الأبعاد والمضامين الإنسانية للأديان
تعرض الاسلام لضربات عديدة خلال القرون والعقود والسنوات الماضية بدات بالفتن التي استهدفت تمزيق الدين من داخله الي مذاهب وطوائف وجماعات كل منها يدعي الاحقية والايمان دون غيره الي وصم الاسلام بالعنف والارهاب وتحويله الي دين متوحش يقتل ويسلب ويدمر.. حتى كاد ان يفقد الدين بذلك بعده الانساني العظيم باعتباره دين كوني ودين قيم ومبادئ وسلام..
وهناك ايضا من اراد تحويل الاسلام الي دين عبادات وطقوس فحسب ونزع عنه صفة القيادة والتاثير في ادارة الشأن العام للدول والامم وهذا ناتج عن الحرب القذرة التي يشنها الاعداء عليه وناتج ايضا عن عدم قدرة الانظمة العربية والاسلامية والاحزاب والجماعات من تقديم نماذج ملهمة للناس الا في الحدود الضيقة ومع ذلك تظل محاربة ومستهدفة.
لذا فان الاسلام بما هو دين انساني عظيم هو في امس الحاجة اليوم للتجديد والتطوير من داخله واصلاح وتنقية ما علق به من غبار الخصوم والاعداء والجهلة من اتباعه لتنجلي بذلك الابعاد الانسانية له لتبرز في خطابه التجديدي والحضاري المتسق مع المتغيرات الكونية والعالمية ليبدو الاسلام ذات رسالة انسانية خالدة وعظيمة.
ان الحديث عن الرسالة السماوية الانسانية ليس ترفا او ادعاء مقيت بقدر ما هي قدرة وارادة ربانية تستهدف اظهار الابعاد الانسانية للدين وتدفع كل الشرور التي الصقت به حقدا وجهلا والله يختار من الملائكة والناس رسلا مبشرين ومنذرين متى شاء وكيفما شاء.
العالم كله معرض للاخطار والكوارث والاديان جميعها استهدفت من قبل قوى الشر بالتحريف والتزييف لسلخ قيم الخير عنها وتغذية والصاق مظاهر الشر والباطل بها وابعادها عن مسرح الاحداث او الحياة العامة وعن ادارة شئون الناس واستبدال النص السماوي والوحي الامين بقوانين وضعية للسيطرة على الانسان والعالم والسير بهما الي المجهول.
الابعاد الانسانية والقيم الحضارية في الاديان السماوية هي الناظم والضابط لحركة المجتمعات وخلقنة السياسة والادارة والحفاظ على حياة متوازنة تتسق مع الفطرة وليس المقصود هنا تديين المجتمعات فالتدين حرية شخصية للافراد ولكن الهدف من ذلك توفير الحماية لهم وتأمين مستقبلهم والحفاظ على كوكب الارض من الحروب والكوارث التي يتسبب فيها الانسان.
ان ما نشاهده اليوم من حركات احتجاجية شعبية حول العالم وداخل العالم الذي يقال انه متقدم لهو دليل عن وجود اختلالات داخل منظومة النظم السياسية والاجتماعية تظرب قيم العدالة والمساواة والمواطنة التي لطالما تغنت بها اوروبا وامريكا وغيرهما وهذا ناتج كما يبدو عن غياب او تصحر منظومة القيم الانسانية والاخلاقية التي جاءت بها الاديان فجوبهت بالحرب والرفض ما ادى الي اختلال التوازن في العقد الاجتماعي الناظم والرابط بين الحاكم والمحكوم.
يبدو اننا سنشهد تغييرات بنيوية داخل النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لعديد دول غربية او في المنطقة عن طريق الشعوب التي تنشد العدالة والحرية وهذا ما بدا وكانه حاصلا الان وحركات مثل هذه تاتي في صلب اعادة الاعتبار للقيم الانسانية التي بدورها تستهدف اعادة الاعتبار للانسان.
اذن الله قادر ان يبعث ..ويرسل ..ويكلف ..حينما يشعر ان هناك مخاطر تتهدد حياة البشر.. وبان هناك اختلالات ما بحاجة للتغيير لتنتظم الحياة في امن وامان وسلام ومحبة..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها