الأحد 21 يوليو 2013 02:51 صباحاً
في تعــز..لاشــيء على مايــرام !!
منال الأديمي
ما أن يحل سكون الليل على المدينة حتى يباغتها الانفلات الأمني من كل اتجاه وصوب وبكل لون، فتارة بأصوات ألعاب نارية ومفرقعات لا تنتهي ولا تتوقف, وتارة بأصوات رصاص وأسلحة مختلفة, لا يختلف النهار فيها كثيراً عن الليل، فأصوات المفرقعات والرصاص لا تتوقف في المدينة وتحديداً في حي الروضة الأكثر انفلاتاً وقلقاً.
أن تطأ قدمك أول طريق يقودك إلى أعماق تعز؛ هذا معناه أنك بدأت للتو أولى خطواتك في مشوار المعاناة والإهمال والاستغراب مما وصل إليه حال المدينة، يهولك حقاً ما ترى في الشوارع التي باتت مشحونة ضجيجاً وقمامة وانتقاماً يبدو واضحاً وجلياً على كل معالم المدينة وملموساً من النظرة الأولى، لا شيء في تعز على مايرام؛ فمماحكات المحاصصة والتوافق أتت على كل شيء ودمرته.
يحاصر تلك الشقية العطش حتى يخيّل إليك أنها ستقضي عطشاً قبل أن يتحقق حلم (تحلية مياه البحر) كل شيء في المدينة يشتهي؛ الماء أرضاً وإنساناً، والماء للأسف لم يعد يعرفه سكانها إلا مرتين في العام إن لم تكن أقل؛ حتى الموت في تعز له حسابات أخرى، فقبل أن تموت عليك أن تدفع مسبقاً ثمن (وايت الماء) ليكون موتك مريحاً وغير مُربك وأزمة للأهل والأحباب؛ حينها تحظى برحمة عن طيب خاطر دون أن يلحقها الجميع مزاحاً: (لو كان انتظر المشروع مش كان أحسن) حتى السماء أمسكت ماءها هذا العام عن تعز وعن عموم الجمهورية في احتجاج على ما يبدو على وقاحة الأمور والوضع المزري اليوم حتى بعد الثورة.
مستشفيات المدينة هي الأخرى أصابها الشلل واللامبالاة؛ فحين تضطرك الحاجة وتذهب إلى تلك المشافي بحثاً عن شفاء لسقم الانتقام الذي يحاصر المدينة من كل اتجاه تنصدم بواقع وتبريرات ملائكة الرحمة اللا إنسانية واللا مهنية؛ خصوصاً حين تكون على لسان مشفى خاص زبائنه (المرضى) يدرّون على خزينته الكثير والكثير طلباً لشفاء لا يأتي؛ غير أن تلك الأرباح تختفي وللأسف حين يتعلق الأمر بخدمة وصحة المريض، فعند بوابة الطوارئ لا يختلف عذر الخاص عن عذر الحكومي وتحديداً في الشهر الكريم؛ فلا تجد أحداً هناك باستثناء من يجلس على بوابة الطوارئ ليخبرك دون حياء بالمبرر الإعجاز (الكهرباء طافي) وكأن لسان حال الموقف يقول: كان الأحرى بك أن تحمل مولد الكهرباء (الماطور) للمشفى قبل المريض.
باختصار.. لا شيء على مايرام في تعز، والحقيقة الملموسة والمؤكدة للجميع هي أن تعز تغرق بفعل فاعل، تعز تغرق انتقاماً في الفوضى والإهمال، وليس هناك من مغيث، ولا حياة لمن تنادي.
شاركنا بتعليقك
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها