ذكرى الوحدة بين حدثين 94م و2019م
نعم بأي حال عُدت ياعيد ، لعل الرمز المتبقي لهذه المناسبة يخٌتزل في يوم إجازة!
اللافت بل ومن سخرية الأقدار أن للشهور رمزية ودلالات في تاريخ اليمن السياسي الحديث ، فكما ان سبتمبر يعني انبلاج ثورة اليمن ضد الإمامة هو نفسه بعد عقود هو يوم نكسة الأمة لاستعادة الإمامة ودخولها القصر الجمهوري بدبات الحرس الجمهورية نفسه !
كما أن سبتمبر يحمل عناوين المجد والعنفوان وهو نفسه سبتمبر يحمل معاني الانحطاط وبداية مستنقع اليمن في غياهب الكهنوت.
وهو الأمر نفسه شهر مايو فهو الشهر تذكرنا هذه الأيام بعيد الوحدة الرابع 1994م عندما حلت علينا ذكرى 22 مايو وحرب مايو تدور رحاها بغض النظر عن أهدافها وتبعاتها نتحدث هنا عن الحدث من حيث هو مجرد عن اي تحليل خارج قيم هذه المناسبة ، فقد غدا واضحا لكل لبيب بأن تلك الحرب ليس دفاعا عن الوحدة بل كان بدايات وأد الوحدة والأيام أثبتت ذلك !
يعود الزمن بدورته الحزينة فهذه الذكرى تحل اليوم وبعد ربع قرن من تلك الحرب التي أحدثت شرخا لا يندمل في الوحدة لأنها لم تعالج بل زادت في الاستفراد بالسلطة.
وبعد ما يقارب الثلاثة عقود من هذه الوحدة الهشة تأتي أيضاً ذكرى 22 مايو وفي ظروف أكثر تعقيدا وتداخلاً واليمن أكثر ارتهانا للإقليم بحيث غدا اليمن مستباحا لكل من هب ودب.
ولا يقارن وضع اليمن في ذلك التاريخ في حرب 94م بأي حال من الأحوال سوا في تفاصيل المشهد اليمني او التعقيدات الإقليمية والدولية وتداخل أجندات زادت من الأمور ضبابية وغموض بحيث جعلت المراقب والراصد يقف في حيرة من أمره.
لامناص لهذه الأمه المنكوبة بساستها ونخبها الفاسدة إلا بالتوافق على ارضية مشتركة بصورة ديموقراطية نخلص بعضها في النقاط التالية:
طي صفحة الحوثي هو المهر المؤجل للوحدة والاستقرار والسلام المستدام ، وستضل هذه أحلام وتمنيات طوباوية مالم تحصل حالة صحوة شاملة والتفاعل الايجابي مع صيحات متعددة من اوساط الشرعية من الوزراء الذي تنادت دعواتهم بضرورة تصحيح مسار التحالف وبصورة عاجلة بالإسراع في وضع إستراتيجية ولن يتأتى هذا الا بسلسلة خطوات جريئة منها :
•وحدة كل القوى وتوجيه السهام للطرف المتبقي للانقلاب والمسيطر الذي استقوى بضعف الشرعية وخذلان التحالف .
ومن تقتضي المصحلة الوطنية بداهة بإعادة تصحيح علاقة الشرعية بالتحالف على اسس سليمة وكان يفترض هذا قبل اربع سنوات ولكن ان تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي.
* اتخاذ موقف حازم وحاسم مع الحراك الجنوبي دون ان يتوسط احد اطراف التحالف كما حدث في اشتباكات الشرعية مع الحراك قبل عامين.
* بسط فوري وخلال نحو شهر لنفوذ الحكومة على كل المناطق " المحررة" وعودة كل مؤسسات الدولة . وانه لأمر مؤسف حين تتآكل أطرافك يتحول "النصر" إلى شوكة عالقة في قلب الوطن.
* تطهير الشرعية من الفاسدين الذي ينخرها ويشوه بها ويستقوى بهذا الطرف الآخر ويرغم الشعب ان يقف محايدا في احسن الاحوال ان لم ينحاز للحوثي او الحراك الانفصالي.
* ان تقف مهزلة استجداء الحوار معهم فتجربة اربع سنوات وأكثر وقبلها عام من الحوار الوطني انتهت لسقوط صنعاء فكيف سيكون الأمر وقد استولوا على مقدرات الدولة واستفادوا من خذن التحالف.
تجريم الحوثية مسبقا بقرار وبتشريع برلماني لاحقا ، وهو الأمر نفسه السعي عربيا ودوليا لتجريمها أسوة بالمنظمات الإرهابية.
معلوماً بأن التمنيات شئ والواقع شى آخر فلا تتماهي التمنيات والأحلام مع واقعنا المؤسف ، ولكنها صيحة في واد علها تشحذ الذهن والهمم لتوحيد رؤية وطنية شاملة، وكأن يمن الإيمان والحكمة غدا بلا حكمة .. ولا حتى إيمان .. فقد انقسموا " مِللّ ونِحلّ"
شِيعاً وأحزاباً ، وكل حزب بما لديهم فرحون ..انقمسوا بين"جلد الذات"و"عبادة الجلاد، المنتصر فيهم مهزوم ، والمهزوم يتلذذ بالانتقام !.
نكبة اليمن اليوم هي ان الشعب ضحية التنكيل به من قبل الغازي "الوطني" والخارجي ، والهزيمة المعنوية الكبرى الذي تلقاها اليمنيين كانت بسبب ركونهم على التحالف.
لذا فحيرة اليمنيين اليوم هو ان الحرب غدت نمطاً يومياً فلا يرون أملاً في حسم قريب او انفراج سلمي فثمة محاولة لتفخيخ اليمن بكل عناصر اللإستقرار، وجعل الأمل في عودة الحياة السياسية الطبيعية مستحيلاً ، بغرض تهيئة الملعب لنهاية المشهد.
حقيقة ما جرى ويجري ليس بالأمر الهين ، وقائع وأحداث يشيب لها الولدان ، لا يُعقل ان ينتهي بتفاوض وشراكة فغنى عن القول بأن تبعات سقوط صنعاء فتح أبواب جهنم على اليمنيين اقتصادياً واجتماعياً ملايين مشردين وملايين خسروا إعمالهم يعولون ملايين آخرين ، قتلى وجرحى ومختطفين ، زرعوا الأرض بالألغام وتحتاج لسنوات لأزالتها ، سمموا أفكار الجيل وغيروا المناهج وقصفوا المستشفيات والمدارس والمساجد كل هذا متزامنا مع حوثنة كل مفاصل الدولة في الجيش والامن والقضاء والتربية والإعلام وحتى الأوقاف وخطباء المساجد وهذا بحد ذاته يحتاج جيل كاملا لطي ما عملوه خلال اربع سنوات.
قبل ان نصحو يوما ما على وطن مدمر واقتصاد وبنية تحتية متهالكة ونسيج إجتماعي زاد تمزقاً وشخصية يمنية منكسرة ، بعد ان أصبح الجميع يكره الجميع !
ليدرك كل الشعب بأن خراب البنيان اهون من دمار الإنسان .. فالهدم أسهل من البناء سواء في الأعمار او إعادة كرامة الشخصية اليمنية التي تُدمر خلال يوميات الحرب بكل تفاصيلها.
وللصمود الذي تتباهى به السلالة نقول : الصمود من اجل ماذا ؟ كل هذه الحرب اليس من اجل شرعنة الانقلاب .. وهذا لن يتم ، لان اي اتفاق سلام شكلي بضغوط دولية لن يكون سوى على الورق وسيكون بداية لحرب تلد أخرى.
فلا تقتلني وتجوعني وترسم مستقبلي بأسم الظروف ولن تغير هويتي بحجة مقارعة "العدوان"
فاليوم عند الظالمين عدوان الداخل والخارج بألف يوم مما تعدون لمن يقاسي شظف العيش وتمتهن كرامته
* كاتب وسفير في الخارجية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها