هشاشة الوفاق في اليمن.!
كم نحن واهمون إن نحن صدقنا أن مؤتمر الحوار الوطني سيكتب له النجاح في
ظل التشظي القائم في اليمن وفي ظل ضبابية المشهد السياسي ودخول
متغيرات جديدة تعمق الأزمات وتبرز التباينات بل ربما تنذر بكارثة قادمة
دون أي حلول تذكر ، فقبل الثورة السلمية لم يتردد مصطلح الوفاق كثيرا في
اليمن ، ولكن المبادرة الخليجية نصت على أهمية الوفاق وجاءت حكومة
الوفاق التي حملت هذا الاسم شكلا دون معنى حيث لم يتجسد الوفاق واقعا في
أدائها ولا بين أعضائها، ولم يلمسه المواطن في الواقع حتى اللحظة برغم
التصريحات التي تطمئن أن الدنيا بخير وأنهم سمن على عسل !! ليس من
معاني الوفاق الوطني التقاسم والمحاصصة للسلطات ولا يعني مطلقا التماهي
بين أطراف محدودة وتهميش بقية الأطراف ، وليس من الوفاق أن يُهدِّف كل
طرف ضد الآخر ، أو يستخدم القوي قواه لإسقاط الطرف الضعيف بضربة قاضية ،
لقد كشف تشكيل اللجنة الفنية للحوار مؤخرا وتفرد الرئيس هادي بقراره
وإغفاله لبعض الأطراف عن مدى هشاشة جدار الوفاق النسبي في اليمن ، حيث
اعتبرت قوى في الساحة هذا التشكيل تجاهلا لها وتهميشا لدورها بل ذهبت قوى
أخرى ممن لم تمثل في اللجنة المذكورة مذهبا يؤكد أن هناك طبخة قادمة
تستهدف نسف الثورة والعودة باليمن إلى المربع الأول و انتاج النظام
السابق الذي قامت الثورة الشعبية السلمية ضده !،إن الوفاق اليمني في خطر
داهم إذا ظل صانع القرار السياسي اليمني يرتهن إلى قوى خارج إطار أطراف
الوفاق سواء في الداخل أو الخارج ،وإن جدار الوفاق الهش سيزداد هشاشة
وربما وقع الجدار على رؤوس الجميع وعندها لن ينفع الندم ولن يتحقق أي
حوار، وهناك عدة أسباب تعمل على وأد الوفاق النسبي في اليمن ربما لأسباب
داخلية يأتي في مقدمتها آلة الرئيس السابق من أنصار وإعلام وضخ مالي
وشراء ولاءات وبلطجة وتخريب ومن مسؤولين يعرقلون التسوية وغير ذلك ،
وهناك أسباب خارجية تعمل على هدم الوفاق اليمني لتحقيق مصالحها في اليمن
ربما يأتي في مقدمتها تصارع السعودية وإيران بجهد يمني ودماء يمنية ،
ثم لا ننسى الجهل و الثقافات السلبية المجتمعية لدى البعض و المكتسبة من
عهد الشمولية البغيضة ، ولترميم جدار الوفاق بل ولتمتينه ليكون جسرا
يعبر فوقه اليمنيون للوصول إلى آفاق الحوار الوطني الذي يعول عليه في
انتشال اليمن من معضلاتها المزمنة لابد من صدق الارادات السياسية وتغليب
مصلحة الوطن فوق كل مصلحة والتنبه إلى خطورة تدهور الوضع في اليمن
والعمل على أن يلتقي الجميع بكل مشاربهم تحت سقف واحد لإنقاذ مايمكن
إنقاذه في هذه البلاد التي لم تعرف الهدوء بعد ولا التنمية ولم تذق طعم
الوفاق كبقية شعوب الأرض .