سدود مأرب
كانت مأرب صحراء قاحلة يضرب فيها الجهل خيامه، ويستنزفها الثأر والخلاف، ويجيد الساسة التحكم بهذه اللعبة والعبث بخيوطها، الى أن حدث في تلك البقعة الموحشة من اليمن تغير جدير بالاهتمام؛ عندما قرر بعض رجالها إحداث تغيير فيها، وتحويلها الى أرض تزرع فيها قيم الخير ونور العلم الذي يشع من قناديل الوسطية وارساء القيم الوطنية.. ومأرب أرض خصبة لذلك، فعمل الشيخ الجليل علي بن مبخوت العرادة ومعه فئة من العلماء والدعاة على حرث الصحراء ووضع بذور تلك القيم وتعهدها وسقيها بالجهد والعرق حتى أنبتت وأثمرت..
منذ نهاية السبعينات في القرن الماضي وجهود تلك الفئة وأثرهم ظاهر للعيان عندما استجابت فطرة البدوي المعجون بالكرم والشهامة والأصالة مع قيم الاسلام النقي لتكون دوحة خضراء على الرمال..
لم يكن في مأرب سد واحد بل كانت فيها سدود وحواجز، ولإن كان السد العظيم هو من يحمي مارب من الغرق ويمدها بالحياة فلقد كان علي بن مبخوت العرادة ومع تلك الثلة النقية ومنهم سعيد بن عبد الرحمن سهيل الذي تودعه مأرب اليوم ليلحق بشيخ الدعاة وحكيم المناضلين العرادة فقد كانوا هم ايضا سدا لايقل منعة وتحصينا لمأرب وأجزاء واسعة من اليمن تقيها الشرور عن سدها..
إن روح المشروع الوطني التي تحلق في سماء مأرب التي تكونت بها نواة الدولة ورأس الحربة في مواجهة الإنقلاب لم تتخلق فجأة، أو تشكلها الصدف، إن مئات الألوف من المشردين الذين ضمهم صدر مأرب الفسيح ليجدوا فيها وطنهم لم يأت من الفراغ بل هو بجهد وعرق من العمل الوطني الذي لايكل ولا يتوقف..
رحل اليوم أحد الزراع الذين تركوا أثرا كبيرا في كل تفاصيل الحياة في مأرب وما جاورها، رحل سعيد سهيل بعد جهد وجهاد وعمل مع رفاقه يشبه الى حد كبير ماقام به الشيخ عبدالله بن ياسين والشيخ يحيى ابن ابراهيم شيوخ المرابطين في صحراء المغرب الذين استطاعوا لملمة شتات القبائل وتوحيدها على مشروع جامع أقام دولة كانت ملء سمع وبصر العالم..
كانت ثمار المشروع الذي غرس في مأرب واضحة جلية في كل المواقف، هو مشروع بلون وطني يتجاوز كل العصبيات قبلية أو سياسية أو طائفية مشروع يمني خالص ينتمي الى محيطه العربي والإسلامي ويرفده ..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها