اليمن على أعتاب مرحلة جديدة
الدولة ذلك السراب الذي كلما جئناه لم نجده شيئا وجدنا الحروب تشتعل ..يتقاتل اليمنيون وهم لا يعلمون لماذا يتقاتلون وجدنا الأزمات تفتعل واحدة تلو اخرى..الدولة ذلك الحلم الذي تبدد وانزوى الى اسرة إلى فرد يأمر وينهى ..فأصبحنا أفقاً مهاجراً للفقر والبطالة .وبقدر ما كانت اللحظة السبتمبرية والاكتوبرية أحداثاً تاريخية لطي نظام حكم كهنوتي في الشمال ومستعمر اجنبي محتل في الجنوب..كانت اللحظتان خطوة متقدمة في سبيل البحث عن الدولة أو مشروع الدولة..ويمكن القول ان ثوار اللحظتين كانوا يكنون لليمن كل الحب والاخلاص..لكن كان ينقصهم مشروع حكم يتبلور.وظل حلم (الدولة الوطنية)مرهوناً بأشخاص تحكم وتسيطر بمنأى عن دولة المشروع أو مشروع الدولة..فأصبحت الارادة السياسية بعيدة كل البعد عن ارادة ايجاد دولة ..وبدل ان يتمثل الناس للقيم المدنية التي يجب ان تنبثق من مشروع الدولة..ويرتبطون بمؤسساتها،صاروا يتمثلون قيم وانتماءات ما قبل الدولة،عدالة القبيلة وكهنوت العادات والتقليد ..والذي كان المعول عليه ان يجد سلطة الدولة اصبح يخضع ويتماشى مع قانون القبيلة..الدولة لم نر لها وجوداً في الحكم السابق،لم نلمس ان هناك كياناً يعمل لإطعامنا من جوع وتأميننا من خوف،بقدر ما كان هو نفسه يصنع الغاز لتأجيل الدولةوهو الخوف الذي داهمنا وداهم حياتنا ونحن لا نعلم..قصة مضحكة ومحزنة في الوقت نفسه ،ان نظل ما يقارب نصف قرن نبحث عن(الدولة)ذلك الحلم الميئوس منه..نماذج حكم تعاقبت علينا قالت انها تعمل على أن نكون..فلم نكن؟استحوذت وتملكت كل ما وصل اليها ،اجهزت على تراكمات الامس..ادعوا الوطنية ,فدفع الوطن ثمن خلافاتهم السياسية..دفع الوطن ثمن شهوة السيطرة والاستحواذلديهم جهل،امية،فقر بطالة..الخ ندفع ثمن ثقتنا العمياء لمن لا يعرف،لمن استأمناه على وطن ليبني لنا دولة فصادرها،ليحافظ على ثرواتنا فنهبها..نماذج سيئة كانت كفيلة ان تصنع سوء ظن بمن سيأتي بعدها ، لكن قد نجد مفارقات كبيرة حينما تعلم ان هناك اشخاصاً بمفردهم أسسوا دولاً ,كالمهاتما غاندي الذي وضع الاساس السلمي والتسامح الديني والسياسي للدولة والشعب الهندي ..متجاوزاً التعدد والتنوع الديني والطائفي والعرقي ..لتعيش كلها تحت التسامح ومظلة الدولة..وعليه اصبحت الهند اليوم من نمور آسيا,وعلى مشارف صناعة التحول في النظام العالمي..كذلك(مهاتير محمد)مؤسس الدولة العصرية والذي انقذ ماليزيا من الانهيار..وهي اليوم من رواد التكنولوجيا العالمية..عمر هذه النماذج التي ذكرناها اقل من عمر اليمن في سبيل البحث عن(الدولة) .. اشخاص كانت لديهم بصمات واضحة في بناء الدول ونقلها الى مربع التنافس العالمي ، وهذا ما يجعلني اصف النماذج التي تعاقبت على حكم اليمن انها سيئة وجاهلة وبلا رؤية وارادة لبناء دولة وبقدر ما كنا ضحية لجهلها..كنا ضحية لمشاريعها النابعة من اهوائها الذاتية..وباستحضاري تلك النماذج المشرقة في تأسيس الدول ..أؤكد اننا قادرون على بناء دولة مادمنا نملك العزم والارادة والرؤية لما ستكون عليه دولتنا القادمة..ومهمة الرئيس عبد ربه هو استعادة تراكم بقايا الدولة.وحل كافة الاوضاع والمشاكل التي تقف امام بناء الدولة..فإن نحن خسرنا هذه اللحظة التاريخية فتلك كارثة على اليمن..ولكن يمكن القول: اليمنيون اليوم على اعتاب مرحلة جديدة..ويجب ان يدركوا ماذا يريدون؟فإلى القيادات العسكرية والأمنية هل تدركون ماذا نريد؟نريد دولة ..والى كل الشرائح الاجتماعية التي ستشارك في الحوار الوطني ..اتدركون ماذا نريد نريد دولة ,وكل إدراك وفعل لا يصب نحو ذلك فهو هراء..فالثورة كانت آخر تقاليعنا لنبدأ الذي نريده..والوطن هويتنا ..شاطئنا الذي نرسو عليه..في اليمن نور لا يخبو ..وأمل لاتنطفىء جذوته ..فما الذي يمكن ان نختلف عليه.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها