إدانة الضحية والتبرير للقاتل
يفضل كثير من «المعاتيه» و«المعاقين ذهنيا» الغوص في تحليل المشهد المصري أثناء وبعد جريان أنهار الدماء، هربا من ادانة المجازر المروعة ضد المدنيين هناك..
وفي هذه اللحظة بالذات يحاولون جاهدين إقناعنا أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي اتجهت نحو صدام مع «الشعب» وأنها الآن تحصد نتائج مغامرتها وشعورها بالقوة.
طبعا الشعب بحسب مفهومهم المشوه هو مجاميع وأنماط تصنعها إعلام لميس الحديدي وتوفيق عكاشة، أما الشعب المصري الذي على الأرض فقد انحاز لخيار الإسلاميين خلال خمس جولات انتخابية متعاقبة منذ ثورة 25 يناير، وعلى استعداد للانحياز لهم مجددا اذا توفرت له فرصة المشاركة في انتخابات بمعايير محترمة.
يمضغ أحدهم أوراق القات المتعفن الى وقت متأخر من الليل ثم يبحث عن حروف الكيبورد التي اصبحت مغطاة برذاذ القات المتطاير من فمه ليكتب عبارة مفادها أنه «لا يمكن إدانة القتل من طرف واحد وما ذنب أفراد الشرطة الذين قتلوا والكنائس» التي أحرقت على اعتبار أن الأمر يقيني لا مجال لمناقشته أو التشكيك فيه بينما يمكن مناقشة والتشكيك في مئات القتلى سقطوا في رابعة والنهضة فقد يكونوا من ضمن الجثث التي تم إخراجها من المخزن الموجود تحت المنصة وهو التدويل لفكرة «إحضار الجثث من أرحب الى ساحة التغيير في صنعاء» لصاحبها عبده الجندي وفي رواية وزارة الداخلية اليمنية آنذاك.
فبينما تتصدر صحيفة الإندبندنت البريطانية مكتوب على صفحتها الأولى «يوم العار في مصر» يظل كثير من مثقفينا غارقين في تحليل المشهد بطريقة لم يتضح فيها بعد من الضحية ومن الجلاد، سوى أن من يقال عليه جلاد يبدو في نظرهم أقرب الى خيار الدولة المدنية التي ينشدونها وهو في جبهتهم المناهضة لأسلمة الدولة.
يحدثك أحدهم عن المدنية وقيمها العظيمة حتى تقول أن هذا هو نبي المدنية المنتظر ثم تراه يحن الى البيادة التي يعشقها حد الثمالة، وباتت بالنسبة لهم أشهى وألذ بعد أن غرقت في الدم.
يا إلهي كم تعرت الشخصيات وبانت العقليات المشوهة دون أي رتوش وافتضح أدعياء المدنية والديموقراطية وهم يخوضون أول درس عملي حين انحازوا الى صف الجلاد، فقط لأنهم يختلفون فكريا مع الضحية دون إدراك لكون البيادة التي يقبلونها قد تسحقهم في الجولة القادمة وما أكثر صولاتها وجولاتها في المنطقة العربية.
كان كثير من أدعياء اليبرالية والحداثة عادة ما يرددون «الحريات لا تجزأ» لكنهم اليوم يفصلونها ويجزئونها بحسب أمزجتهم ونفسياتهم المريضة الطافحة برفض الآخر والانتقاص من المختلف معهم، على اعتبار أنهم المستقبل وغيرهم الماضي.
سئل مثقف علماني كبير (...) ما الفرق بينكم وبين الإسلاميين قال «ببساطة الفرق بيننا وبينهم الف واربعمائة سنة».. على اعتبار انهم يمثلون الماضي السحيق الذي لا يصلح للحاضر وهو بغبائه لم يدرك أنه يقصد تشبيههم بالجيل الذي صاحب سيد البشرية وتربى على يده، وبذلك فهو يرفعهم إلى مرتبة هم لا يستحقونها.
ومع أننا نؤكد أن للإسلاميين عموما وللإخوان أخطاء كارثية وعيوب قاتلة ارتكبوها أثناء وجودهم في الحكم وممارستهم للعمل السياسي كأي تيار سياسي حديث عهد بالسلطة، إلا أن ذلك لا يعني أن نخوض معهم معركة فاصلة لإلغائهم وإقصائهم من الحياة، فقد خاض هذه المعارك جنرالات وزعماء قبل عشرات السنين ولم يتمكنوا من إلغائهم.
كما أن شرف الخصومة لا يسمح بتبرير المجازر وتزيين سفك الدماء بحق من نختلف معهم، ولا أن نقيم حلقات نقاش لتكرار الحديث عن أخطاء الضحية بينما نلتمس للجلاد كل الأعذار التي دفعته إلى ارتكاب مجزرته، واعتبار أي شائعات تقال عن الضحية حقائق مطلقة نرددها في كل فقرة، بينما ما يقال عن الجلاد هي شائعات ينبغي التحقق منها وانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات التي سيجريها الجلاد نفسه وعادة ما تنتهي بتبرئته وإدانة الضحية الذي كان يسقط بسهولة أمام الرصاص الذي أطلق بغرض التخويف وفرض هيبة الدولة فقط.
«ما لكم كيف تحكمون».
المصدر
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها