المُتزمتُون.. والحوار!!
يُعرّفُ التزمُتْ بأنه التشددُ في الرأي أو السلوك أو الدين بصورة مُبالغ فيها مع تفاخر المتزمت بنفسه وسُخريته من الآخرين .. فالمتزمتُ هو من لا يَخرجُ عن عاداته المألوفة والمتوارثة ويتعصب لها وإن كانت سلبية ، ولنزعات التزمت مخاطر كبيرةٌ على المجتمعات فقد أكد الفيلسوف الشهير ( روجيه جارودي ) أن نزعات التزمت تعدُّ منبعا للعنف والحروب بل قال إنها أحد الأمراض الفتاكة في عصرنا .! ولو نظرنا إلى المشهد السياسي اليمني سنجد أن كثيرا من الساسة وغيرهم مصابين بنزعة التزمت التي خَلقتْ الأزماتِ تلو الأزمات في اليمن على مدى عقود من الزمن ، فمن التزمت أن يرفضَ البعضُ الحوارَ بل يعدُّه تآمرا عليه كما هو الحال لدى بعض فصائل الحراك الجنوبي تلك الفصائل التي وصل الأمر ببعض قياداتها إلى تجريم من يشارك في الحوار من أبناء جلدتهم ،بل نزعت عنهم وطنيتهم واتهمتهم بالخيانة والعمالة وغير ذلك من المصطلحات التي تشي بالتزمت والاستعلاء على الآخرين وتصادر حريتهم وتحجر على آرائهم وعلى ما يؤمنون به شعارها ( نحن على الحق ومن يخالفنا على الباطل )ومجسدة نظرية فرعون ( ما أريكم إلا ما أرى ) بل تتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور و هذا مؤشر يؤكد سلوكيات تزمُّت مُتأصلة في نفوس تلك القيادات كالإقصاء والتهميش والاستبداد المُبكر فيما لو حكمت .
كما أن من التزمت أن يُصرَ البعض على فرض أجندته بالقوة بدعاوي المذهبية أو الطائفية كما هو الحال لدى حركة الحوثي ومن يؤمن بأهدافها المذهبية الضيقة، وكذا التزمت بدعاوي المناطقية والجهوية و الحزبية أوالقبلية وغيرها ،ومن التزمت العودة بالبلاد إلى ثقافة العهد الماضي بكل سلبياته والإصرار على ذلك كما هو حال عناصر النظام السابق التي تضع العراقيل تلو العراقيل لإفشال الحوار من أجل العودة لماضيها السيء وهي عناصر ترى أن الحوار مفروض عليها وضد رغباتها ولذلك لا تريد أن ينجح أبدا ، وإذا كانت نزعات التزمت كما قال جارودي هي منبع العنف والحروب فيجب أن تنتهي هذه النزعات من حياة اليمنيين كي يستقر وضع البلاد ويتجنب اليمنيون ويلات الحروب ودورات الدم ومخاطر الفتن ، ولعل أفضل علاج لصد نزعات التزمت هو إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي يُعول عليه في تأسيس الدولة المدنية الحديثة التي تُحقق المواطنة المتساوية والعدل للجميع دون أي تمييز.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها