كيف قطف الحوثيون وإيران ثمار ثورة الشباب في اليمن ( تفاصيل صادمة)
في مطلع عام 2011م سبق شباب (( الثورة السلمية)) النخبة اليمنية وقيادة الأحزاب السياسية إلى ساحات الاحتجاجات السلمية وطالبوا برحيل النظام ووضعوا النخبة وقيادة الأحزاب السياسية أمام خيار الإنضمام للثورة الشبابية وتأييدها أو الإنضمام للنظام القائم حينها ومعارضة الثورة فكرت قيادة الأحزاب وقدرت خزنوا وطننوا ثم قرروا الإلتحاق بالشباب في ساحات التغيير فريق منهم كانوا يحاولون الإمساك بالعصا من المنتصف والإبقاء على " شعرة معاوية " مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح فكانوا في النهار ينتقدون الطاغية صالح في الساحات تشجيعا للشباب وفي الليل يذهبون إلى فخامة المشير في الرئاسية للبحث عن حل .!
كانوا يدركون بشكل أو بآخر ان انهيار نظام صالح ودفعه إلى التحالف مع الحوثيين نكاية بالقوى السياسية المؤيدة للثورة وفي مقدمتها الإصلاح سيجر الخراب على البلاد ولابد من حل توافقي يحقق مطالب الشباب في الساحات ويخرج صالح من المعادلة ببعض الكبرياء أو يبقيه في السلطات بعد تقليص صلاحياته كانت المعادلة صعبة وتحقيقها كان الأصعب وقبل ان تبادر القوى الدولية والإقليمية لاستغلال الأحداث وركوبها بما يحقق مصالحها أجندتها التي هي بالضرورة على حساب ومصالح الشعب اليمني وفي مقدمته ثوار الساحات سارعت القوى الحوثية برجل إلى الستين وساحة التغيير وأخرى إلى السبعين ودار الرئاسة . !
ما هو محل إجماع الكل هو ان الشباب كانوا على حق وان مطالبهم كانت حقوقية وعادلة ولا غبار عليها وحتى الرئيس صالح حينها خاطبهم " يا شباب الثورة " وتبنى حزمة قرارات لتهدئتهم منها توظيف أكثر 200 ألف من العاطلين ولكن ما حدث بعد ذلك هو ان القوى السياسية التي التحقت بالثورة لم تكن على قدر المسئولية بحيث تمنع القوى الامامية الحوثية من تحقيق مشروعها الصغير على حساب الوطن الكبير ولا هي قادرة على منع الاختراقات الإقليمية والدولية للأحداث ولا تمتلك مشروع استراتيجي مدروس لقيادة المرحلة لذا قادت انتهت أحداث الثورة الشبابية وما تلاها إلى عودة القوى الإمامية في الداخل ممثلة بالحوثيين والتدخلات من الخارج حيث تم وضع اليمن تحت الوصاية والفصل السابع والدول الرباعية وجاءت الحرب والخراب .
قلت سابقا أن القوى الحوثية الامامية في أحزاب المشترك وتلك التي كانت تشكل جزء من نظام صالح درست الأمر جيدا وتلقت المشورات والتوجيهات من إيران وحزب الله وقد اتفقوا على ان الثورة الشبابية هي أفضل فرصة تاريخية لتحقيق مكاسب كثيرة جدا في آن واحد حيث رأوا في ارتكاب مجزرة " جمعة الكرامة " وقتل الشباب في ساحة التغيير القشة التي ستقصم ظهر نظام صالح القائم على تحالف الضرورة مع آل الاحمر والمحتفظ بالحد الادنى من التفاهم مع القوى السياسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح هذا السقوط لنظام صالح وصراعه مع حلفاء الأمس هو ما ستجني ثمرته العصابة الامامية الحوثية مستقبلا وهو ما حدث وموخرا نشرت معلومات ووثائق تكشف عن قيام القيادي الحوثي عبد الحكيم الماوري حينها بتشكيل عصابة مسلحة للقيام بتلك المهمة القذرة وان شخصيات من الحوثيين المتخفين في الأحزاب امثال حسن زيد ومحمد عبد الملك المتوكل في المشترك ونزيه العماد وطارق الشامي وعلي وأحمد الكحلاني في المؤتمر قد قاموا بجهود كبيرة لشق نظام صالح ودق اسفين بينه وبين آل الأحمر والأحزاب السياسية وفي مقدمتها الإصلاح بحيث تؤدى هذه الجهود لدفع صالح للتحالف مع الحوثيين " اعداء الأمس " والتمكين لهم وهو ما حدث.
نحن لا نسوق هذا الحديث لتبرئة الرئيس السابق صالح من ارتكاب مجزرة جمعة الكرامة وجريمة قتل الشباب في ساحة التغيير فقد كان مسئولا عن ذلك ولكن كما يقول المثل " فتش عن المستفيد " وقد وجدنا وثائق وأدلة تدين الحوثيين الذين قاموا بالتخطيط لهذا العمل الإجرامي وشاركوا في تنفيذه.
بعد جمعة الكرامة وما تلاها من احداث تفجير جامع النهدين وهو تخطيط وتنفيذ أمريكي إيراني واضح ومكشوف واصل الحوثيون الزج بشبابهم في الساحات باسم الثورة وباسم الثورة اخرجوا شعاراتهم ومخططاتهم وبدأوا ينفذونها على الأرض .
في المجال السياسي شكل الحوثيون مجموعات " شباب الصمود " في جهة خصصوها لهم واوجدوا لهم ساحات وأقاموا فعاليات ودربوا مجموعة من الناطقين والمتحدثين واصدروا إصدارات وبدأوا بالاستقطاب والتنسيق مع الجهات والقوى السياسية وبالتواصل مع السفارات والمنظمات المدنية وباسم تشجيعهم على التحول إلى حزب سياسي امتطوا على ظهر أحزاب المشترك وقوى الثورة وشبابها لتحقيق مصالح الإنتشار كقوة سياسية تعيش أروع فرص الإنتشار والظهور تحت لافتة الثورة .
ساهم الأمريكان في دعم الحوثيين في المجال السياسي بفرض 30 مقعدا لهم في " موتمر الحوار " وإعطاء ضوء أخضر للسفارات والمنظمات لتشجيعهم على الانخراط في المجال السياسي وترك السلاح ووجدوا مصفوفة من التوجيهات والخطط الإيرانية للتحرك الفاعل كما وجدوا حفاوة كبيرة من السفارات والمنظمات في صنعاء ونالوا دعما سياسيا وماليا أكبر مما يتخيلون .
للأسف لقد حدث كل هذا بينما كانت مليشيا الحوثي تتوسع بقوة السلاح في صعدة وعمران وحجة والجوف وترتكب جرائم بشعة بحق المدنيين وتسحل خصومها وتفجر المساجد ودور القرآن وتفجر منازل خصومها وتنهب ممتلكاتها بينما قيادة الأحزاب السياسية في صنعاء رضخت لضغوط السفير الأمريكي وجمال بنعمر والسفيرة البريطانية ولم تتحرك التحرك المطلوب أو حتى تنزل إلى الشارع بقوة احتجاجا على ما ترتكبه مليشيا من جرائم التويع بقوة السلاح والتي وصلت إلى حد تهجير طلبة العلم في مركز دار الحديث في دماج أمام مرأى ومسمع العالم .!
تحرك الحوثيون بشكل برجماتي وعلى مختلف الجبهات والمحاور عسكريا وسياسيا وإعلاميا لقطف ثمرة الثورة الشبابية كانوا يدا تصفق مع الشباب في ساحة التغيير ويدا تصافح وتعاهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح وتحثه على الانتقام من خصومه وتتعهد له بالقيام بالمهمة ويدا تحمل السلاح للتوسع في صعدة وحجة وعمران والجوف ويدا تعترض وتشارك في مؤتمر الحوار ومدوا الأيادي إلى جهات كثيرة وبدعم وتخطيط من إيران وحزب الله ونالوا الكثير بفضل جهود السفير الامريكي وبنعمر والتآمر الدولي والاقليمي على اليمن وانبطاح سلطة هادي وضعف الاحزاب والقوى الوطنية ورخاوتها .
وللاسف كانت الأحزاب السياسية اليمنية ممثلة بأحزاب المشترك مخترقة من قبل الحوثيين وكان حسن زيدا ومحمد عبد الملك المتوكل من قيادات المشترك ويترأسونه لدورات كاملة تصل لأعوام وصب هذا الاختراق في مصلحة الحوثي في نهاية المطاف . !
عقد المشترك اتفاقات مع الحوثيين خدمت في الواقع الحوثيين كون هذه الاتفاقات مثلت اعترافا بالحوثيين كقوة سياسية على أرض الواقع وفي المحصلة لم يلتزم الحوثي ولو بحرف من تلك الاتفاقات التي تعامل معها تعامله مع الاتفاقات والصلح والوساطات مع القبائل عندما ينهزم فيستخدم الوساطات والصلح والمعاهدات كتكتيك مرحلي لتحقيق أهدافه والحصول على استراحة محارب ولم صفوفه ورص جبهته ومعاودة الهجوم على من اتفق معهم بالأمس . !
في تلك الفترة قدم الحوثيون أنفسهم - بمشورة ودعم ومساندة ايرانية - بصفتهم قوة يمنية فتية قادرة على محاربة القاعدة ومكافحة الإرهاب والتطرف ووعدوا الأمريكان بإغلاق جامعة الإيمان ومراكز التعليم الشرعي وتجفيف " منابع التطرف السني" وفق الرؤية الأمريكية والإلتزام بتحقيق المصالح الأجندة الأمريكية في اليمن حتى تبنى الأمريكان وقوى اقليمية ودولية التمكين للحوثيين كأقلية فاعلة ودعمهم بالمال والسلاح حتى يتمكنون من اسقاط الدولة وخلق فوضى وعدم استقرار في اليمن يتمكن من خلاله الأمريكان من تحقيق أهدافهم واجندتهم وجر المنطقة لحرب يبيعون فيها صفقات من الأسلحة وبمئات المليارات من الدولارات ويتمكنون من تثبيت وجودهم في هذه المنطقة الحيوية بالعالم.
وقبل ان تنسحب السفارة الأمريكية من صنعاء أرسلت برقية لكل السفارات تدعوهم للانسحاب من صنعاء وتحذرهم من البقاء فيها وتؤكد لهم ان الحرب قادمة لا ريب فيها وانسحبت الطاقم الدبلوماسي الامريكي من صنعاء وترك الكثير من العتاد والسيارات المصفحة والوثائق الهامة تركها للحوثيين ليستخدموها ضد خصومهم كنوع من الدعم لهم اضافة للدعم من المالي الذي كان يصلهم شهريا .
للأسف كانت النخبة اليمنية والأحزاب السياسية رخوة بحيث عجزت عن منع المشروع الامامي الصغير الذي نهض من الداخل والتدخلات الدولية والإقليمية التي جاءت من الخارج بل وسهلت لهذه المشاريع التدميرية وتم تخديرها بمؤتمر الحوار واننا في مرحلة حوار سياسي فيما كان الحوثي يتوسع بقوة السلاح الإيراني والسلاح الذي حصل عليه من الجيش اليمني وبأوامر من محمد ناصر أحمد وكانت مليشيا الحوثي تلتهم المناطق وتشق القبائل وتستقطب المشايخ والشخصيات بدعم ومساندة من مشايخ ووجهاء المؤتمر وبتوجيهات من الرئيس السابق صالح ورضا من هادي وكانت التدخلات الخارجية والاجندات الاجنبية تزداد وتتعمق والاحزاب السياسية تزداد رضوخا وسلبية وحين وقف الدكتور منصور الزنداني في مجلس النواب ضد تدخلات السفير الأمريكي وجمال بنعمر في الشأن اليمني وعارضها ودعا السفير الأمريكي لمغادرة اليمن بصفته غير مرغوب فيه أصدر الإصلاح بيانا رسميا تبرأ فيه من مطالب الدكتور الزنداني وهاجمه .!
وسازيدكم من الشعر بيت وساكشف عن سر احتفظت به لسنوات وهو انه في تلك الفترة قام وزير الدفاع سيئ الصيت محمد ناصر أحمد بزيارة إلى واشنطن لفترة طويلة تم التباحث حول " حيادية الجيش اليمني " و" ضرورة دعم القوة الفتية الحوثيين لدخول صنعاء " و التمهيد والتنسيق لها والمهم ان هناك جهة يمنية وطنية دفعت 30 ألف دولار لموظف عربي في البيت الأبيض وزودها هذا الموظف فزودها بتفاصيل ووثائق عن زيارة سيئ الصيت محمد ناصر أحمد ومضمون ما تم الاتفاق عليه ووو الخ وفي تلك الوثائق تأكد لهذه الجهة ان السيناريو القادم ان الحوثيين سيدخلون صنعاء واليمن الشمالي عموما وأجزاء من الجنوب وسيحكمون وان الجيش سيعلن الحياد و وووو الخ الخلاصة السيناريو كامل تم كشفه وأرادت تلك الجهة إيصال الرسالة للقوى السياسية وكنت أحد الاشخاص الذي اوصلوا من تلك الجهة تقريرا فيه خلاصة ما سيحدث واوصلته لقيادة الاحزاب السياسية ومنها ( الإصلاح- الرشاد) وحذرتهم ولكنهم لم يصدقوا ولم يستوعبوا الأمر ونصحتهم مع اخرين مايزالون أحياء ولكنهم لم يكونوا على قدر المسئولية حتى أنهم بعد الحاح شديد ومن باب الاحتياط جمعوا بعض الوثائق والأوراق الهامة وارسلوها في سيارات وعلى دفعات إلى منطقة مأمونة وظلوا ينتظرون المصير على قاعدة " ما بدا بدينا عليه " . !
يومها كتبت تحليلات ومقالات فيها السيناريو الكامل لما سيحدث بصفتها رؤية استشرافية وسربت معلومات هامة جدا للصحافة ولكن لم تتنبه قيادة الاحزاب السياسية المحسوبة على الإسلاميين المستهدفة قبل أية جهة أخرى ولم تتخذ أية إجراءات حقيقية لحماية قياداتها وافرادها وطواقمها الإعلامية وكأنهم يعتقدون ان الحوثي سيأتي صنعاء للتسوق او للتنزه ثم سيعود إلى صعدة . !!
الخلاصة:
لم يكن اي حوثي يجرؤ على رفع رأسه في صنعاء او الجهر بشعاراتهم وأفكارهم وبعد ثورة الشباب السلمية دخل الحوثي بحماره بل بحميره كلهم واخذ الجمل بما حمل وقام بالافراج عن شبكة الجواسيس الايرانيين الذين كانوا في سجن الأمن القومي بصنعاء وارسلهم الى إيران معززين مكرمين ثم تفاخر مسئول إيراني في طهران بسقوط صنعاء العاصمة العربية الرابعة في قبضة إيران وصارت صنعاء محطة جديدة للخبراء والمستشارين الايرانيين وارسلت إيران طائرات وسفن محملة بالأسلحة إلى الحوثيين في اليمن وصار لها مكانا في خاصرة الخليج العربي وصارت تستهدف من اليمن دول الخليج وفي مقدمتها السعودية بالصواريخ والقذائف وصار مضيق باب المندب تحت السيطرة الحوثية الإيرانية كما صارت خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر في مرمى صواريخ وقذائف أدوات إيران " الحوثيين " ويوم هدد قاسم سليماني باستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر استهدف الحوثيون على الفور نافلة النفط السعودية كترجمة عملية لذلك التهديد الإيراني لقد تعززت مكانة ايران في الشرق الاوسط بسقوط اليمن ضمن دائرة نفوذها وكسبت ورقة سياسية وعسكرية جديدة وقطفت مع الحوثيين ثمار ثورة الشباب السلمية عام 2011م بينما كانت قيادة الأحزاب السياسية اليمنية قد انكشفت تماما وظهر عجزها وضعفها ومدى قابليتها للاختراق وللرضوخ للضغوط الخارجية التدميرية فسمحوا بتمدد المشروع الامامي الحوثي في الداخل ورضخوا للتدخلات الدولية والإقليمية من الخارج حيث تم وضع اليمن تحت وصاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن والفصل السابع والرباعية وهم صامتون فكانوا أول الضحايا لكل الأطراف المتآمرة من الداخل والخارج ثم صار الشعب اليمني بعد ذلك الضحية الأكبر لكل ما حدث .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها