وجه الشباب الخريجين وعلى رأسهم أوائل الجامعات الذين جفت أحلامهم وخارت آمالهم وتبددت طموحاتهم، وهم واقفون منذ سنتين على أبواب الوزارات المعنية والمسؤولين أصحاب الشأن يستجدون حقاً لهم!
باسندوة يبتعث العديد من طلاب الدراسات الإسلامية لدراسة القرآن في الأردن والسودان و..في حين يسحق فساد وبيروقراطية وزارة التعليم العالي حقوق أوائل الجمهورية في الثانوية العامة الذين كان الوطن في أمس الحاجة إليهم!
بعد حديث كهذا من السهل جداً على البعض تكفيرك، تجريدك عقيدتك، قذعك باتهامات الردة والفسوق والزندقة، باتت مهنة مواتية، يحترفها العاطلون عن الحياة..
سطحنة الدين، شكلنة تعاليمه، مظهرة رسالته نقطة انحدار سحيقة، سقوطٍ مدوٍ إلى قاع التنطع والترويج السياسي الرخيص، لا تقره الفطرة ولا يقبله العقل، ولا يتوافق بتاتاً مع القاعدة النبوية " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً"..
نحن خلفاء الله في الأرض، عمارتها تكليف إلهي منوط بهذا الإنسان (الجسد والروح) الذي يحتاج أولاً للصحة والتعليم والاقتصاد والتثقيف والسياسة، يحتاج إلى القوة ليكون إيمانه خيراً وأحب إلى الله.
.جبر الضرر أوجب، هو من الضرورات التي تبيح حتى المحظورات، فيما غاية المنى في أوضاع كهذه هو تقديم ما هو أولى ليس إلا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها