هادي يحكم بعقلية صالح
لا زال الوضع اليمني الداخلي معقدا على مختلف الأصعدة ، السياسية والأمنية والاقتصادية ، ولا زال الرئيس السابق يتصدر المشهد السياسي والأمني بقوة في ظل ضبابية الرئيس المنتخب والشرعي عبد ربه منصور هادي ، الذي لم نشعر انه حاكما مستقلا عن الرئيس السابق ، فكل المخرجات التي يصدرها هادي سواء كانت قرارات أو توجيهات أو إدارة ، واليمن الذي تحرر من النظام السابق وخلع رئيسه وكثير من أركان عائلته لم يكتب له النجاح بتحرير القرار والإرادة السياسية المتمثلة في الرئيس كشخص ومؤسسة ، وينطبق على هذا الوضع القائم الحكمة الشعبية " ديمة خلفنا بابها " مع إصرار من الرئيس هادي على مواصلة الأسلوب والطريقة التي كانت تحكم اليمن من خلال فردية الرئيس السابق صالح وبنفس الأدوات والأشخاص ، فالكل فهم طبيعة المرحلة التي جاءت بها ثورة التغيير بما فيهم الرئيس السابق نفسه الذي تأقلم مع المرحلة الحالية ويعمل بأدوات وأساليب تتماشى معها وان كانت وسائلها قذرة ، فالرئيس السابق وعد بالوقوف أمام أي تغيير وسيعمل على عرقلة الحكومة بكل الوسائل ، فهو يمارس كل الأعمال التي يقوم بها وفاءا للوعد الذي قطعه على نفسه ،
الأعمال التي يقوم بها الرئيس السابق واضحة للرئيس هادي أكثر من وضوحها للعامة ، هو يدرك من وراء قطع الكهرباء والنفط والطرقات ، واستحداث مشاكل أمنية على مستوى الوطن كله ، ويعرف الرئيس هادي ان الهدف من وراء هذه الأعمال هو عرقلة فترة حكمه فهو المقصود بالدرجة الأولى من هذه الأعمال ، وكأن الرئيس السابق قطع على نفسه عهدا وهو كذلك ان لا يكون لعهد هادي أي نوع من الاستقرار ، وان فترة حكمه ستكون الأسوأ خلال تاريخ اليمن الحديث .
إذا كانت هذه هي أعمال الرئيس السابق ومعروفة زمانا ومكانا وأشخاصا للرئيس هادي ، ونحن نرى غياب لأي حل وسكوت ممنهج ، فما لذي يجعل هادي يتعامل مع هذه القضايا ببرودة أعصاب ، ويعرف هادي أن توجيهاته لا تلقى قبولا إلا من نصف الحكومة وثلث الجيش وربع المحافظين وسلطته المسلوبة لا تستطيع ان تجبر مدير امن في مديرية على الامتثال بقرار تغييره فكثير من مدراء الأمن وبعض المحافظين وبعض قادة الكتائب في بعض الألوية العسكرية التي تخضع لسلطة العائلة
كما ان الرئيس السابق وأعوانه يتعالون على الاعتراف بهادي حاكما ويعتبروه وصيا على الكرسي الى حين من الزمن ، فالجهاز الإعلامي للرئيس السابق يعمل ضد هادي شخصيا ويحرض عليه ويدعوا للتمرد عليه بصورة علنية ، وهذا يعني ان هادي يتعامل مع هذا الوضع كواقع وعليه القبول به ويعتبر ان مهمته في الحكم مؤقتة ودوره محصور في شغر المكان لكي لا يجلس عليه شخص غير مرضي عنه من الرئيس السابق
قرارات "الفنية " تمكين البلاطجة وتهميش الثوار
القرارات التي صدرت ليل الأحد 14 يوليو التي قضت بتشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني جاءت مخيبة للآمال ولتطلعات الشباب في يمن جديد فهي جاءت مصبوغة بالعقلية القديمة التي كان الرئيس السابق يتعامل بها ، فقد ركزت على فئات دون أخرى فالمؤتمر والحوثي أخذا نصيب الأسد وباقي المكونات لم يرتقي قوام تمثيلها الى واقعها مع غياب مكونات هامة عن اللجنة بشكل نهائي وكان للبلاطجة وحزبهم اكبر نصيب وتهميش متعمد ومقصود للثوار والثورة .
وكان الأمر عبارة عن خلط أكثر منه مهنية وفنية ، فالمكونات الفعالة لم تمثل بشكل جيد والحراك الجنوبي الذي تحتل قضيته أولوية في الحوار ارتكز تمثيل الحراك والجنوبيين على شخصيات من " الزمرة " وهو الفصيل الذي ينتمي اليه الرئيس هادي ، ولكن لا أريد ان استبق الإحداث واستنبط الأحكام جزافا على عملها لأنها – اللجنة الفنية – خطوة على الطريق الصحيح مع تخوفنا من التعامل مع القضايا الهامة بعقلية قديمة حطمناها بواسطة ثورة شعبية شبابية عارمة .
وما يبدو عليه الحال الى الآن في تعامل الرئيس هادي مع الثورة وشبابها وكياناتها هو معاملة لا تقل عن سلفه ، فالثورة كأنها تسبب للرئيس هادي حرجا ويتناسى ان الثورة – وحدها – هي التي صعدت به الى هذا الموقع ، فالثورة الآن تمر في مرحلة الاغتصاب والتهميش وعلى يد هادي ، وهذه أجندة من أجندات الرئيس السابق ، لكن لا يجب ان يتعامل مع الثورة وشبابها بهذه العقلية وبمنهج سابق !! الثورة يجب ان يؤمن بها جميع من جاءت بهم الى هذه المواقع ... وللحديث بقية