المهرة إمارة سعودية !!
كيف صارت اللغة المهرية لغة حديثة الاكتشاف في جنوب السعودية ؟ فما اعرفه هو ان المهرة محافظة في شرق اليمن كما وأعلم جيدا ان لغة أهلها قديمة ومعروفة ومتداولة شفهيا مثلها مثل اللغة السقطرية التي ارجو ان لا يأتي يوما وقد باتت هي – ايضا – لغة مكتشفة تتصدر عناوين الصحف والقنوات الاجنبية .
حين قرأت صحيفة الشرق الاوسط قبل سنة تقريبا لم اتمالك نفسي من شدة الغيرة والحنق على هذه البلاد وناسها ، كيف لا ينتاب الواحد الفزع والوجع وهو يقرأ الخبر التالي : لغة مكتشفة في جنوب المملكة ويتحدث بها 20ألف سعودي .
فلو ان هكذا اكتشاف كان في سلطنة عُمان المحاذية لمحافظة المهرة ؛ لهان الامر علي ولكنت اعتبرت المسألة ممكنة وربما بديهية فكثيرا ما وجدنا المهريين " البدو" يشتركون مع اخوانهم العُمانيين " البدو " بخصائص كاثرة ، لذا فإنني ما كنت افزع لو ان من يتحدث المهرية يتوطن في غرب عُمان ، فيكفي التأكيد هنا بوجود خصائص مشتركة بين هؤلاء القوم المستوطنين ذات الجغرافية الواحدة رغم أنف التقسيم السياسي .
لكنني أتحدث هنا عن 20ألف مهري صاروا مواطنون سعوديون ؛ إما بحكم الواقع المفروض قسرا ، وإما نتيجة استغلال بشع لفاقة وظروف اليمنيين في هذه المناطق القفرة الفقيرة ، إذ انه ومنذ نصف قرن تقريبا واليمنيين في صراعات وحروب داخلية منهكة ومدمرة ما فتأوا يعانون منها حتى اللحظة الراهنة التي مازالوا فيها بمسيس الحاجة لدعم الشقيقة فيما هي أخذة بالتمدد والتوسع وعلى حساب مساحة اليمن مستغلة ضعفه وفقره وازماته ومشكلاته .
وهذه جميعها جعلته عرضه للأطماع التوسعية السعودية التي لم تقتصر على ابتلاع اقاليم كاملة من شمال اليمن سابقا ؛ بل ووصلت الى بسط نفوذها وهيمنتها شرقا وغربا ، برا وبحرا ، ولدرجة بتنا فيها نخشى على ما تبقي من مساحة اليمن الضئيلة بحيث نرى الجارة الشقيقة ، وقد استولت على مساحة شاسعة حيوية واعدة بالثروة والاستثمار في الجوف ومأرب وشبوه وحضرموت والمهرة وحجة وصعده .
المؤكد أنه ما من فقير ومحتاج لضرورات الحياة يمكنه رفض الانتساب لموطن يمنحه شعورا معنويا ووجوديا بالغنى والتفوق ! فحين يفقد الانسان كرامته ووجوده في وطنه تصير مواطنته مجرد بطاقة هوية عبثية مذلة ، فكما قيل بان الجائع لا يكون مخلصا لوطنه ، لذا فكثير من خلق هذه البلاد استبدلوا جنسيتهم وكأنما يبدلون جورب حذاء نتن ومتسخ .
كيف لا واليمنيون جل امنيتهم الحصول على الجنسية الامريكية او البريطانية او الخليجية ؟ إنهم ووطنهم في علاقة نفي واضطهاد ازلي لا ينفع معه سوى البعاد ، ألم يقل اسلافنا الاوائل " ربنا باعد بين اسفارنا " فمزقهم الله شر ممزق وعاقبهم بالنفي شر عقاب .
ما من أحد في هذه البلاد التعيسة إلا ويسهل اغرائه واستقطابه من السعودية او غيرها ، فكيف إذا ما كان هذا الاغراء يتعلق بأناس لم يعثروا على ذواتهم في موطنهم ؟ اناس جل همهم طريق معبد يحترم ادميتهم ، وانارة ، ومستشفى ، ومدرسة ، وحياة آمنة مستقرة خالية من الاقتتال والتناحر والفقر المدقع والامراض والجهل .
معاناة مستديمة بكل تأكيد ورقة رابحة طالما استخدمتها الشقيقة في معركتها التوسعية ، فمنذ ان صارت امارة نجد الدرعية مملكة سعودية على جغرافية شاسعة مستولى عليها من الحجاز والشام واليمن والخليج وهذه البلاد لم تعرف وقتا من الاستقرار السياسي والمجتمعي ، كما ومساحتها وثروتها وقوتها في تناقص دائم ومستمر .
فحتى بعد تنازل قيادة اليمن عن ثلث ارضها الشمالية وفق اتفاقية جدة 2002م ، ناهيك عن صمتها إزاء سعودة البلق والوديعة وسواها شرقا ؛ كانت المملكة قد ظفرت بمساحة شاسعة غنية بالنفط والغاز شرقا نظير ارجاعها لجبال ووديان شمالا وغربا كانت قد اضافتها لخريطتها الجيوسياسية المستحدثة ما بعد اتفاقها مع الامام سنة 1934م .
فمنذ قيام الجمهورية 26سبتمبر 1962م وهذه الاستحداثات لم تتوقف عند نقطة وحد فاصل ،فكلما زادت مشكلات وازمات اليمن الداخلية ابتلعت المملكة مساحات جديدة اضافية ، فكيف إذا ما قلنا بان اليمنيين في اتون صراعات قبلية ومناطقية وطائفية واهلية وجهوية لم تعرف التهدئة او التوقف ؟ .
هذه الوضعية البائسة المكلفة مازالت تجلياتها ماثلة الى الوقت الحاضر الذي ينشد اليمن واليمنيين دعم وعون ونصرة دولة لم تتوقف لحظة عن اطماعها في اليمن ، كما ولا يبدو انها ستتوقف عن تغذية الاطراف المتصارعة ولو على المدى القريب ، فيكفي هنا النظر لمجريات عملية الانتقال وللحوار الوطني لندرك حقيقة الاطماع التوسعية ،وطبيعة التدخلات والجهات والتحالفات المقوضة لبناء واقامة الدولة اليمنية الناهضة المستقرة القوية ذات السيادة الكاملة على كامل مساحتها وقرارها .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها