أبعاد وتأثيرات فيروس كورونا !!
نستهجن الفكر الذي ينتحل صفة رب العالمين، ويفسر أحداث "كورونا" في الصين على أنها عقاباً ربانياً - هذا الفكر المتأسلم أقرب ما يكون إلى التسلية الذهنية والشعوذة الفكرية والأحقاد السطحية: لهؤلاء نقول كيف تفسروا إنتشار الاوبئة في معظم الدول الافريقية والعربية ومن ضمنها بلادنا "اليمن" التي تستضيف في كل موسم وباءا جديداً يفتك بآلاف الأبرياء!!.
فيروسات كورونا هي مجموعة واسعة من الفيروسات تتسبب بعضها في إعتلالات مختلفة للإنسان، تتراوح ما بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة. كما أن الفيروسات من هذه الزمرة تتسبب في عدد من من الأمراض الحيوانية.
فيروس كورونا الجديد يحمل الاسم العلميNcov-2019 (Noval coronal virus) وينتمي إلى عائلة Beta corona virus وهو نوع أقتبس جزءا كبيراً من جيناته من الخفافيش (وهذا يدل على ان دورة حياتة الاساسية كانت في الخفافيش: فيما دراسة أخرى تقول أن نوع من أنواع الافاعي هو المسؤول عن نقل العدوى بهذا الفيروس إلى الإنسان) هذه الفيروسات ذات غلاف خارجي وحمض نووي رايبوزي موجب.
ولنفس الفئة ينتمي فيروس سارس SARS الذي ظهر في 2004; وفي نفس الفصيلة ولكن في فئة أخرى ينتمي فيروس الميرز MERS الذي ظهر في السعودية في العام 2012.
حيث سجلت التقارير الأولية لبدء انتشاره في منتصف شهر ديسمبر من عام 2019، وما زالت الحالات المسجلة بالإصابة به في ارتفاع متسارع مع بدء عام 2020، وقد وصل مجموع الإصابات المؤكدة بالفيروس الجديد إلى ما يقارب سبعة آلاف حالة مصابة ، وحالات أخرى مشتبه بإصابتها بالفيروس، وتسبب بوفاة ما يقارب 170 فرداً حتى الآن ... وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية المنشور في 30 من شهر يناير 2020، وقد أعلنت السلطات الصينية أنّ حالات الإصابة الأولى بالفيروس الجديد تعود في نشأتها إلى مدينة ووهان الصينية.
فيروس كورونا هو نوع جديد من الفيروسات المتحورة التي تصيب الجهاز التنفسي؛ حيث أنتشر في الاونة الاخيرة في العديد من المدن الصينية وظهر في بعض البلدان المجاورة ومناطقة الشرق الأوسط ووصل إلى بعض البلدان الإوربية والأمريكية.
في لحظة إنعطاف تحول فيها الفيروس، إعلاميا، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى "حالة وبائية إعلامية" متسارعة هذه الوسائل التي أصبحنا معها لا نشاهد الواقع إلا من خلالها... في كثر من مجريات الاحداث اليومية.
ومنذُ ظهور هذا الفيروس بذلت السلطات الصينية جهود كبيرة للسيطرة وضمان عدم إنتشار الفيروس من خلال إجراءات صارمة قضت بحجر المصابين وتقديم الرعاية الكاملة لهم وأوصت المواطنين بتجنب الزحام والبقاء في حالة حجر صحي منزلي وعدم الخروج إلا للضرورة مع إرتداء غطاء للوجة والحفاظ على النظافة الشخصية والصحة العامة على مدار اليوم ...أمور من شأنها قللت ومنعت إنتشار كورونا بشكل كبير ... ليس هذا فحسب بل أظهرت السلطات قدراتها العملية، في إدارة الأزمة الفيروسية وتشيد مستشفى في غضون أيام.
أثناء الإصابة يهاجمُ هذا الفيروس الجهاز التنفسي للإنسان المصاب بشكل رئيسي، ويسبب التهاباتٍ شديدةً في الجهاز التنفسي تعتمد على مناعة المصاب ومدى انتشار الفيروس، يمكن أن يصيب هذا الفيروس مختلف الأعمار، وينتقلُ عن طريق الإفرازات التنفسيّة والاختلاط المباشر بالمرضى، وينتقلُ أيضاً عن طريقِ جزيئات الهواء الدقيقة والرذاذ ليدخلَ إلى الجهاز التنفسيّ.
تظهر على المصابين بعض الأعراض الأوليّة المشابهة لأعراض الإنفلونزا، مثل: السعال، وارتفاع درجة الحرارة، وضيق التنفس والعطاس وسيلان الأنف، ومن الممكن أيضاً أن تسبّب بعض الأعراض الأكثر خطورة في حال نزول العدوى إلى المجاري التنفسية السفليّة، مثل: التهاب رئويّ حادّ يؤدي إلى إتلاف الحويصلاتِ الرئويّة، مسبباً خروج الدم أثناء السعال وتورّم النسيج الرئويّ مُحدثاً تلفاً كبيراً فيها، وقد يُسبّبُ هذا الفيروس الفشل الرئويّ، فيمنع هذا الفيروس الأكسجين من الوصول إلى الدّم، وبالتالي نقص حادّ في تزويد الخلايا بالأكسجين ممّا يؤثر في وظائف الجسم المختلفة، وبالتالي يؤدّي ذلك إلى حدوث الوفاة، إضافة إلى ذلك فقد يتسبّبُ ببعض الأعراض الأخرى خارجَ الجهاز التنفسيّ مثل التقيّؤ والإسهال مؤديّاً إلى الجفاف.
ينتشر فيروس كورونا بشكل سريع ويكون أكثر فتك بالفئات الضعيفة في المجتمع وذلك لسهولة اختراقها نظراً لضعف المناعة ومنهم اصحاب الامراض المزمنة في الكبد و الكلى و الرئة و القلب والاطفال و ذوي المناعة المنخفضة وكذلك الذين يعانون من حساسية في الجهاز التنفسي – ويكون أقل خطورة عند آؤلاك الذين لا يعانون أي مشاكل مناعية أو أمراض مزمنة.
الوقاية من فيروس كورونا الجديد لا يوجدُ لقاح ضدَّ هذا الفيروس حتى الآن، ولكن هناك بعض الطرق للوقاية والحد من إنتشاره ومنها: عزل المصاب بالمرض ووضعه تحت الإشراف والعناية الطبيّة؛ غسل اليديْن جيّداً، تجنّب الازدحام، واستخدام الكمامات لمنع انتقال العدوى والاهتمام بالنّظافة بشكلٍ عامّ. وحتى الآن لا توجد أي علاجات متاحة لعلاج فيروس كورونا الجديد، فقط يتم معالجة بعض الاعراض للتخفيف منها.
وإذا ما عرجنا إلى أصحاب نظريات المؤامرة بمختلف أبعادها - أن الفيروس ممكن أن يكون ناتج عن تسريب معامل ومختبرات فيروسية ... أستبعد البعض هذه النظرية كون الفيروس موجود فعلاً ومتعايش مع الحيوانات.. أما الاحتمال الذي يتعلق بحيلة الشركات الدوائية العالمية كي تجني أرباح وراء بيع الامصال او الادوية هذا الاحتمال ايضاً يبقى ضعيف لان اي شركة دوائية تبحث عن لقاح او دواء جديد تحتاج على الاقل ل عشر سنوات من الابحاث والتجارب والمراحل المختلفة حتى يصبح الدواء صالح للاستعمال وبتكلفة قد تبلغ ملاين الدولارات وبالتالي لا الوقت يسعفهم لتحضير المصل ولا الحالات قادرة على استهلاك دائم للمنتج الدوائي لان عمر الوباء قصير وسينتهي وبطبيعة الشركات الدوائية تبحث عن أدوية لامراض مزمنة تكسبها مستهلك دائم وبأعداد كبيرة مثل أمراض الضغط والسكر ومشاكل العضلات والعظام وإعتلال الأعصاب.
ويبقى السؤال الاهم؛ هل نحن اليوم نعيش حرباً بيولوجية ذات مطامع إقتصادية وبطابع سياسي وسيادي في هذا العالم ؟! ... وحدها مراكز الأبحاث والمخابرات العالمية من تستطيع أن تفسر او تضحد هذه التنبؤات !!.
وختاما كورونا ليس آخر الفيروسات وليس أخطرها، والبشرية مرت بأسواء من ذلك و في ظروف علمية و طبية متواضعة وغير متقدمة .. كورونا وباء إعلامي أكثر مما هو وباء معدي قاتل ... ومن الان وبعد أسابيع أو أشهر قليلة، سوف يُطوى الملف إعلاميا وإلكترونيّا، ويدفن في المنسيات، ليستعد العقل الافتراضي لوباء جديد، و"لدورة وبائية إعلامية" جديدة.
عبده الحسني
باحث دكتوراه في علم الأدوية
جامعة نانجين الطبية - الصين
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها