مرحبا بكم في مهبط الوحي
اللحظات التي انطلقت فيها عاصفة الحزم كانت عصيبة جدا على الحوثيين.
خلال ساعات تم السيطرة على أجواء اليمن. تحالف عربي من عشر دول قادته السعودية كان يشبه إلى حد ما التحالف الذي جناه صدام حسين على بلاده بغزوه الغاشم للكويت.
كانت عناصر المليشيا والمناصرين لها يرددون بأنه لن يمر أسبوع إلا وهم في عقر دار العاصمة السعودية الرياض.
كم كانوا مثيرين للسخرية والاستفزاز. أما اليوم بعد خمس سنوات من الحرب. لن نسخر منهم. يكفي أن نعلم بأن مئات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة وصلت إلى عمق الأراضي السعودية.
عصب الطاقة العالمية وهو قطاع النفط أضحى مهددا أيضا. فيما مضى، كان جزء يسير من هذه التهديدات كفيلا ببعث أسرة آل سعود من قبورهم لإثارة تساؤلات فزعة، كيف حدث هذا؟.
لكن نحن الآن في عهد الفتى الطائش محمد بن سلمان. لا استراتيجية واضحة للحرب. لا يأبه للمصير المحتوم الذي يتهدد المملكة.
لاءات كثيرة، ليس من بينها ذرة تعقل أو صحوة ضمير للتعامل مع مصدر التهديدات.
ربما يقرر أخيرا التوقيع على وقف الحرب في اليمن بشكل جزئي في مناطق سيطرة الحوثيين لكي يضمن الهجمات المسيرة على قطاع النفط.
لا شيء مستبعد لأنه ليس ثمة بعد تواطؤ مملكته بتسليم رابع عاصمة عربية إلى إيران أية مفاجآت أخرى.
الاستراتيجية السعودية التي حضرت خلال سنوات الحرب كانت في المناطق الخاضعة شكليا للحكومة الشرعية، إذ قضت عليها تماما لصالح شرعيات الأحزمة الأمنية المناطقية وجماعات العنف والإرهاب.
مقاتلاتها لا تزال ترتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين وجنود وقيادات الجيش الوطني، ثم يأتي من يتسائل لماذا توقفت جبهة نهم والحديدة، ولماذا تأخر الحسم العسكري؟
في تقديري ان عبث التحالف وإطالة أمد الحرب سيخلق أمراء فساد حتما، فلا داعي للحديث آسفا عن ما يجري من فساد في أروقة الشرعية.
أصلا من يتأمل الخذلان والغدر بقيادات وجنود الجيش الوطني والمقاومة يصاب بالدهشة أن ثمة من لا يزال محافظا على عقيدته القتالية.
ما يحدث تدمير ممنهج لكل مناحي الحياة واستغلال بشع لفاقة اليمنيين. من بين ذلك تجنيد شباب معوزين كمرتزقة في جبهة الحدود للدفاع عن السعودية براتب زهيد وبدون أدنى خبرة عسكرية، ثم تركهم فريسة سهلة للحوثيين.
لدى الرياض مناعة وغشامة للتنسيق مع الجيش الوطني، وهي تبدو متناغمة مع التوصيف الإماراتي له باعتباره مجرد مجاميع إرهابية.
وبعد الضربة الغادرة لقوات الجيش على تخوم عدن وأبين، حضرت السعودية إلى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقدم نفسها كمغسلة للجرائم.
تحرق السعودية مراكب حلفائها وتضربهم بدون هوادة، فيما وكلاء إيران في المنطقة يعيشون مرحلة "تسمين" غير عادية، ويحظون برعاية كبيرة من الأم في طهران.
الكل تابع احتفالات الشيعة بمناسبة يوم عاشوراء الماضي، ولاحظ حالة الاهتياج وكمية الدم النافرة من أجسادهم.
كانت تلك الدماء والأصوات المهتاجة تتعهد بالثأر للحسين وتتوعد السعودية كرمز للوهابية التي كانت لها غزوات إلى مراقد الشيعة في النجف وكربلاء وارتكبت مجازر بحقهم في فترات تاريخية سابقة.
ولا نستبعد إذا شاهدنا في المستقبل القريب رايات الشيعة الخضراء في الكعبة المشرفة وعلى مداخل مكة، إلى جانب عبارة "مرحبا بكم في مهبط الوحي"، فسياسة بن سلمان تقود إلى ما هو أسوأ من ذلك.
تكاد هذه السياسة أن تحول الأرض المقدسة إلى بقعة مدنسة بكل الخطايا التي حرص أجداده السابقون على تجنيب المملكة شر الوقوع فيها.
وسياسة حافة الهاوية التي يقودها محمد بن سلمان لا بد أن تقود المملكة إلى المهلكة المحتومة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها