الظاهرة الصوتية ضد الإصلاح.. لماذا؟
قد يكون التجمع اليمني الإصلاح إن أحسنا الضن من أفضل التجارب الإسلامية في الوطن العربي كونه استطاع ان يقدم نفسه بصورة سلمية رائعة ومقبولة عند الأخر, لهذا استطاع إن يخلق جوا من القبول والرضا لدى القوى الاشتراكية واليسارية والقومية والناصرية و يصل معهم إلى مشروع سياسي مشترك, وهذا عمل ليس بالسهل حيث ساعد على تقديم نموذج لعمل سياسي رائع يجب الاحتذاء به , مع هذا يضل مرضى النفوس اقل من أن ينالوا من هذا المشروع والفكر المتأصل في عمق ووجدان أبناء اليمن شاملا وجنوبا .. ويضل الإصلاح تصاحبه الأخطاء والزلات كونه تجربة بشرية عرضة لزلل.
لا يعني عندما نشيد بتجربة كالإصلاح أننا ننكر ما عند الأخريين من الخير والتجربة ولا يعني إننا نبراء الإصلاح من الأخطاء التي رافقت سنوات عمره , فهناك ثمة مأخذ على بعض موافقة السياسية وتصرفات بعض أفراده واجتهاداتهم الشخصية .. لكن كما قالها: احد قياداته التاريخين يوما " من أين لنا بحزب أو جماعة تتتمثل قيم الملائكة ؟؟" وهذا بالطبع من المستحيلات" فكل ابن ادم خطاء.... " وأين الحزب أو الجماعة الأكثر نجاحا في واقع الحياة العملية في اليمن ؟؟؟ حتى لا نتطاول في حقه او نبخس ناسه أشياءهم وقيل : من لا يعمل لا يخطى .
نعم الإصلاح كتجربة بشرية فيها من القصور الكثير ولهذا دائما ما تتجدد هذا التجربة وتقيم بين الفينة والأخرى وتضل مواقفه السياسية في اغلبها توفيقية غير صداميه لهذا لا تعجب البعض من ذوي الأهواء وطالبي قطف الثمار قبل نضوجه , لكنها في كل الأحوال مقدرة بزمنها ومكانها وهو في كثير من القضايا السياسية والوطنية قد حسم أمره بموقف شركاءه في أحزاب المشترك فمعظم قراراته اليوم لا تخرج عن إجماع هذه الاحزاب بل قل الإجماع الوطني , لكن يبقى السؤال لماذا يحارب الإصلاح؟؟؟؟
الإصلاح والحرب بالإنابة
يحارب الإصلاح كفكر إسلامي وكمشروع حضاري من كونه الأجدر في الساحة والأكثر تأثيرا وقد قالها احد الرفاق من قيادات الحراك يوما : "الإصلاح أكثر خطرا من غيره كونه يحمل مشروع وفي نفس الوقت منظم وهذا ما يخوفنا من تحقيق أهدافنا ", والأهداف التي يقصدها من وحي كلامه هي مجموعة الأهواء والنزوات والأفكار القديمة الجديدة التي يختزلها بعقلية الصراع الطبقي بين الرجعيين والتقدميين وتحت ستار مظلمة الجنوب التي هو جزاء من صناعتها أصلا , متناسيا إن صراع القيم بات لا يؤمن بالجغرافيا ولا يعير لصراع التاريخ حدود .
والهجوم على الإصلاح والتضيق على بعض أنشطته من بعض قوى الحراك الجنوبي في حقيقة الأمر لن ينتفع منها الحراكيين بل سيخسر من خلاله الحراك الكثير من أنصاره ومؤيديه وسيخلق جو مشحون بالتوتر في الجنوب لن يساعد على الاستقرار والبدء في إيجاد الأرضية الآمنة كطريق للتفكير في الحلول الممكنة للقضية الجنوبية , وكل هذا سيفتح الباب الى تحالفات إقليمية وداخلية في حقيقتها قد لا تخدم القضية بل قد تساعد في انتشار الأفكار المتطرفة والدخيلة كانت يسارية او علمانية او إسلامية وتمدد تواجد القاعدة كغطاء إسلامي باسم " أنصار الشريعة " وكوعا ومحضن يملى الفراغ الروحي والتدين الجارف الموجود اليوم في الجنوب.
هذه التعبئة الممنهجة ضد الفكر الوسطي المعتدل الذي يحمله الإصلاح قد تكون تبعاتها خطيرة على النسيج الاجتماعي للمجتمع ووحدته الفكرية , وسيكون الخاسر الأول فيها أبناء الجنوب كونهم الحلقة الأضعف في تحمل أي اهتزاز أو خلل مجتمعي قد يحدث لا قدر الله , ونستطيع إن نقرا ذلك من عدة أوجه من أهمها :
ما للتيار الإصلاح من ارتباط اجتماعي وفكري وتنظيمي مؤثر في المحافظات الجنوبية وهذا موجود كأرقام حقيقية لا ينكرها الا جاحد او مكابر او رجل يقرءا الواقع بعين واحدة يصعب عليه فيها تقدير الواقع بحقيقته ومن زوايا مختلفة, ولهذا من يدير هذا اللعبة القذرة اليوم _بالطبع اتباع الزعيم وبعض المتربصين بالإصلاح_ كونهم يدركون مدى الخطر الذي يشكله الإصلاح في عملية توحيد النسيج الاجتماعي للمجتمع ووحدة الفكرية وهما اهم عاملين في اي استقرار اي بلد , كون بقاء هذه الأنظمة الدكتاتورية الصدئة قامت في الأصل على تقسيم المقسم وتفريخ المفرخ وتحويل الصراع من مع النظام الى صراع مع المجتمع وذاته وغدة الحرب اليوم بين أقطاب المجتمع اجتماعيا وفكريا اكثر منها سياسيا.
ثانيا_ نوع المعركة التي هو عليها الإصلاح ونظراءه من الإسلاميين في محيط الربيع العربي معركة " وعي وثقافة وفي نفس الوقت تغيير وإصلاح وبناء وتنمية " وليس معركة هوية وجغرافيا بل تكمن في الإنسان المستبد والجاهل في الدرجة الأولى وهي تحرريه في كل الحالات , فالأصل ان نكون على دراية بواقعية المتغيرات والأحداث الإقليمية والعالمية وان نحسن كسب الموافق وتقليل الخصوم , فما خلقته الثورات العربية من واقع جديد اظهر فيه الإسلاميين كقوة مجتمعية حقيقة مؤثرة وغدت صاحبة قرار حقيقي بأثر شعبي ثوري .
والإصلاح في اليمن امتداد طبيعي لهذا التيار الذي يتشكل كقوة مؤثرة في المنطقة العربية , فعلى سبيل المثال غدا بعض رؤساء الوزراء العرب والنواب والداخلية _ اكبر الدول العربية _ هم من رواد هذا التيار الجارف بمعنى ان هذه العلاقة والترابط الفكري والمجتمعي بين هذه الدول يدفع اسلاميو اليمن للتأثير بطريقة وأخرى على موقع القرار العربي و الإسلامي في اتخاذا مواقف قوية تجاه ما يحدث في اليمن بالمعنى ان العداء للاصلاح دون وجه حق هو توسيع دائرة الخصومة مع دول ثورات الربيع العربي.
فهذا الاستعداء الممنهج ضد واحد من أهم فصائل الثورة التي إطاحة بحكم المخلوع صالح لن يخدم القضية الجنوبية ويمكننا إن نسوق مثل بسيط لعقلاء الحراك, فالقاهرة محطة مهمة بالنسبة لقادات الحراك الجنوبي فأي سؤ تفاهم معها قد يضر بالعلاقة ويحد من أي نشاط سياسي من أراضيهاإذا أصبح عدائي, ولهذا يجب إن تفكر قيادات الحراك بعقلية إستراتيجية إذا كانت صادقة مع نفسها وتبحث عن حل حقيقي للقضية في إن تقلل من عدد الخصوم وتدفع نحو كسب رأي محلي وإقليمي وعربي نحو القضية .
فخوض المعركة الإعلامية ضد الإصلاح من كونه الخطر على القضية او الجنوب كما يروج له البعض تبدو لكثير من المتابعين معركة بالوكالة أراد أصحابها ان تدور رحاها في الجنوب كونهم يضنون خطئا إن الجنوب معقلهم الأصلي وبمقدورهم التمترس خلف مظالم أبناءه والحيلولة دون التمدد الإسلامي, وهذه المعركة نسجت خيوطها إطراف عده لها خصومات جديدة وقديمة مع الإصلاح فغدت مع الحراك تتنفس من رئة إعلامية واحدة .
يجب علينا نحن الجنوبيين ان نترفع عن هذه المعركة القذرة في ان ننجر اليها وعليه أن نقتنع جميعا ( حراك وثورة ) أن معركتنا مازالت مع الزعيم (علي صالح) وهي لم تنته بعد, ففي الوقت الذي ذهب صالح من منصة الحكم نبقى أمام معركة مع الصالحية من بقاياه من جهه ومعه كزعيم عصابة خارج إطار الدولة من جهه أخرى , وعلى هذا القاعدة يجب ان نحدد وجهتنا و معركتنا السياسية و الإعلامية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها