إطالة أمد الحرب في اليمن وضريبتها الاستراتيجية على التحالف ..؟!
ونحن على وشك اجتياز هذه الحرب العبثية في اليمن العام السابع ، في حالة من الغوغائية والعبثية لم يحسب لها التحالف حسابا ، الذي بدأ بثلاثة عشر دولة ، بقرار من مجلس الأمن الدولي في سبيل استعادة الشرعية والقضاء على الانقلاب الحوثي وانقاذ صنعاء من أن تكون العاصمة الرابعة التي أصبحت رهن نظام وسيطرة آيات إيران ، ومن عجائب ضياع سبيل التحالف في تمكنه من استراتيجية واضحة تأخذ بجهوده إلى الانتصار ، ربما حالة الغرور والانتشاء بقوته العسكرية الضاربة المسيطرة على الموقف برا وبحرا وجوا ، أو وقوعه تحت تضليل استشاريين ومحللين استراتيجيين ليس لهم من تحليلاتهم واستراتيجياتهم إلا الهرطقة والتخريف والهرف بما لا يعرفون ، وذلك اتضح جليا من التحليلات السياسية وكذا تصريح قائد قوات التحالف اللواء أحمد عسيري ، الذي صرح في مطلع الحرب إنها لا تتعدى بضعة اسابيع ، وسيتم حسم المعركة ويتم القضاء على هذه الجماعة المنفلتة ( الحوثيين ) ، ثم بدأ العد التصاعدي للتوقعات حتى تم استبداله بالمالكي الذي يبدو أنه أكثر واقعية وحذرا منه ، من حيث توقع نهاية هذه الحرب ، والاكتفاء بعرض تقارير وصفية لأرضية الحدث من انتصارات أو اخفاقات ، بشكل يلامس واقع الحال والمشهد السياسي المتقلب والمضطرب .
كما أن عجلة بعض دول التحالف في ايجاد مكاسب ومصالح استراتيجية قبل نهاية الحرب والانشغال بتمهيد وتذليل وتسميد سبل وارضية تلك المصالح الاستراتيجية أكثر من مواجهة العدو الحوثي المنقلب على الشرعية والسبب الذي من اجله انشئ التحالف واستبيحت الجمهورية اليمنية برا وبحرا وجوا ووضعت اليمن بحالها تحت البند السابع ، وهو الخضوع للإرادة الدولية تحت مسؤولية التحالف القانونية والانسانية وكذا الارادة والادارة السياسية ، كل تلك العجلة في تحقيق مكاسب ومصالح استراتيجية ، وهذا في العرف الدولي والسياسي والاقتصادي والاستراتيجي حق مشروع للدول في البحث عن مصالحها الاستراتيجية ومشاريعها الاستثمارية والبيئة الخصبة لذلك ، وغالباً تكون تلك الدول أو المجتمعات التي ليست لها مشروعا أو تعاني من حالة التخبط السياسي والاداري للدولة كالحالة الراهنة لبلادنا غالباً تكون مسرحا وهدفا لتلك المصالح الاستراتيجية ، لكن المأخذ الذي ارتد اثره سلبيا على هدف وارادة وادارة التحالف هو الامعان بتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية الاقتصادية ، السياسية والتعجل بتحقيقها تحت ظل ومظلة مخرومة تحتها حرب دائرة وعدو متربص خطير مدعوم من نظام سياسي عسكري استراتيجي متمرس على استغلال الفرص كهدر وقت الطرف المعادي الآخر في المصالحة بين الحروب البينية التي عصفت بكيان الشرعية مع مكوناتها التي خرجت عن طوعها إلى اهداف واتجاهات استراتيجية أخرى .
الحروب والصراعات البينية بين مكوني السلطة الشرعية ( جناح عبد ربه منصور رأس السلطة الشرعية وكذا حزب الاصلاح والمكونات الأخرى ، والمدعومة من المملكة العربية السعودية قائدة التحالف والواقعة بحرج إطالة الحرب وضياع سبيل النصر العكسري أو الحل التوافقي من طرف الحوثي بخبثه وذكائه الاستراتيجي بتقديره أن الشرعية قد نخرتها وستنخرها الصراعات البينية بينها والانتقالي ومكوناته واتجاهات دعمه وتمكينه استراتيجيا وفرض امرا واقعا ) ، كل هذا جعل الحوثي يرفض أي مبادرات حلول توافقية لايكون فيها الطرف القوي والمعترف به ارضا وواقعا وندا مجابها للشرعية والتحالف .
وهكذا كلما زاد الصراع البيني لاجنحة الشرعية والفشل الاداري للسلطة والحكومة الشرعية التي تكاد أن تكون مقصية أو استمرأت عيش الفنادق وامتيازات الحكم الشبه روبوتي العبثي من الخارج ، كلما زادت هذه الظاهرة العبثية الغوغائية استفحالا كلما كان ذلك قربان انتصار وتفوق للحوثي وشماعة تعبئة وطنية جمعية مجتمعية لتلك المحافظات الواقعة تحت سلطاته ، أن الشرعية فاشلة بإدارة محافظات سيطرتها وقدرها ليس بيدها ويبلغ اتهامه لها بالموالاة والعمالة والارتزاق من التحالف ، بينما هو يذر الرماد في العيون ويغالي في الأمر كونه في بوتقة العمالة والموالاة والادارة والارادة السياسية لنظام آيات إيران .
الحقيقة المؤلمة أن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية لم يقف مليا وواقعيا تحليلا واستنتاجا للمرحلة السابقة من هذه الحرب التي طال امدها محددا اين كمنت نقاط قوته ، ونقاط ضعفه لتقييم تلك السنوات في إدارة الحرب وما حققته من مكتسبات واخفاقات وكيف يمكن تعزيز نقاط قوته وتقويتها ، وإصلاح نقاط ضعفه وتعزيزها بأسباب القوة ورفدها بمحددات الأهداف الاستراتيجية الموجهة الواضحة المدعومة والمعززة بسبل الدعم والقوة وعدم الحياد عنها الى هوامش جانبية أخرى ، وليكن أول الأهداف تحقيق ما جاء من اجله التحالف ، وهو عودة الشرعية إن مازال هناك ثمة أمل وارادة دولية ، وإن أصبح التحالف تحت سطوة إدارة أخرى دولية قابضة على تلابيب مصالحه دون تحقيق املاءآت تلك الارادة والادارة ، فما عليه إلا بحث سبل التوافق السلمي مع حتمية الاعتراف بالطرف الحوثي كند سياسي لحل توافقي وادارة سياسية مشتركة ، ويعني ذلك العودة إلى نقطة صفر ما قبل الحرب ، وهذه خلاصة غياب الهدف الاستراتيجي عن أي حرب ، أو الحياد عن هذا الهدف إلى اهداف أخرى أو تشتت الجبهة القتالية لمواجهة العدو الخبيث المتربص لكل زلة وهنة للطرف الآخر وانشغال الجبهة ذاتها في الحروب البينية الاستنزافية التي تخلع مخالبها وتقص اظافرها وتجعل من الجبهة في حالة ضعف وانهيار أمام تقدم العدو وخبثه .
إطالة أمد الحرب والحروب البينية العبثية بين مكونات السلطة الشريعية وتخبط التحالف في هذا المنحى قوى الجماعة الحوثية تضليلا اعلاميا للوعي الجمعي الوطني بما يعزز دعواه ودعايته ، وقواه عسكريا واستراتيجيا حتى بات يهدد مصالح دول التحالف في عقر دارها بالصواريخ البالستية أو الطائرات المسيرة ، وكلما ناخت قافلة الشرعية والتحالف كلما نشطت القافلة الحوثية حتى أصبح ندا جلدا وبدأت اطراف دولية خطيرة وربما صانعو القرار السياسي في اليمن تعترف بالحوثي ندا وطرفا في هذه الحرب ، بفعل المقارنات في واقع الحال بين سلطة أمر واقع على الأرض في صنعاء وسلطة شرعية هائمة على وجهها تخشى العودة إلى أي محافظة تحت سلطة التحالف السعودي الاماراتي ، كجهتين مسؤولتين عن إدارة السلام والحرب في اليمن .
المبادرة السعودية في الاصلاح بين طرفي الصراع العبثي البيني السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي كند قوي وثابت على الأرض ممثلة في اتفاقية الرياض ، التي راوحت سنة كاملة بين الحذف والتعديل والاضافة للتوافق بين الطرفين تمخضت عن حل سياسي متقدما على الحل العسكري والامني ، وحكومة شرعية توافقية ربما ، صاحبت تشكيلها آلة اعلامية مضللة للوعي الوطني الجمعي بأنها حكومة كفاءآت والحقيقة ، أنها حكومة توافقية جامعة لمكونات لوزراء كل في غير تخصصه ، ولاندري هل أصبح قدرا ومكتوبا على كل مبادرة يقدمها اخوتنا في الجوار أن تكون مخرومة أو مفخخة ، سرعان ماتنقلب رأسا على عقب ..؟! كالمبادرة الخليجية التي أصبحت أثرا بعد عين ، وكذلك اتفاقية الرياض التي كل طرف من اطراف سبب انشائها يضع لائمة عدم الانصياع لبنودها ومحدداتها على الطرف الآخر ، وكل له جيشه من الاعلاميين والذباب الالكتروني وكله شغال على تضليل الوعي الجمعي عن الأهداف المبيتة ربما لكلا الطرفين ، وكل تلك الدوامة والزوبعة تسهم في اغراق التحالف ومكوني السلطة الشرعية المصطرعين في مستنقع هذه الحرب العبثية وتسهم في صنع قارب النجاة للجماعة الحوثية وتعزز سقوط العاصمة الرابعة صنعاء في قبضة نظام آيات إيران كصديق استراتيجي لشطر شمالي آخر مستقل سلطة وارادة سياسية ، وبذا يكون التحالف قد تحمل عبء حرب عبثية بدأت بوسيلة لغاية وانتهت بالإنحراف عن تلك الغاية ، وخدمة من اقيمت الحرب واشتعل اوارها خشية من تمكنه وامتداد نفوذه إلى تمكينه شرعيا ودوليا وهو نظام آيات إيران ..وربما تكون تلك النهاية اللائحة في الأفق فيما لو استمر التحالف على هذا الديدن والتخبط الذي يهز اركان قوته ويضعفه ويكسب خصمه نقاط قوة وتمكين ليصبح ندا قويا مضارعا له وليس جماعة انقلابية منقلبة على الشرعية الوطنية وفق المبادرة الخليجية .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها