حرب القبيلي على الدولة محال..!
في مقابلة مع الشيخ عبد الله الأحمر مع مجلة الرجل ، قبل وفاته بسنوات، سألته المجلة عن موقف قبائل حاشد عند مقتل والده ، وشقيقه من قبل الإمام أحمد ، فأجاب : ولا كان منهم شيء..! واستدرك : لكنهم وقفوا معي عندما قامت الثورة ( سبتمبر 1962).. ويمكن أن يفهم من إجابة الشيخ عبد الله أن موقف حاشد عند مقتل زعيمها حسين بن ناصر ، وولده حميد، كان منعدما ، لأن حاشد أدركت بأن لا قبل لها بمواجهة دولة الإمام أحمد، فأذعنت، لكن ذلك لا يعني أنها لم تشعر بالأسى والمهانة على قتل زعيمها وولده .. وعندما قامت ثورة سبتمبر 1962 ، وفهمت حاشد أن دولة صنعاء خلفها، ومن بعدها القاهرة ، هبت حاشد تقاتل جيش الإمام البدر، خلف زعيمها الشاب آنذاك، عبد الله بن حسين الأحمر، وكان موقف حاشد حاسما في نصرة الثورة والجمهورية، ولا يضاهي موقفها، أو يزيد عليه سوى موقف قبائل البيضاء.. وعلى أهمية دور القبائل في حرب الستينات بين الإماميين والجمهوريين ، فما كان له أن يكون حاسما لولا وجود القوات المصرية في سنوات الحرب الخمس الأولى، ، وتوفر قوات عسكرية جمهورية يمنية منظمة، بكم ونوع لا باس به، بعد انسحاب القوات المصرية إثر حرب الأيام الستة 1967..
يتساءل كثيرون الآن، عن موقف قبائل طوق صنعاء ، ويصفونهم بالجبن والخيانة، وما يشبه، وهذا ينم عن ضعف في فهم بنية القبيلة اليمنية وطريقة تعاطيها مع تقلبات الأحداث عبر الزمن، ليس فقط في شمال الشمال، وإنما في كل اليمن..
ولا بد من الإشارة إلى أن التحالف الذي أقامه صالح مع الحوثيين، ضمنيا، على الأقل، قبل اجتياح صنعاء، وصراحة بعد عاصفة الحزم ، أسهم في إرباك كثير من القبائل، خاصة قبائل طوق صنعاء، وأدى ذلك إلى انخراط كثير من أبنائها في ميليشيات الحوثي، لكن مقتل صالح على يد الحوثيين ، سيعيد خلط الأوراق وترتيبها خاصة إذا وجد من يلتقط الفرصة، بحرفية وبراعة سياسية وعسكرية كافية.. ولا بد أن الفقر والحاجة، واحتكار الموارد المالية المتاحة، من قبل الحوثيين ، لأغراضهم خاصة في الحرب والقتال ، سبب آخر لاستقطاب أفواج من أبناء القبائل الفقيرة في مليشيات الحوثي، بما يظهر تلك القبائل وكأنها متحوثة، وهي ليست كذلك في حقيقتها وعمقها وقناعتها..
وتساءل كثيرون قبل ذلك، كيف استطاع الحوثي، اجتياح مناطق شمال صنعاء، حتى اجتاح العاصمة في 2014 ، وقد حاربته تلك القبائل إلى جانب الدولة في الستة الحروب السابقة..؟ والسبب هو أن الحوثي اجتاح تلك المناطق وهو قوة عسكرية منظمة ، تملك عتادا عسكريا لا يتوفر للقبائل في تلك المناطق ، وشعرت القبائل أنها تقاتل من هو أقوى منها بكثير ، دون إسناد كاف ومنتظم من الداخل أو الخارج.. وغالبا ما أخذت تلك الحرب توصيفات ساذجة، وحتى مغرضة، باعتبارها حرب أبناء الأحمر ، أو حرب مليشيات الإصلاح مع الحوثيين .. والنتيجة معروفة بعد ذلك، وآخرها ما شهده العالم يوم أول أمس بمقتل الرئيس السابق صالح ..
خلاصة القول : القبائل لا تذعن لقبائل مثلها وفِي مستواها ، من القوة والعتاد، مهما كان الثمن، وهي قد تتقاتل مع من يماثلها سنين وعقود ولا تسلم أو تستسلم ..لكنها قد تذعن غالبا في حالة مواجهتها لدولة أو ما يشبه، وسرعان ما تأخد بحقها ، ممن استقوى عليها، عند أول سانحة، فما بالك بمن يهينها ويمعن في إذلالها ، مثلما يفعل حمقى الحوثيين اليوم، الذين أستولوا على مؤسسات الدولة وسلاحها وعتادها، وجلهم من شباب مؤدلج لم يجرب مكر التاريخ وتقلبات الزمن، وعواقب العجرفة و الظلم..!
حرب القبيلي على الدولة محال..وهذا مثل يمني سائر .. ولعله مما تبقى من الحكمة اليمانية ..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها