بعيدا عن السياسية قريبا منكم.. الدكتور عبد السلام الجوفي انموذجا
قليلون ممن يتقلدون وظائف كبيرة في العمل الرسمي والسياسي ثم يتركون هذا العمل في قمة عطائهم للتفرغ للعمل الخيري والمدني أو التعليمي والتربوي .
هناك نماذج قليلة في العالم العربي يمكن ان يشكل الرئيس السوداني الأسبق سوار الذهب الانموذج الابرز والمشرق في هذا الإطار كذلك فعلها مؤخرا الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي وجسد التداول السلمي للسلطة لكن ميزة سوار الذهب انه جنرال عسكري ترك السلطة في زمن تحجر فيه الكثير من الزعماء العرب فوق الكراسي وحينها كسر سوار الذهب هذا الواقع السائد وسلم السلطة للمدنيين السودانيين بعد ان انجز الدستور وقدمه للشعب السوداني وعاد ليعمل في المجال الخيري من خلال " منظمة الدعوة الإسلامية " يبني المدارس والمساجد والمستشفيات ويحفر الآبار ويكفل الأيتام ويطعم الجياع انجازات كبيرة حققتها هذه المنظمة في أفريقيا منذ تولاها سوار الذهب .
من وجهة نظري تشجيع السياسي على ترك السياسية والعودة للعمل المدني والخيري أمر في غاية الأهمية حتى تدرك الشخصيات العامة أن العمل المدني والخيري والتربوي يستحق منها تركي الكرسي الفخم في الدولة ومغادرة المنصب البارز في الحزب بل هو قرار مصيري يضع هذه الشخصيات في سجل الخالدين ويضاعف ارصدتها في خدمة أمتها وبلدها ويكسبها المتعة والسعادة بعيدا عن المماحكات والمكايدات وفن الممكن والحرب الباردة التي تجري وراء الكواليس والصراع المحتدم خلف الستار .
كما أن ترك العمل السياسي ليس نهاية العالم بل قد يكون بداية عهد جديد من الانطلاق والتألق والتميز والإبداع .
على الصعيد الشخصي ترددت كثيرا في الكتابة عن مسئول يمني سابق صار منذ سنوات يغرد خارج سرب المكايدات السياسية والمزايدات الحزبية فبعد أن تقلد منصب وزير في الدولة وقيادي بارز في الحزب الحاكم ترك كل هذا ورحل قبل أن تطلق المدافع قذائفها وقبل أن تندلع الحرب ليعمل خارج بلده بصمت وتفاني فيما ينفع الناس في مجال التربية والتعليم .
ترددت في الكتابة عنه لشعوري أنني لن اوفيه حقه ولكنني بعد التردد الطويل قررت أن اتصالح مع ضميري واكتب عن الدكتور عبد السلام الجوفي الاكاديمي المخضرم ووزير التربية والتعليم السابق الذي ترك العمل السياسي والرسمي في اليمن منذ عام 2012م واتجه للعمل في " مكتب التربية العربي لدول الخليج " وهي من وجهة نظره الموسسة الرائدة و النموذج للعمل المشترك وما يزال مستمر وسعيد فيه ويخدم بلده اليمن من خلاله .
ومن خلال هذا المكتب يبذل الدكتور الجوفي منذ 6 سنوات جهودا كبيرة في سبيل تطوير التعليم ومعالجة قضاياه ومشاكله حيث يشارك في الموتمرات والندوات ويقدم الأبحاث والرؤى والدراسات ويجد المتعة والسعادة في هذا العمل الذي هو بعيدا عن السياسة قريبا من الناس وخصوصا الأجيال الشابة وقد نفى مؤخرا أن يكون قد تم تعيينه في اي منصب رسمي كمت روجت بعض المواقع الإخبارية مؤكدا تفرغه التام للعمل التربوي .
ولا يختلف معي أحد ان معالجة قضايا التعليم والنهوض بواقعه يخدم الأجيال العربية ويبني الأمة باعتبار التعليم مفتاح النهضة والركيزة الأولى للتقدم والرقي وتجارب الشعوب والدول في هذا الإطار اكبر من أن تحصر .
ولا يعني ابتعاد الدكتور الجوفي عن السياسة انه لا رأي له فيما يحدث بل له آراء ومواقف في كل الأحداث التي شهدتها اليمن فمن يتابع صفحته في الفيسبوك يجد أن قلب هذا الإنسان يعتصر ألما لما تعيشه اليمن من حروب ومآسي ولما يتعرض له الانسان اليمني من محن وكوارث وينشد السلام والاستقرار لوطنه حيث ينشر دوما رؤى ومقترحات ووجهات نظر في هذا السياق ولنقتطف للقراء على سبيل المثال ما كتبه بصفحته في 28 أبريل نيسان 2018م حيث وصف منشوره بأنه " وجهة نظر من خارج الصندوق " قال : " لم يعد لي اي ارتباط حزبي لكن هذا لا يلغي أن لي رأي في الأحداث :
لا يستطيع حزب الموتمر إنكار خلافاته وتحديات حقيقية تهدد ليس حجمه لكن وجوده ولايستطيع حزب الإصلاح إنكار ازدواج خطابه وفجوة التفكير بين القواعد والقيادة مالم تعالج المشاكل البنيوية للأحزاب الكبيرة فإن كثير من التناقضات، ازدواج المواقف والتحول من الاسترتيجيا إلى التكتيك سيكون عنوان دائم للمشهد كما هو حاصل اليوم كنوع من الهروب من مواجهة التحديات الحقيقية وصناعة مبررات لإقناع القواعد بسلامة الموقف .والباقي عليكم... انتهى.
ومن وجهة نظري فما كتبه الدكتور الجوفي رغم قصره يلخص الواقع السياسي اليمني فهو ليس نقدا سياسيا مباشرا بقدر ما هو وجهة نظر مثقف ينظر للأحداث بنظرة بعيدة واستراتيجية .
شخص الأخطاء من وجهة نظره واقترح العلاج ولكن متى كان السياسي يستمع للمثقف والأكاديمي ؟!!
تحية للدكتور عبد السلام الجوفي ولكل من يسخر جهوده بتفاني واخلاص لخدمة بلده وأمته في اي مجال وميدان .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها