كفى يا زعيم !!
إن الانسان بفطرته التي خلق عليها موصوف بالكلمة الإلهية ذات التركيب البسيط ولكنها تحمل فحوى عميق التفسير وهي أنه خُلق(هَلُوعًا) أي ـ كما ذكر أغلب المفسرون ـ إجمالا بأن الإنسان فُطِر على حبِّ ذاته، ولكن الإيمان بالله تعالى يبدِّد طبيعة النفس، والاتِّصال به عزوجل يبدِّد المخاوف ويجعل الإنسان خيِّرا معطاءً يجود بالغالي والرخيص ليتعدى حب ذاته ويرجح عليه حب الآخرين.
نحن أبناء اليمن السعيد أولو الإيمان والحكمة كما وصفنا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في السنة التاسعة للهجرة قبل نزول سورة المعارج في السنة العاشرة للهجرة والتي وصفت الإنسان بفطرته{إن الإنسان خلق هلوعا} مما يعني أننا كيمنيين ليست فطرتنا(الهلع) وحب الذات كوننا شعب مسالم أرق قلوبا وألين أفئدة، وتأريخ أجدادنا الناصع والزاخر بدماثة أخلاقهم وطيبة أرواحهم وحبهم الخير للآخرين بدليل تعاملاتهم مع الغزاة في بداية الأمر ونهايته.. فحين يعرفون أن أميرهم أو حاكمهم قد أوغل في حب نفسه سرعان ما ينتفضون بصوت واحد ووتيرة واحدة مقدمين التضحيات الجسام ابتداء بأنفسهم لتحقيق العيش الرغيد لمن بعدهم إلى أن يحقق الله مرادهم وإلى اليوم لم نشاهد ولي فاسد استعلى عرش اليمن قد خُتمت حياته بسلام.
في عهدنا الحالي حقيقة.. لم نشهد حاكما لنا قبض زمام الأمور بيده وقتا أطول وشرع وقنن أكثر مما مارسه الرئيس السابق(علي عبدالله صالح) ولكن بصراحة القول أجزم بأنه{خلق هلوعا}.
لا يمكن أن ننكر أن(علي صالح) ليس بيمني كونه خلق هلوعا إلا أن ما يمكننا إثباته هو أنه(عديم الإيمان) ولم تنطبق عليه صفات اليمانية(الإيمان والحكمة) لأن الإيمان يقضي على الذاتية وحب النفس على حساب الغير ويطمس ضمير الفرد عند الحديث عن المنجزات.. تماما ليس كـ(علي صالح) الذي ما برح يستأنف حياته السياسية كلما انتهت صلاحيته ليواصل حلقات مسلسله اللا منتهية إلا بنهايته أو نهاية شعب اليمن بأكمله حبا في ذاته لا لشيء سواه، وكذلك يمكننا برهنة مسألة الحكمة في حكم علي صالح الخالي من كافة مظاهر الحكمة والسداد بدليل ما وصل إليه من تشوه خَلقي وخُلُقي ونُبذ عن الحكم الظاهري لليمن ـ لأنه ما زال يحكم ـ في وقت كان يحيطه الأمن من كل جانب وليس هناك من مؤشرات قد تقض مضجعه.
اليوم لا زال يحكمنا(علي صالح) والكثير من خيوط اللعبة معقودة بين أصابعه ومسألة حكم اليمن التي نرى أنه خرج بحصيلة الصفر لا زالت هاجسه المزمن ويحاول إيجاد الناتج ليساوي(مالا نهاية) ولكن بـ(حل آخر).
نحن كشباب لا نتقن فن السياسة قد غادرنا بلداننا وقرانا بحثا عن لقمة العيش وتوفير المتطلبات الأساسية لأهلنا وذوينا ليعيش الجميع باطمئنان وأريحية إلا أننا لم نقتنع بعد أو نصدق أن رئيسا آخر قد حل بعد علي صالح لأننا كلما حاولنا أن ننسى ذلك الاسم سرعان ما يعاود أسماعنا بظهوره من جديد سواء ممن يسمونه بالزعيم أو من عامة الشعب عقب وقوع أي حدث أو مكروه لطالما قد ارتبطت المكاره واقترنت بذلك الاسم، وثورتنا لم تقم ضد شخصية بهيئتها ولكنها قامت ضد عمل وممارسة خاطئة أنهكتنا ماديا ومعنويا لذا فقد أكثرنا من ترديد كلمة(ارحل) وقد توفقنا في اختيارها شعارا مجملا لأنها تحمل معنى بشقين(الرحيل عن السلطة ومغادرة البلد) إلا أن وطننا لم يتوفق برحيله بل ما زال على فطرته{هلوعا}.
الزعيم الذي غادر السلطة من البوابة الرئيسية قد فتح له أبوابا كثر خلفية ويستخدم مفاتيحه للدخول متى ما شاء مستغلا انشغال أهل البيت في ربائبهم ولا نعرف متى يدخل ومتى يخرج إلا حين ينقطع التيار الكهربائي أو يُغتال أحد الهامات الثورية.. هلا تذكر الزعيم أنه سيرحل ـ ليس عن بلدنا وحسب ـ بل عن العالم الدنيوي إلى عالم الآخرة؟ وكيف سيلقى ربه وقد ترك خلفه شعب مغلوب وقد ضاق به العيش في وطن منهوب؟! إذا ما زال الزعيم هلوعا ويظن بأن مساوئ حكومة الوفاق وإخفاقاته ستضع له متكئا يتكئ عليه للقيام والعودة إلى الحكم فهو واهم.. أهل الايمان والحكمة يا زعيم لن يخطئوا ما داموا على كلمة واحدة ونجاح الحوار الوطني هو اجتماعهم وفي فشله نجاحك يا زعيم ونعدك بأننا سنترك الوطن ونرحل نحن حتى يأتي جيل بعدنا ليواصل الحكاية، وكما قال الأديب مصطفى صادق الرافعي(قضت الحياة أن يكون النصر لمن يحتمل الضربات.. لا لمن يضربها).
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها