أيام معدودات
أيا رمضان.. انشر نورك في الأرجاء، بدّد ظلمات الأهواء، أقتل فينا بذر الشر، وأغرس فينا حب الخير، أشفِ القلبَ من الأهواء، فقد تاقت قلوبنا إلى السجدات، وتعلقت نفوسنا بالنفحات، فهو شهر الحبّ والخير والإحسان وشهر النجاة والمغفرة والعتق من النيران، فيه تلينُ القلوب، وتُسعدُ الأفئدة، وتصفد الشياطين..
إنه رمضان طبيبٌ رفيق، يحملُ إلينا الدواء فكيف نردّه خائباً وقد جاءنا هادياً؟ وكيف لا نحسن العمل فيه وبين يديه أسبابُ شفاءنا؟
فكما قال الشيخ الطنطاوي: "رمضان نورٌ عَلى المآذنِ، ونورٌ فِي القلوبِ، وإن كانتِ الحَياةُ تنازعًا عَلى الحياةِ فهذا الشَّهر إدراكٌ لسرِّ الحَياة، وإن كانَ العمرُ كلّه للجِسمِ، فَهذا الشَّهر للرُّوح.. رمضان مَحطة وقُود إن لَم تُحسن التَّعبئة جيدًا فقَد فاتك الخَير الكثِير الذي سَوف تَراه بَقية الشُّهور.. فهو فرصة عظيمة قد خصه الله من بين سائر الشهور ولا يأتي إلا مرة واحدة في العام، فرمضان بين أحد عشر شهراً كيوسفَ بين أحد عشر كوكباً فلا تقتلوه، ولا تلقوه في الجبِّ، ولا تبيعوه بثمنٍ بخس، بل أكرموا مثواه عسى أن ينفعنا".
فمن الناس من يعتبر مجيء هذا الشهر عبئاً ثقيلاً عليه يتمنى زواله، ولا يرى فيه إلا الحرمان، هؤلاء دخل عليهم رمضان ورحل دون ان يترك فيهم أي أثر.. ومنهم من استشعر قيمته فشمّر ساعديه وجدّ واجتهد وأعتبر رمضان فرصة نادرة لإحياء القلب وإيقاظه من رقدته، واشعال فتيل الهوى وجذوة الإيمان فيه...
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كُتبَ عليكمُ الصيامُ كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). فكن ممن استشعر قيمة رمضان وسعى بكل قوة وبذل جهده ليكتب من الفالحين الذين تقبل الله اعمالهم وزادهم رفعة وحباً فطوبى لهم وحسنُ مئاب.
واجعل من رمضانك هذا بداية الانطلاقة، اعقد العزم، وابدأ الآن فالسباق يشتد وتزود وأحرِص ألا يمضي رمضان إلا وهناك شيءٌ ما قد تهذب في نفسك ولو مثقال ذره..
استغل كل الفُرص التي قد تقربكَ للرحمن ولو شبرًا، وتكون ممن يأتيه الله هرولة، فقليلٌ دائم خيرًا من كثيرٍ منقطع، وتذكر أن المهمّ ليس رمضان نفسه فقط، بل ما بعد رمضان، فرمضانُك هذا، هو صورتك التي تمنّيت، وطريقك الذي بدأت، وفكرك الذي رسمت، وحُلمُك الذي رأيت فلا تظلمنَّ فيه نفسك وخُذ الكتاب بقوّة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها