الأمعاء الخاوية فصل جديد في المعركة
"الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام سامر عيساوي يبدأ الإضراب عن الماء"،
عنوان خبر في إحدى وكالات الأنباء طالعته و أنا أشرع في كتابة هذه المقالة، و رأيت فيه مدخلا مهما للموضوع بعد ما ترددت كثيرا في اختيار مقدمة مناسبة لمقالة تحاول الاقتراب من (الأمعاء الخاوية) لكن على استحياء،
هل تجب الإشارة هنا إلى أنه حين يكتب التاريخ أنه لم يعرف بلدا تعرض للمؤامرات و الدسائس كفلسطين، تقول الأرض أنها لم تعرف شعبا يتقن التشبث بحقه كشعب فلسطين؟
و هل في ذلك ضمان لاستقامة القانون الطبيعي عن الفعل و ردة الفعل التي تساويه في المقدار و تعاكسه في الاتجاه؟
لئن كانت فلسطين هدف الغزاة منذ القدم، فهي أيضا أرض الرباط
لأهلها المرابطين فيها منذ الأزل، الصامدين فيها إلى الأبد، و في الحديث النبوي الشريف "حتى يأتي أمر الله و هم كذلك"،
اليوم تتجدد المعركة القديمة الجديدة، معركة الأرض ضد غاصبيها و الإنسان ضد ظالميه، أرض فلسطين المباركة و أبنائها الأفذاذ في مواجهة السجن و السجان والأغلال.
اليوم تتجدد المعركة في فصل آخر من فصولها، عنوانه (الأمعاء الخاوية)، في توكيد لا يقبل الشك على أنه كلما ابتكرت إسرائيل طريقة جديدة و هي تسعى جاهدة لطمس الحق الفلسطيني، فاجأها أصحاب هذا الحق بما هو أكثر إفصاحا عن عدالة القضية و قوة الحق في مواجهة حق القوة، و في معركة (الأمعاء الخاوية) ما يشي بذلك و أكثر.
لم يكن يدر في خلد أمراء حروب إسرائيل أو جنرالات اعتداءاتها المتكررة و عدوانها المتواصل أن تـُــفتح عليهم جبهة من تحت أقبية السجون، اعتقدوا أن (عامود السحاب) إذا ما أمطر غزة بالدمار فإنهم سيكونون بمنأى عن الضرر اعتمادا على (قبة الحديد)، لكن النتيجة لم تكن لصالحهم، و حين تصوروا أنهم باتوا في مأمن من أن تفتح عليهم معركة أخرى في أية جهة أو جبهة جديدة كانت (الأمعاء الخاوية) تمثل المفاجأة الجادة و الجديدة..
من كان يتصور أن يعلن الأسرى من داخل السجون تدشين المعركة؟
معركة سلاحها الإرادة و قوامها الكرامة، عزائم لا تعرف الضعف و لا الفتور،و نفوس لا يتطرق إليها خور و لا استكانة،
قالها عز الدين القسام قبل نحو ثمانين سنة: "إنه جهاد، نصر أو استشهاد"و قبله كان عمر المختار يصفع بها أسماع جلاديه: نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت، إنها معركة يقودها الأسرى،مثلما قاد شهداء فلسطين المعركة أثناء الحرب الأخيرة على غزة، حيث كتبت الشاعرة و الإعلامية / لينا ابوبكر يوما على صفحتها : "أن الشهداء يقودون المعركة"،هاهم أسرى فلسطين يقودون معركة أخرى،و هم الآن يعزفون نشيد الحرية الخالد، على:
"سيدة الأرض التي كانت تسمى فلسطين
صارت تسمى فلسطين"، كما قال الراحل محمود درويش .
و العالم الذي يبدو اليوم مشغولا عنهم بقضايا السياسة و مشاكل الاقتصاد، و مخاطر الإرهاب و أضرار البيئة، لن يطول انشغاله إذا ما أدرك عقلاؤه أن إسرائيل بممارساتها العدوانية السافرة تشكل أكبر مهددات السلام العالمي، و أخطر آفة تواجه المنطقة و المحيط الإقليمي و الدولي.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها