من نحن | اتصل بنا | الخميس 10 أكتوبر 2024 03:22 صباحاً
منذ 10 ساعات و 9 دقائق
اطّلع معالي وزير الشؤون الإجتماعية والعمل رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الدكتور محمد سعيد الزعوري، على ماتم انجازه في مشروع مستشفى المعاقين و مركز العلاج الطبيعي بالعاصمة عدن. وخلال الزيارة أعرب الوزير الزعوري عن سروره لما أنجزته المؤسسة العامة للطرق،
منذ 17 ساعه و 55 دقيقه
قام معالي وزير الشؤون الإجتماعية والعمل رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الدكتور محمد سعيد الزعوري صباح اليوم، بزيارة تفقدية لمشروع مبنى الإدارة العامة لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين "المركز الرئيسي" بمدينة دارسعد بالعاصمة عدن الذي توقف العمل فيه منذ العام
منذ 22 ساعه و 23 دقيقه
    قال عضو الهيئة الاستشارية العليا للمنظمة ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر الأول أستاذ الإعلام والاتصال في كلية ليوا في أبوظبي الأستاذ الدكتور/ عبدالملك الدناني إن المؤتمر الذي يجري التحضير له من قبل المنظمة العربية المتحدة للبحث العلمي ومركز لندن للبحوث، وهو الأول
منذ يوم و 23 ساعه و 37 دقيقه
    عين وزير الصحة العامة والسكان الدكتور قاسم بحيبح مديرًا ماليًا لقطاع السكان بالوزارة بالعاصمة المؤقتة عدن.   ونص قرار التعين الذي يحمل الرقم (10) للعام الجاري؛ تعيين إدريس محمد حزام العيوي مديرًا ماليًا لقطاع السكان.   ويأتي هذا القرار تمكينًا لكوادر وكفاءات
منذ يومان و 9 ساعات و 39 دقيقه
اطّلع معالي وزير الشؤون الإجتماعية والعمل الدكتور محمد سعيد الزعوري على تفاصيل مشروع الإستجابة لإحتياجات تنمية القدرات المحلية لتعليم طلاب محو الأمية وذوي الإعاقة، المرحلة الثانية الذي تنفذه مؤسسة يماني للتنمية والأعمال الانسانية وتمويل مركز الملك سلمان للإغاثة
عدن 2022.. أزمات معيشية واغتيالات وانتهاكات وسلطة أمنية غير موحدة
محمية الحسوة في عدن.. من حديقة خلابة إلى مكب للنفايات ووكر للجريمة
2021 الحصاد المُر في عدن.. عام بلون الدّم وطعم الحنظل
20 حالة طلاق يوميا في عدن
ثقافة و فنون
 
 

قراءة في العتبات الخارجية لرواية (حقل الفؤاد) للكاتب محمد على محسن

عدن بوست - خاص: الجمعة 04 ديسمبر 2020 11:42 مساءً

                                       

نسعى عبر هذه الورقة إلى تقديم قراءة نقدية تطبيقية تفاعلية للعتبات الخارجية لرواية (حقل الفؤاد), مستعينين بآليات النقد السيميائي, بالتركيز على البنية والوظيفة والدلالة, بهدف الكشف عن المكونات التركيبية والدلالية, وعلاقة العتبات بالمتن.

العتبات الخارجية:

يُقصد بها العتبات التي يكون موقعها قبل المتن؛ أي أنها تشغل حيزاً يسبق متن الكتاب, وترتبط به معنوياً, بوصفها بوابة العبور إلى داخله.., وهي على نوعين: خارجية بارزة, وتتمثل في: الغلاف الخارجي, وعنوان الكتاب. وخارجية متوارية وتتمثل في: صفحة الغلاف الداخلية, وعتبة الاستهلال.

وسنتناول – حسب الطبعة الالكترونية المتوفرة لدينا- العتبات الخارجية البارزة بنوعيها (عتبة الغلاف الخارجي, وعتبة العنوان)

عتبة الغلاف الخارجي:

يعد الغلاف الخارجي عتبة مهمة بوصفه مفتتحاً بصرياً لا يقل أهمية عن عتبة العنوان؛ ذلك أنه يحمل البصمات التي تكشف عن هوية النص, بما يتضمنه من علامات لغوية, وبصرية, وما يشتمل عليه من مؤشرات أيقونية وإشارات سيميائية توضح طبيعة العمل الأدبي, كما يعد عتبة أساسية لفهم العمل الأدبي, وخطوة ضرورية لتفكيكه وتركيبه في مقولات ذهنية أو نقدية أو وصفيه...

ويتكون الغلاف الخارجي من واجهتين: أمامية, وخلفية, كل منها تختلف في ما تحمله عن الأخرى.

فالواجهة الأمامية-عادة- ما تحمل اسم المؤلف, وعنوان مؤلفه, ونوعه, ..., علاوة على اللوحة التشكيلية..., وقد تحمل اسم المترجم...

أما الواجهة الخلفية قد تحمل صورة فتوغرافية للمؤلف وما يتعلق به ( مكان وتاريخ الميلاد, المؤهل, المهنة, الأعمال الأدبية, الحالة الاجتماعية..), وقد تحمل عبارة أو أكثر للمؤلف أو الناشر, أو الناقد.. 

ولا شك أن أهمية الغلاف لا تقل عن أهمية العنوان, لا سيما أن الدراسات النقدية الحديثة أولته أهمية كبيرة, بتناولها الواسع للأعمال الأدبية بدءاً من الغلاف وانتهاءً بمضمون المتن, ولذا لم يعد الغلاف حلية شكلية؛ انما أصبح يدخل في تشكيل تضاريس العمل الأدبي, وأحياناً يكون المؤشر الدال على الأبعاد الإيحائية للنص, لهذا فأن عملية استقراء عتبة الغلاف تعد مهمة أساسية في فتح مغاليق النص الأدبي بوصفه عنصر من عناصر تشكيل الدلالة وإثراء المعنى...

وهذا ما سنحاول التعرف عليه, بالتعرف على الواجهة الأمامية لغلاف الرواية التي بين أيدينا, عبر قراءة العلامات المكون لها: العلامات البصرية (الصورة, الأشكال, الألوان..), العلامات اللسانية ( العنوان), وعلى أساس هذه العلامات؛ سنمضي عبر مستويين من القراءة: قراءة بصرية: تتمثل في قراءة العلامات البصرية... ومكوناتها, بحثاً عن الدلالات والإشارات والإيحاءات التي تحملها... وقراءة لسانية: تتمثل في قراءة العنوان, معجمياً, وتركيبياً, ودلالياً ...

القراءة البصرية:

ونقصد بها قراءة العلامات البصرية: الصور, والأشكال, والألوان... وهناك كثير من المفاهيم المتعلقة في مجال القراءة البصرية, كمفهوم الإطار, ومفهوم المنظر...إلخ

والعلامات البصرية كغيرها من العلامات تحمل في طيها دلالات وإيحاءات ...والدليل البصري يتكون من: دال, وهو(الموضوع الذي نبصره), ومدلول, وهو (المفهوم), كما جاء في كتاب( علم دلالة الصورة), الذي ذهب إلى تقسيم الأدلة البصرية- اعتماداً على مقياس المشابهة بين الدال والمرجع- على نوعين: أيقونية, وفيها يتم ربط المشابهة بين الدال والمرجع, ومن ذلك الصور الفتوغرافية, وغير أيقونية أو الأشكال, فهي اعتباطية؛ أي أن الدال لا يشابه المرجع...وفي مجال القراءة البصرية ثمة من ذهب إلى التمييز بين مفهوم البصر ومفهوم النظر.. غير أن المجال لا يتسع للحديث ع ذلك.

ولعل أول ما نلاحظ في الغلاف الأمامي لرواية (حقل الفؤاد) هو أنه جمع بين نوعي الأدلة البصرية (أيقونية, وغير أيقونية).

= الأدلة البصرية الأيقونية: وتتمثل بالصورة الفتوغرافية التي شغلت ما يزيد على (95%) من المساحة, وهي صورة لمنظر من مناظر الطبيعة الخلابة... تتآلف مكوناتها بشكل متناسق من الأعلى إلى الأسفل (سحاب بيضاء, شمس مشرقة, سماء زرقاء صافية, منطقة زراعية تحيطها سلسلة جبلية بشكل قوس), وهذه المكونات تحمل عدة دلالات تتشاكل فيما بينها في الدلالة على معنى (الحياة) وهي على النحو الآتي:

= السحاب= المطر, الماء, العطاء...

=الشمس = النور, الضياء, الحرية...

= السماء = السمو, الصفاء, النقاء, الرزق,...

=الجبال = العلو, الارتفاع, الشموخ, الصمود,...

= الزراعة= الغذاء, الدواء, اللباس,...

 لاشك أن مكونات الصورة تعد من العناصر الأساسية للحياة على كوكب الأرض, كما أنها تحمل معنى (الموت)؛ فـ(السحاب)-مثلاً- فيها(برق, رعد, عواصف, غرق...), و(الشمس) فيها(نار, احتراق..), وكذلك في الأُخرى؛ أي أنها تدل على معنيين:(الحياة, الموت)؛غير أن دلالاتها الأكثر حضوراً-كما في الصورة- تدل على معنى (الحياة).

 كما أن هذه الصورة بتضاريسها الجبلية, والطبيعة الزراعية الخضراء..., تأخذ القارئ البعيد إلى تلك المنطقة الواقعة بين جنوبي شبة جزيرة العرب, الممتدة من مضيق هرمز إلى الحجاز, والتي سميت قديماً بأرض(اليمن السعيد), أما (القريب) وهو الذي يعيش في نطاق هذه الخارطة؛ فأنها لن تذهب به بعيداً, أو تخرجه عن نطاقها, أما الأكثر قرباً- وهو الذي يعرف منطقة الكاتب, أو ينتمي إليها- قارئ كان أم غير قارئ- فما أن تقع عيناه على هاته الصورة, إلّا انطلقت به إلى وادي الحقل الذي يقع في جبل جحاف محافظة الضالع.. أي أنها تأخذ البعيد والقريب....إلى منطقة تقع ضمن نطاق جغرافي يتميز بالتضاريس الجبلية, والطبيعة الزراعية, والأمطار الموسمية....قد يكون ضيق المساحة, أو متوسط, وقد يكون واسع, أو أكثر اتساعاً؛ أي أن هذا النطاق بمساحاته المختلفة ( الضيقة, المتوسطة, الواسعة...) يحمل عدة إشارات يراها القارئ حسب المعطيات الثقافية والمعرفية.. التي ينظر من خلالها. فـ(الضيقة) تشير إلى ( القرية, أو المنطقة, أو المحافظة), التي تقع ضمن المساحة(المتوسطة), المتمثلة بالبلد أو القطر بخارطته الحديثة, المجتزءة من المساحة الواسعة, الواقعة جنوبي شبة الجزيرة, التي تمثل جزءاً من المساحة الأكثر اتساعاً, المتمثلة بخارطة الوطن العربي....., وبهذه الإشارات نحصل على عدة مفردات( قرية, منطقة, بلد...) تتواشج في نسق متصاعد, يمضي من الضيق نحو الاتساع, كما انطلقت فصول الرواية.., لتغدو كل مفردة.. بما فيها ومن فيها..(أرض, إنسان...) بمعنى (الوطن), وحسب ما لدينا من مفردات؛ سيكون لدينا عدة أوطان. وفي هذا إشارة إلي حال الوطن العربي الممزق إلى كنتونات. ومما سبق تتجلى أمامنا دلالة أخرى لا تقل أهمية ولا حضوراً عن السابقة, وهي الدلالة على معنى (الوطن).

ومن خلال ما سبق يكون لدينا معنيان(الحياة, الوطن)أو (الوطن, الحياة)؛ فهل المقصود (حياة الوطن) أم (وطن الحياة)؛ بل عن أي حياة, وعن أي وطن يتحدث الكاتب؟ فهل ستمكننا الصورة من معرفة ذلك أو الاقتراب منه؟

ثمة كثير من الإشارات و الإيحاءات, التي تحملها الصورة, وما يهمنا منها هو ما يتقارب مع الدلالتين السابقتين, بوصفهما الأكثر حضوراً, وعبرهما سنحاول المضي في هذه المقاربة...ذلك أن تتبع الإشارات...المتشعبة سيجعلنا نتيه عن الطريق الذي افترضناه معبراً للوصول إلى عمق النص.

وبالعودة إلى الصورة نلاحظ أول كلمة في العنوان هي:(حقل), وتحتها شمس مشرقة مرسلة أشعتها إلى المنطقة الزراعية, بإشارة واضحة, كأنما تقول: هذا هو( حقل الفؤاد), الذي أعني أو أتحدث عنه. فما المقصود بـ(حقل الفؤاد), وما الدلالات(القريبة, والبعيدة,...) أو(الضيقة, والواسعة,....) التي يحملها هذا الاسم المركب؟ هذا ما سنحاول معرفته في قراءة العنوان.

وبما أن الشمس تأتي من الشرق, وتعني الانعتاق من الظلام.. والحرية؛ فان الشرق يغدو رمزاً يمثل الحرية والانطلاق, وهذي يستدعي الآخر الغائب الذي يمثل القيد والعبودية, وهو الغرب, كما تغدو السلسلة الجبلية- التي تحيط الحقل من الناحية الشرقية بشكل سور- رمزاً لتلك القيود والأغلال, التي صنعتها القوى الغربية باحتلالها الشرق وتمزيق أوطانه, وبهذا يكون الشرق هو الوطن الأكبر, والحقل هو الوطن الصغير.

=الأدلة غير الإيقونية:

وتتمثل بذلك الشكل المنحني من اليسار إلى, الذي يشغل تلك المساحة المتبقية في أسفل الواجهة الأمامية, بما يشبه (التل الصغير) قمته في أقصى اليسار, ثم ينخفض تدريجياً, لتنحسر مساحته حتى يصل إلى أقصى اليمين, ويرتدي لوناً يتدرج من اليمين إلى اليسار بين ثلاث حالات: ( غامق, متوسط, فاتح), وعلى جبينه ينحني من اليسار إلى اليمين خط أحمر غامق, ينحسر اتساع عرضه تدريجياً, ليختفي قبل أن يصل إلى أقصى اليمين, وهذا التباين القائم بين طرفيّ هذا الشكل, يحيلنا إلى ثنائية ضدية, اعتماداً على مقياس(العلو, المساحة, اللون...), وذلك كما في الآتي:

العلو=انخفاض× ارتفاع

المساحة=ضيق× اتساع

اللون= غامق× فاتح

الجو=معتم× مشرق

وبهذا نلاحظ كل طرف يجمع عدد من الصفات؛ فاليمين=( منخفض, ضيق, غامق, معتم), واليسار(مرتفع, متسع, فاتح, مشرق), وهنا يكون لدينا حقلان دلاليان, كل حقل يجمع عدد من المفردات, وكل مفردة تحمل عدة دلالات, غير أنها تتشاكل مع غيرها في نسق دلالي واحد؛ فالحقل الأول تتشاكل مفرداته في الدلالة على معنى(العبودية)؛ بينما تتشاكل مفردات الحقل الثاني في الدلالة على معنى (الحرية), وبهذا يغدو اليمين رمزاً للعبودية, واليسار رمزاً للحرية. وبما أن الشرق -كما هو اليسار- يمثل الحرية؛ فأن اليسار يمثل الشرق, واليمين يمثل الغرب...., وهذا يحمل كثير من الإشارات...السياسية والايدلوجية.....إلخ

= دلالة الألوان:

تنبع أهمية الألوان من كونها تؤدي دوراً أساسياً في التواصل بين الأفراد..., غير أن لكل لون دلالات متعددة تختلف باختلاف الثقافات والحضارات, أي أن هذه الدلالات غالبا ما تتحدد بالانتماءات الثقافية والمرجعيات الحضارية. وهناك الكثير من الدراسات التي تناولت دلالات العنوان, لا يتسع المجال لذكرها.

وبالعودة إلى الغلاف الأمامي, للرواية التي بين أيدينا, المكون من عدة ألوان؛ نلاحظ أن ثمة هيمنة لأربعة ألوان, هي (الأبيض, الأزرق, الأخضر, البنفسجي), وحسب مساحة الحضور, فالثلاثة الأولى تشغل جل أجزاء مساحة الواجهة, وقد جاءت بشكل متناسق, ومساحات شبه متقاربة, وعلى نحو مرتب, أما الرابع يأتي بعدها وتحتها مساحةً وموقعاً, وبعده تأتي الأقل حضوراً وهي (الأحمر, الأسود, الأصفر).

وكما أن الدلالات المتعددة للون الواحد تختلف من أمة إلى أمة, ومن حضارة إلى أخرى؛ فأنها تختلف في من قارئ إلى آخر داخل الحضارة الواحدة, ذلك باختلاف السياق الذي يرد فيه اللون, مثلاً: فـ(الأبيض) أو(الأسود) لكل منهما دلالة معينة في منظومتنا الثقافية والاجتماعية...؛ فالأول يدل على السلام والسلم والحرية, وهو كما في (لسان العرب) لون محمود يرمز إلى الصلاح..., غير أنه في سياق الحرب يدل على الاستسلام والهزيمة..., والثاني يدل على الحزن واليأس والظلام, لكنه في سياق الغلاف الذي بين أيدينا جاء لغرض لفت انتباه القارئ, والتأكيد على دلالة البياض...

وما يهمنا من دلالات الألوان هو ما يعزز سيرنا نحو الهدف الذي نسعى إليه, ولهذا سنتناول الألوان التي جاءت في الصورة الفتوغرافية, بوصفها ترمز للحياة وللوطن, أو (حياة الوطن), وذلك على النحو الآتي:

   =الأبيض= السلام, الحرية, الحب, الطهر, الهدى, النقاء, الصفاء, الفطرة, الجمال..

=الأزرق= الجمال, الصفاء, النقاء, الحرية, الحب, الارتقاء...

=الأخضر= الخصب, العطاء, البذل, الحب, الحرية, الاستقرار, البناء...

=الأحمر= الحب, الفداء, الشهادة, الحرية...

=الأصفر= النور, الضياء, الإشراق, الانطلاق, الحرية...

على أن هذه الدلالات, حملتها الألوان المذكورة, بمجيئها في سياق الصورة ..., وبما أن الصورة رمز للحياة, كما هي للوطن؛ فهذه الدلالات تغدو صفات لهما, وأيّ حياة بهذه الصفات؛ هي حياة مثالية, وأي وطن تكون هذه حياته يغدو وطناً مثالي..

ونعني بكلمة وطن( أرض, شعب, نظام)=(مساحة, قاعدة, قمة الهرم), وهذا يمثل كما في الصورة( الحقل, النبات, الجبال).

(الحقل) يمثل أرض الوطن, وموقعه..

(النبات, أو الشجر) يمثل الشعب, وهو مصدر العطاء, والنماء, والبذل, والبناء...

(الجبال) تمثل النظام, وهو لحفظ الأمن والاستقرار, بوصفهما من الركائز الأساسية لبناء الدول والحضارات.

غير أن قمم الجبال ,كما تبدو في الصورة, جرداء خالية من الاخضرار, الذي يرمز للعطاء,...,بما يعني أن قمة الهرم المتمثلة بـ(السياسة..) تفتقد إلى القيادة التي تمتلك الموهبة, والمعرفة, والإرادة, والقدرة...., وغيرها من العوامل والأسباب, التي تدفع بشعوب الأمة نحو النهوض والارتقاء.

وبما أن اللون الأغبر يدل على الجدب والقحط, والحزن والشقاء..., فأن حضوره على قمم الجبال بمساحة أكثر منها على الوادي, يدل على أن الشقاء الذي حل على شعوب الأمة يأتي من قمة الهرم, وأن تلك القيادات البائسة هي مصدر ذلك الشقاء...و هذا ما يؤكده واقع اليوم.

وبعد هذه القراءة البصرية الوجيزة-(الصورة, الشكل, الألوان)- التي تبقى محاولات تأويلية أكثر منها تفسيرات يقينية؛ سننتقل إلى قراءة العنوان, وذلك بما لدينا من افتراضات, وما رصدناه من دلالات.

=قراءة العنوان:

 يُحظى العنوان بأهمية كبيرة في الدراسات النقدية الحديثة بوصفه من أهم العتبات في دراسة العمل الأدبي. فـ"العنوان نظام سيميائي ذو أبعاد دلالية ورمزية وأيقونية" كما في كتاب( سيمياء العنوان, بسام قطوس), الذي تحدث عن تأسيس العنوان, وذكر نوعين من العنونة: أحدهما في الشعر, والآخر في السرد...مدعماً ذلك بالدراسة التطبيقية. ويُعد-كما في(سيميوطيقا العنوان, جميل حمداوي)- من "أهم العتبات النصية المحيطة بالنص الرئيس, حيث يساهم في توضيح دلالات النص, واستكشاف معانية الظاهرة والخفية.." , كما تحدث الكتاب عن العنوان: أهميته, أنواعه, كيفية مقاربته..., معززاً ذلك بالدراسة التطبيقة. وهناك الكثير من الأبحاث الدراسات التي تناولت العنوان, لا يتسع المجال لذكرها.

ولا شك أن أيّ عنوان لأيّ عمل أدبي إبداعي حديث يعد جزء من الكتابة الفنية, فيستغرق جهداً كبيراً, ووقتاً واسعاً من التأمل والتدبر, لما له من الأهمية على جميع المستويات(الإعلامي, والتفكيري, والجمالي..)؛ فهو" مجمع النص, وملخصه" وبينهما علاقات جدلية وانعكاسية, أو تعينية,أو إيحائية, أو كلية أو جزئية. وأهمية العنوان بالنسبة للمؤلف والمتلقي على حدٍ سواء.

وفي مقاربة أيّ عنوان لابد م الاعتماد على المرتكزات المنهجية, المتمثلة بأربع خطوات أساسية هي(البنية, الدلالة, الوظيفة, القراءة السياقية), وعلى ضوء هذه الخطوات ستسير قراءة العنوان الذي بين أيدينا, كما في الآتي:

= البنية: وفي هذه الخطوة ستكون القراءة عبر عدة مستويات وبشكل تصاعدي من الأصغر إلى الأكبر, وذلك:

-صوتياً: يتكون عنوان رواية (حقل الفؤاد) من عدة أصوات مجهورة ومهموسة, متكافئة في مساحة الحضور, وهذا التكافؤ يشير إلى التدافع بين الأمل, والألم, وبين اليأس والتفاؤل.., غير أن غلبت الترقيق على التفخيم والانفجار يدل على تدفق الحنين والاشتياق.

-صرفياً: يأتي لفظ(حقل) على وزن (فعل), و(الفؤاد) على وزن(الفعال), وبهذا يكون لدينا صيغتان(فعل, فعال), غير أن كليهما ينتمي إلى أصل واحد(فعل). ومجيئ الأول بالصيغة المجردة, التي تشبه الأصل يشكل علامة إيحائية تدل على أن الأول هو الأصل والمنبع للثاني, بما يجعل من الحقل أصلاً ومنبعاً ومسكناً...للفؤاد.

-تركيبياً: يتكون العنوان من اسمين مفردين بشكل(مضاف ومضاف إليه), بما يمثل جملة محذوف أصلها؛ فـ(حقل) مبتدأ لخبر محذوف تقديره(هذا حقل الفؤاد), وهو مضاف و(الفؤاد) مضاف إليه لفائدة النسبة, وبهذا فجملة العنوان تتكون من: مكون اسمي(حقل, فؤاد), ومكون إضافي(مضاف ومضاف إليه)(حقل الفؤاد), ومن: محذوف(مبتدأ)(هذا), ومذكور(خبر)(حقل). وهذه الجملة تحيل المتلقي إلى السؤال: من هو هذا...؟ أو من هو حقل الفؤاد؟, وفي الصفحة الأولى من الرواية يأتي الجواب بأنها قرية البؤس والضنك...

وقد يكون العنوان مبتدأ والنص الروائي خبر أو أخبار متعددة..؛ بمعنى أن العنوان يغدو اختزالاً واختصاراً للنص الروائي بمساحة الشاسعة, كما تغدو القرية اختزالاً واختصاراً للوطن بمساحاته المختلفة؛ أيّ أنها عنوان الوطن.

= الدلالة: تعني كلمة (حقل) في اللغة: كل قطعة أرض قابلة للحرث والزرع, وهذا المعنى الواسع يجمع كل المتباينات, ويجعل من الحقل موطناً قابلاً لكل ما يُزرع فيه(الشوك× العنب), ( الورد× الألغام),( الخبيث× الطيب), (الحب× الكره), (الوفاء× الخيانة), (الحرية× العبودية).....إلخ

وقد جاء لفظ(الفؤاد) بمعنين: (القلب, العقل)؛ فالأول يمثل موطن الأسرار والأهواء..., والثاني مركزاً للتأمل والتفكر والتدبر..., وهذه الدلالات المتباينة تجعل من العنوان بطاقة تعريفية لعالم الرواية وما يحتويه من قيم متباينة, تشكل ثنائية ضدية بين(الحياة× اللاحياة), وبين (الوطن× واللاوطن). فـ( الحياة=الوطن)=(الحرية, العدل, المساواة), و( اللاحياة= اللاوطن)= (العبودية, الظلم, الاحتلال)

= الوطيفة: يتميز العنوان الذي بين أيدينا بما يمتلك من الشاعرية والانزياح المجازي, والرمزية, ما يجعله يمتد على مساحة واسعة من الخارج إلى الداخل؛ ليجمع بين(الظاهر× المختفي) في قالب صوتي واحد, يغلب الترقيق على جل أصواته, فيتدفق رقة وعذوبة رومانسية مغرية تأخذ المتلقي إليها, غير أنه يحمل تأويلاً مغايراً...وبهذا تتجلى الوظيفة الإغرائية, والتأثيرية, والتأويلية ...لهذا العنوان

= السياق: وهو المكان أو الموقع الذي ورد فيه العنوان, وهو على نوعين(خارجي, داخلي)؛ فالأول يتمثل في الغلاف الأمامي؛ حيث جاء العنوان ملتصقاً بصورة فتوغرافية, يتقاطع فيها المرجع الحقيقي مع المجاز, فالجزء الأول من العنوان(حقل) والصورة يمثلان المرجع, أيّ أن الوادي الذي في الصورة يقع في جبل جحاف محافظة الضالع, ويُسمى (وادي الحقل), ويتمثل المجاز في الجزء الثاني من العنوان(الفؤاد), وبما طرئ على الصورة من تنسيق وإضافة, وما حملته من أبعاد. وفي السياق الداخلي ورد العنوان مرتبطاً باسم قرية تعاني حياة البؤس الضنك...نتاج عدة أسباب , من أبرزها التسلط والاستبداد بنوعيه: الداخلي الذي يتمثل بعشاق السلطة, المنبطحين لأصحاب النوع الخارجي المتمثل بقوى الاحتلال والدمار الغربي....وقد أخذت الرواية تمضي في بنيتها الحكائية من المساحة الصغيرة(القرية) أو (الوطن الصغير) إلى المساحة الأكثر اتساعاً (الوطن الكبير), مع تمطيط معنى العنوان الذي يدل على الوطن بكل مساحاته المختلفة, وهذه المساحات قد تزيد أو تنقص حسب التعصب للانتماء؛ فالقطري أقل مساحة من القومي, الأقل مساحة من العقائدي, الأقل مساحة من الذي ينتمي للبشرية جمعاء, وليس العيب في الانتماء؛ وإنما العيب في التعصب الذي ينافي فطرة الله التي فطر عليها البشر.

 وبهذه القراءة السريعة نكون قد حصلنا على الكثير من النتائج, والتي من أبرزها:

أن الغلاف الأمامي بما فيه من علامات من أهم العتبات في دراسة العمل الأدبي.

أن العلامات البصرية لا تقل أهمية عن العلامات اللسانية.

أن عنوان رواية حقل الفؤاد يدل على براعة الكاتب, ودقته في الاختيار, فضلاً عن أن الصورة جاءت كدليل آخر يؤكد على هذه البراعة, التي تنم عن الموهبة المتميزة, والحس الأدبي, والثقافة الواسعة التي يمتلكها الكتب. كما أن تنسيق الصورة يدل على براعة المصمم .

 

الباحث / معاذ غالب الجحافي

telegram
المزيد في ثقافة و فنون
منحت جامعة عدن، نيابة الدراسات العليا والبحث العلمي بكلية الآداب قسم علم الإجتماع، شهادة الدكتوراة بدرجة امتياز للباحثة ألطاف ناجي سعيد الأهدل بعد المناقشة
المزيد ...
شهد معرض القاهرة الدولي للكاتب في دورته الـ54، اليوم، صدور كتاب للصحافي الحقوقي اليمني، همدان العليي، بعنوان "الجريمة المُركّبة.. أصول التجويع العنصري في اليمن" عن
المزيد ...
  كلمات/عصام خليدي أنت الصبا في طلعتك * زي الغزال يخطر بــــــــــفن        همسك نغم احلى كلام * من مبسمك أعذب شجن        رمشك أسرني والعيون * في
المزيد ...
    برزت النساء اليمنيات في الواجهة، ولم تقيدهن عثرات الحرب وويلات الصراع المستمر منذ ما يقارب الست سنوات، فهي الحاضر في كل الظروف، عملت في مجالات عدة، نشطت
المزيد ...
  منحت جامعة عدن اليوم الاحد الباحث عمرو محسن يحيى درجة الماجستير بامتياز عن رسالته الموسومه فلسفة الحكم في الدولة الاسلامية من قسم الفلسفة بكلية الاداب
المزيد ...
    منحت كلية التربية بصبر قسم علم النفس اليوم الباحث وحيد فضل عبده الحوشبي درجة الماجستير بإمتياز على دراسته البحثية لنيل الماجستير والتي حملت أسم (الإحتراق
المزيد ...

شاركنا بتعليقك

شروط التعليقات
- جميع التعليقات تخضع للتدقيق.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها







علوم و تكنولوجيا
  يسعى تطبيق "واتساب" إلى طرح ميزة مشاركة الشاشة، والتي ستعرض وستسجل محتويات شاشة المستخدم مع أي شخص موجود
    كشف المهندس اليمني المتخصص في علوم الانترنت فهمي الباحث ان خدمة ستار لينك للنت الفضائي ستبدا العمل في
    حذر رجل الأعمال الأمريكي ومالك موقع تويتر، إيلون ماسك، من تطبيق واتساب للمحادثة، وقال إنه غير
      تعتبر بيانات الهاتف الجوال في اليمن الأغلى على مستوى العالم،  وسط  مطالبات بضرورة إيجاد
  أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نقلا عن شكاو مجهولة لموظفين، باندلاع أزمة "روحية معنوية " في شركة
    انتقد موظفون في شركة جوجل ما قالوا إنه استعجال شركتهم في الكشف عن روبوت الدردشة الذكي الخاص بها (بارد)
  أطلقت شركة شاومي هاتف Xiaomi Civi 2 بمواصفات منافسةوسنتحدث عن مواصفاته في الأسطر التالية   -يدعم الهاتف
  تتحضر شركة Razer لإطلاق حاسبها الجديد من فئة Blade ليكون أحد أفضل الحواسب المحمولة من حيث الأداء
اتبعنا على فيسبوك