ما لم يدركه طارق صالح!!
بغض النظر عن موقف طارق صالح من الانقلاب وتحالفه وعمه مع مليشيا الحوثي التي تبنت ونفذت الانقلاب، فهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد لكننا سنركز في هذه السطور على موقف طارق الذي تحول من حليف للحوثي إلى مناهض له، وتحديدا من الثاني إلى الرابع من ديسمبر من العام الماضي وتصفية الحوثيين لصالح.
لا أحدا يستطيع أن يتخيل حالة طارق النفسية الناجي الوحيد من عائلة صالح وهو يغادر صنعاء متخفيا حتى لا يقع في يد الحليف الغادر والخصم الفاجر الذي إن وقع في يده لن يبقيه على قيد الحياة بعد ثلاثة أيام من الموجهات المرة.. لقد رأى الرجل رجال عمه وحصونه الدفاعية تتساقط أمام عينيه كأوراق الخريف، ورأى كيف أن المعارك قد وصلت إلى أسوار وباحات القصر الذي يتواجد فيه صالح وأن عملية اجتثاث عائلته وكل رجاله تجري في تلك اللحظة بسرعة ولا مجال للصمود في معركة حسمت لصالح الحوثي قبل أن تبدأ، فلم يكن أمامه إلا أن يبحث له عن طوق نجاة ينجو به بنفسه تحت أي صفقة وبأي ثمن فالوقت ليس وقت حساب الربح والخسارة، والرجل لن يخسر أكثر مما خسره خلال ثلاثة أيام وأن نجاته الآن هي الربح الذي لا بد أن يحصل عليه..
لقد كانت مأرب هي وجهة الجنرال الناجي من بطش الحوثي.. مأرب التي احتضنت النواة الأولى للجيش الوطني بقيادة اللواء الشهيد عبدالرب الشدادي لولا تدخل المخرج الذي ساعده على الخروج من صنعاء ليتحول بعدها إلى عدن ليبدأ من هناك تجميع من أمكنه تجميعهم من الموالين لصالح من الجنود والضباط الذي غادروا صنعاء والجبهات التي كانوا يقاتلون فيها إلى جانب الحوثي بعد مقتل صالح والذي أطلق عليهم فيما بعد "حراس الجمهورية"!
كان بإمكان التحالف إستثمار العميد طارق وقواته التي تم تجميعها في معسكر بير أحمد أفضل استثمار تحت مظلة الشرعية التي كان تدخلهم في الحرب في اليمن بناء على طلب منها والضغط عليه للانضمام إليها مع قواته.. ربما كان ذلك سيخفف عنهم كثيرا من الضغط الدولي الذي يعارض عملية تحرير الحديدة لدواعي إنسانية غير أن السبب الحقيقي وراء هذا الضغط المعارض لعملية التحرير هو أن سيطرة الشرعية على الحديدة سيسد على الحوثيين المنفذ الأخير الذي يتنفسون منه ويصلهم عبره الدعم العسكري وأشكال الدعم الأخرى.. كان بإمكان طارق وقواته التخفف من هذا الضغط كون الرجل ينتمي جغرافيا لنفس الهضبة التي ينتمي إليها الحوثي ومذهبيا للمذهب الزيدي الذي يدعي الحوثي إنتماءه له وسياسيا وعسكريا لنظام صالح والحرس الجمهوري الذي كان ولا يزال محل ثقة لدى الدوائر الغربية والأمريكية، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث للأسف!!
لقد تم استثمار العميد طارق صالح في المكان الخطأ، في ابتزاز الشرعية وإضعافها، وأفقده القدرة على التأثير العسكري وإحداث الفارق الذي كان سيحدثه لو كان تم توجيهه في الاتجاه الصحيح في معركة استعادة الدولة وإنهاء الإنقلاب.
ولو أن الأمر ترك لطارق صالح لاختيار المسار الذي يريده منذ اللحظة الأولى التي وصل فيها إلى أول نقطة تفتيش للجيش الوطني لاختار مسار الانضمام للشرعية بقيادة الرئيس هادي لسبب واحد فقط، وهو أن طارق جاء من كيان الدولة وتربى وترعرع تحت سلطتها ولم يأت من مغارة كعبدالملك الحوثي بغض النظر عن أي شيء آخر، كما أنه كان سيقاتل كأي قائد عسكري أو جندي في الجيش الوطني من الموقع الذي ستضعه فيه قيادة الجيش الوطني دون أي تردد لسبب واحد أيضا فقط، هو التنكيل الذي حصل لعائلته وتصفية كبيرها وعدد من أفراد أسرته ورجاله واحتجاز جثته واعتقال بعضهم وتشريد البعض الآخر.
ما بعد "4" ديسمبر ليس كما قبله.. هذا ما كان يجب أن يدركه العميد طارق وأنه لا نصر يكفر عن جريمة المشاركة في الانقلاب ويمحو آثار الهزيمة التي مني بها دون العودة برأس عبدالملك الحوثي وإنهاء الإنقلاب واستعادة الدولة والجمهورية، وأن يعلن للجميع رفضه العمل من خارج الصف الجمهوري بقيادة الرئيس هادي الذي يواجه الكهنوت الحوثي وأنه غير مستعد أن يبقى بندقية للإيجار يستفيد منها الانقلاب.. فإذا كان الحوثي قد استفاد من تحالفهم معه فمن العار أن يستفيد منهم وقد تحولوا إلى خصوم له وأعداء يواجهونه في ميدان المعركة.
إن استمرار بقاء قوات حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق خارج إطار المؤسسة العسكرية للدولة وعدم انضمامها للشرعية والتزامها بالتراتبية القيادية فإنها ستظل قوات ملشاوية وغير نظامية، وإن صارعها مع الحوثي لن يكون أكثر من كونه صراعا داخليا بين جناحي الانقلاب.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها