الجمعة 27 يوليو 2012 02:58 صباحاً
شهداء الثورة والجرحى والمختطفون
محمد الشلفي
من المؤلم أن يتحول الشهداء وعائلاتهم والجرحى والمختطفون بسببنا عالة على الوطن والثورة، بعد أن كانوا حرَّاسنا، وكنَّا نحن عالة عليهم، واليوم كأن الجميع يتمنى لو أنهم لم يكونوا.
لا عزل صالح «المحصن» سياسياً، ولا وفاق، ولا هيكلة الجيش، فالموانع عديدة سنصدقكم، لكن ما المانع أن نواسي عائلات الشهداء، ونعالج الجرحى، ونطلق سراح المختطفين؟ ما المانع أن نفي بوعودنا دون انتقائية وباهتمام بالغ؟.
سنة ونصف يسير سامر ذو الـ 20 عاماً - أحد الجرحى- بقسطرة يتبوّل من خلالها، ومنذ صدور القرار الرئاسي وتعهد الأحزاب والجماعات واللجنة التنظيمية بساحة التغيير وخطب الخطباء بالوفاء لدماء الشهداء والجرحى، لم نسمع سوى الأناشيد التي تمجد الشهيد والجريح والمختطف، لتملأ فراغ القنوات الفضائية ومنصات ساحات الحرية والتغيير.
صعد الشهداء إلى الفردوس كما نحسب، حتى لا يروا قبح غفلتنا عنهم، وبقي الجرحى مقعدين وبأنصاف أجساد وبآلالام لا تهدأ، كل هذا ولدينا مسؤولون في الثورة يعتقدون أنهم فعلوا أكثر مما فعله الشهيد والجريح والمختطف، الحياة أكثر والموت من أجلنا أقل.
لو أعدنا شريط ذكرياتنا لرأيناهم حلقة كبيرة، سقط صالح بشهداء جمعة الكرامة التي أفشلت محاولاته بالبقاء دق مسمار نعش النظام السابق شهداء وجرحى محرقة تعز، أكد سقوطه شهداء وجرحى جولة كنتاكي، فرض التغيير بكل هؤلاء جميعاً، للأسف لقد أصبحوا عالة علينا نحن العالة على الوطن ومن يحتضنون القتلة ويأخذون الصور معه، فيما كانوا يتسابقون للبقاء إلى جانب شهداء الثورة لتجميل قبح أفعالهم.
كأن صراعاً يدور الآن بين من يتصدرون المشهد السياسي وبين الشهداء والجرحى، حيث ينتمى الشهداء إلى الشعب صاحب الثورة والسياسيون إلى السياسة أقرب، كأنهم ينافسون الشهداء على الخلود، يكره السياسي أن يقال: إن الشهيد كان أفضل منه كما يكره القبيلي والعسكري.
سيتم إقصاء الشهداء والجرحى، وسيتم تحويلهم إلى مجرد أفعال عادية؛ من أجل أن يكسب البعض أكثر، رغم أن الشهداء والجرحى لم يطالبوا إلا بأقل حقوقهم؛ الحقوق التي لا يمكن أن توفي بعض ما فعلوه من أجلنا، ولا يمكن لعطاء أحد مازال على قيد الحياة أن يعادل قطرة دم سقطت في ساحة من ساحات الحرية والتغيير.
يستحق الشهداء والجرحى، بل هم الأولى اعتماداً كاعتمادات القبيلة.
لا يستطيع أحد أن ينكر أنهم يحرسوننا، حتى اللحظة مازالوا أملنا ومصدر قوتنا وإلهامنا، هم التغيير، هم هيكلة الجيش، والحوار الوطني وقانون العدالة الانتقالية والدولة المدنية، وهم الأحزاب والجماعات، وهم مجلس الأمن والأمم المتحدة، هم المستقبل الذي سنفتخر به ما حيينا، وبداية الإساءة إلى أنفسنا ومستقبلنا وثورتنا هو الإساءة إلى الشهداء والجرحى والمختطفين وأهاليهم.
بداية الإساءة اعتبار السياسة والقبيلة والحزب أكبر، بعد أن كان الشهداء والجرحى والمختطفون ملء المدى.