بائع الموز "الثائر"
تقريباً كل من سكن الصافية أو أرتاد سوق الصافية، يعرف الرجل العجوز الطيب " أبو خالد" الذي ضل يبيع الموز في عربية صغيرة أمام حديقة الصافية لسنوات طويلة.. ينتمي أبو خالد الى محافطة ريمة المهمشة والمنسية..
في عام ١٩٩٨ تقريباً تخرج إبنه "خالد" الذي أعرفه جيداً ويعرفه الكثير من أصدقائي من الثانوية العامة وكانت "عربية الموز" العائل الوحيد للأسرة كاملة.. بعد عامين من تخرجه، دفع أبو خالد بإبنه الشاب الهادىء الملتزم ذو الأخلاق العالية الى جامعة صنعاء وتم قبوله بعناء في كلية التربية ووالدة العجوز يترقب الأيام والساعات والثواني حتى يتخرج إبنه البِكر ليحصل على وظيفة محترمه وحياة أفضل منه.. كان خالد يدرس في الجامعة الصباح ويأخذ مكان والدة "عربية الموز" عصراً..
مازلت أتذكر خالد وهو يقراء الكتب واقفاً على الرصيف جنب عربيته.. وبعد أربع سنوات ثقيلة وقاسية، تخرج خالد من كلية التربية بإمتياز.. لن أنسى تلك الفرحة في وجه والده العجوز بعد أن عاد مع خالد من حفل تخرجه، كأنه حصل على شيك أبيض لدخول الجنة..!
في عام ٢٠٠٥، ذهب خالد الى وزارة الخدمة المدنية وقدم على وظيفة ووضعوا إسم خالد في قائمة الإنتظار الطويلة، ضن خالد ووالدة إن حياتهم البائسة أنطوت ولن تعود وستاتي وظيفة خالد قريباً.. مرت سته سنوات عجاف وخالد منتظر الوظيفة ولم تأتي.. قال خالد إن بعض زملائه الذين تقدموا معه وبعده وكانوا ميسورين قد توظفوا وتحسنت حياتهم.. دفعوا مبالغ مالية من اربع مية وخمس مية الف رشوه وتوظفوا وخالد منتظر وظيفته أمام عربية الموز ولا يستطيع دفع هذا المبلغ..! لم تشاهدوا خالد سنوات طولية في الرصيف وهو يبيع الموز وصورة ملفه وشهائدة وراء " جنبيته" وحزامه المقطع.!
في ١١ فبراير، تفجرت ثورة الشباب السليمة فأنطلق خالداً الى ساحة التغيير وكان من أوائل الشباب الثائر الذين أنضموا للثورة.. كان خالد يذهب في بداية الأمر خلسه دون علم والدة لخوف والدة عليه.. أيام قليله حتى أمتلئت ساحة التغيير بالآلاف من العاطلين والبؤساء والمهمشين مثل خالد يبحثون عن حياة كريمة ووطن بلا فساد ولا رشوة ولا محسوبيه.. أنظم خالد لثورة فبراير قبل الأحزاب وقبل المتساقطين من سفينة صالح، لم يكن ينتمي خالد لأي حزب.. ثورة فبراير هي ثورة خالد بائع الموز وملايين من أمثال خالد.. لولم يكن في ١١ فبراير إلا خالداً لاصبح من أعظم أيام اليمنيين.. سلام الله على إبن ريمة الثائر خالد وعلى كل شباب فبراير..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها